لم يتم العثور على نتائج البحث

إعلان

أيام رهيبة قد تأتى

أيام رهيبة قد تأتى

03:06 م الجمعة 30 سبتمبر 2011

جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع

بقلم - د. وحيد عبدالمجيد:
لا يتطلب الأمر استطلاعاً للرأى العام على أسس علمية صارمة لمعرفة أن المزاج السائد فى المجتمع يميل إلى التشاؤم بعد أكثر من سبعة أشهر على إسقاط رأس النظام السابق. غير أنه بمنأى عن التشاؤم والتفاؤل اللذين قد يتأثران بالحالة النفسية، تبدو السيناريوهات السيئة المحتملة أكثر من تلك التى تعتبر جيدة أو معقولة.

فلم يحدث تقدم ملموس خلال ما مضى من المرحلة الانتقالية، حيث اقترنت كل خطوة إلى الأمام بأخرى أو أكثر إلى الوراء. وعندما يتزامن فراغ أمنى مع مثله على مستوى المؤسسات فى لحظة ثورية، يتركز الحراك السياسى والاجتماعى كله فى الشارع. وعندما يختلط الحابل فى هذا الحراك بالنابل ولا تعالج تداعياته أولاً بأول، يسود ضباب كثيف يحجب النظر ويسد الأفق، فيتوقع الناس الأسوأ بأكثر مما ينتظرون الأفضل.

وكثيرة هى فعلا السيناريوهات السيئة التى تثير القلق بدءا بحدوث صدام ما، قبل أن يحل موعد الانتخابات البرلمانية فيتعذر إجراؤها بالرغم من بدء الاستعداد لها، وانتهاء بإجراء هذه الانتخابات فى ظروف وأجواء غير ملائمة فتخلق أزمة جديدة بدلاً من أن تكون حلا للأزمات التى تراكمت فى الفترة الماضية.

فأما التعثر فى الطريق إلى الانتخابات، فهو يبدو نتيجة محتملة للاحتقان الذى أنتجته أخطاء المرحلة الانتقالية وإطلاق بعض الأطراف العنان لغرائزه السياسية والأيديولوجية فى لحظة تشتد الحاجة فيها إلى العقل.

وقد يحدث التعثر فى الطريق إلى الانتخابات نتيجة تداعيات أحداث تبدأ بصدام يقع خلال أو بسبب فعاليات أحد أيام الجمعة أو فى التعامل مع مظاهرات هنا أو هناك وتصعب السيطرة عليه.

كما قد يكون هذا التعثر بسبب تجدد الصراع حول مسألة الدستور بين من يريدون مبادئ حاكمة له وصيغة محددة لطريقة تشكيل الجمعية التأسيسية التى ستضع مشروعه، ومن يرفضون ذلك ويصرون على حق البرلمان المنتخب فى هذا كله. ولأن الوضع لا يزال ضبابيا فى هذا المجال، وفى ظل تجدد الجدل حوله قبل أيام، وإزاء عدم حسم مصير الوثيقة التى كان د.على السلمى شفاه الله قد حاول إيجاد توافق يبدو مستحيلا عليها، يظل الصدام حول إعلان دستورى جديد محتملا ومنذرا بأيام أصعب من أى وقت مضى منذ اندلاع الثورة. وإذا حدث ذلك وأدى إلى تعذر إجراء الانتخابات وبالتالى تجاوز الإعلان الدستورى القائم، ربما تكون هذه الأيام الصعبة رهيبة حقا.

ولا يقل خطراً عن هذا السيناريو إجراء الانتخابات فى موعدها، ولكن فى أجواء متوترة وفى غياب ضمانات كافية لسلامتها وحريتها. فالملاحظ أن التوتر فى الحياة السياسية، كما فى المجتمع، آخذ فى ازدياد يوما بعد يوم ومقترن بعشوائية غالبة فى ساحة سياسية مضطربة وأوضاع اجتماعية محتقنة.

ولا يخفى أن نظام الانتخاب الجديد المعيب والمعقد قد يجعل العملية الانتخابية مرتبكة ونتائجها غير معبرة عن الإرادة الشعبية، وربما ينذر بإطلاق عنف مجتمعى شديد فى لحظة فراغ وانفلات أمنيين.

وقد تصبح قوة السلاح والمال والبلطجة والعصبيات هى سيدة الموقف فى الدوائر الفردية الجديدة الأكبر حجما مما كانت عليه فى نظام الانتخاب الفردى منذ ١٩٩٠ وحتى ٢٠١٠، وخصوصا بعد منع الأحزاب السياسية من تقديم مرشحين فيها وفق التعديل الأخير.

وقد يخلق نظام الانتخاب الجديد المعيب نوعا جديدا من العصبيات لأنه يضع أبناء دوائر متجاورة فى مواجهة بعضهم البعض حين يجمعهم فى دائرة فردية واحدة كبيرة.

وليست هذه إلا عينة من سيناريوهات سيئة محتملة يحمل كل منها فى طياته أياما صعبة. ولكن أكثر هذه الأيام صعوبة قد تأتى إذا تحالفت أحزاب وقوى النظام القديم وأجهزته الباقية على حالها أو العائدة «على قديمه».

فقد نُفاجأ فى هذه الحالة بفوز القوى المضادة للثورة بمرشحيها المستقلين ذوى النفوذ وأحزابها الجديدة فى الانتخابات على نحو يقلب الأوضاع. صحيح أن هذا السيناريو ليس مرجحا، ولكنه ليس مستبعدا لأن بعض قوى النظام القديم يستعد بجدية شديدة للانتخابات باعتبارها المعركة الفاصلة ضد الثورة بعد أن أصبح نظام الانتخاب أكثر ملاءمة لهم بتعديلاته الأخيرة التى صدرت رسميا الثلاثاء الماضى.

ويحدث ذلك فى الوقت الذى يلهو فيه بعض خصومهم، ويظنون أن الساحة صارت خالية لهم. وإذ يغفل هؤلاء فى عليائهم ما يحدث على الأرض، فهم يساعدون قوى النظام القديم فى سعيهم إلى العودة. وما أدراك ما «الفاشية» إذا أُقصيت من السلطة ثم استعادتها عبر انتخابات تتيح لها ادعاء أنها حصلت على تفويض شعبى يجيز لها الانتقام. وإذا حدث ذلك، ستكون حقا أياما رهيبة يتضاءل مقارنة بها كل ما يعانيه المصريون فى أيامنا الصعبة الراهنة.

اقرأ أيضا:

مغامراتى فى حدائق المنتزه

إعلان

إعلان

إعلان