لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

كي لا تكون مصر "وسية"

كي لا تكون مصر "وسية"

12:08 م الأربعاء 30 أكتوبر 2013

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم – د. ياسر رجب:

كي لا تكون مصر "وسية" يجب أن تعلم أن الدستور عقد اجتماعي بين الحاكم والمحكومين, عقد ارتضى فيه الشعب بتسليم بعض السلطات والاختصاصات للحاكم ليمارس دورا تنظيميا سياسيا قانونيا، ليتخلص الشعب من الفوضى القديمة التي كان الفرد يمارس سلطاته دون رقابة من سلطة الجماعة التي يجسدها ويمثلها الحاكم، ولضمان ألا يتوغل الحاكم في أن يستبد أو يخفى عن محكومية معلومات هم أصلاء في معرفتها أو بيانات هم الأجدر بسبر أغوارها .

كي لا تكون مصر "وسية" يجب أن تعلم أن التوجه العالمي- السياسي عامة والقانوني خاصة- الى قوانين تداول المعلومات التي تعد نقلة كبرى على الصعيدين السياسي والقانوني بل هي في الاصل تعد حقا من حقوق الانسان وفى اعتقادي انها من حقوق الجيل الرابع التي تحققها الدول بعد تقدمها كمثال الحق فى الثقافة وفى البيئة النظيفة.

وبالتسليم بما سبق يعد الحق في الحصول على المعلومات أو حق تداولها حقا دستوريا أصيلا.

كي لا تكون مصر "وسية"، يجب أن تعلم أن أهمية تلك القوانين تتأتى من افادتها للمواطن العادي، والباحث والصحفي والإعلامي وغيرهم؛ ففي دول العالم المتمدين، يمكنك أن تتبع مسار الضريبة التي ألزمتك بها الدولة داخل دهاليز جهازها الإداري المعقد، ويمكن للأكاديمي أن يؤسس أبحاثه على صحيح من البيانات وللصحفي والإعلامي أن يخاطب الرأي العام بصحيح من الفهم والوعى.

ولكن قد يقابل الحق في المعرفة المعلوماتية بمزيد من الاعتراض خاصة من المؤسسات النظامية والمؤسسات الحساسة، ولأجل مثل تلك الاشكالية شهدت الجلسة العامة للجنة الخمسين لتعديل الدستور خلافاً حاداً، حول المادة الخاصة بحرية تداول المعلومات، حيث قالت مصادر إن ممثلي القوات المسلحة وعددا قليلا من أعضاء اللجنة، ومنهم ممثل النور، يطالبون بإضافة الأمن القومي لنص المادة، فيما يرفض أغلب أعضاء اللجنة إضافتها، وكادت الخلافات أن تؤدى إلى انسحاب ممثل القوات المسلحة اللواء مجد الدين بركات.

كي لا تكون مصر "وسية" يجب أن تعلم أنه لحل تلك الاشكالية يمكن الموازنة بين حق الفرد المحكوم في المعرفة وحق المؤسسة –عسكرية أو غيرها- في حفظ الأمن القومي بالاستعانة بالكفاءات الدستورية –داخل لجنة الخمسين أو خارجها- أو من ناحية أخرى الاستعانة بصديق وهو القانون الأردني المعروف بقانون ضمان الحصول على المعلومات لسنة 2007 حيث ينص في المادة 13 منه كالتالي:

مع مراعاة احكام التشريعات النافذة، على المسؤول أن يمتنع عن الكشف عن المعلومات المتعلقة بما يلي :

أ. الأسرار والوثائق المحمية بموجب أي تشريع آخر.

ب. الوثائق المصنفة على أنها سرية ومحمية والتي يتم الحصول عليها باتفاق مع دولة أخرى.

ج. الأسرار الخاصة بالدفاع الوطني أو أمن الدولة، أو سياستها الخارجية

وبغض النظر عن أسبقية الأردن في إقرار قانون ضمان الحصول على المعلومات إلا أن الامل معقود على لجنة الخمسين أن تسطر نصا دستوريا يمنح الفرد حقه في المعرفة المعلوماتية بلا لبس أو غموض أو تردد كي لا يتم منحه نظريا ويسلبه القانون عملا وفعلا.

من وجهة نظري، يمكن الموازنة بين الإقرار الصحيح لقانون تداول المعلومات والأمن القومي من خلال توضيح المقصود بالأمن القومي في قانون أساسي (والقانون الأساسي قانون في مرتبة وسطى بين الدستور والقانون العادي) كي يتم تحصينه ضد الإجراءات العادية الخاصة بتعديل القانون العادي.

فيا من تكتبون العقد الاجتماعي الجديد نريد أمنا قوميا، لكننا من ناحية أخرى نريد أن نعلم كيف تدار دهاليز الدولة المصرية ومؤسساتها كي لا تتحول إلى عزبة يتصرف ناظرها كما يحلو له، فنحن فلاحيها وصناعها ومثقفيها وصانعي قرارها وثوارها وأبناءها لا نريد تكرار مسلسل "الوسية".

لا نريد التعتيم بل نريد الشفافية. لا نريد أن يعلم العالم كله عن أمرنا كل شيء ولا يعلم المواطن البسيط في قرى الدلتا ونجوع الصعيد عن عزبته –أقصد بلده- إلا ما يريده الحاكم بأمر الله.

لا نريد الضبابية بل نريد المكاشفة، إن كنا سنجوع نريد أن نعلم، إن كنا نقترض نريد أن نعلم بكم وما الثمن؟، إن كانوا هربوا بالأموال نريد أن نعلم كمية ما هربوا به وكيفية تتبع الأموال والأشخاص، نريد أن نعلم من قتل؟ من اتصل؟ أين أموال الضرائب؟ من زاره في سجنه؟ من عقد صفقة معه؟ ما راتبك؟ ما راتب وظيفة رئيس الجمهورية أو رئيس الوزراء؟

لا نريد أن نساق فكريا ومعلوماتيا كالقطيع نريد أن نعلم، أن نفهم، أن نحلل ونصارح فالجمعية العمومية للدولة المصرية تريد أن تكون في الصورة مع مجلس إدارة الدولة المصرية بلا إخلال بالأمن القومي.

 

لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا

إعلان

إعلان

إعلان