خطيب الجمعة بالأزهر: الانسياق وراء البعض لزعمهم الحصول على أرباح كبيرة من دروب الطمع
كتب- محمود مصطفى:
قال الدكتور عبدالمنعم فؤاد، المشرف على الأروقة الأزهرية، إن المولى عز وجل شرع لنا العمل وأٌمرنا بالسعي والكسب الحلال، وكره البطالة والتعطل في العمل، إلا من حبسهم عذر كمرض ونحوه.
وأضاف خلال خطبة الجمعة بالجامع الأزهر حول "الضوابط الشرعية لطلب الرزق"، أن الله تعالى جعل الأرض مذللة للإنسان في طريق البحث عن رزقه وسخر له كل ما يسهل له هذا السبيل المشروع، الذي جعله الله عماد الحياة "هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ"، وهذا الأمر تأكيد على أهمية العمل وقيمته، وبيان لأهمية الكسب المترتب على هذا العمل ومدى فائدته على الفرد نفسه من حصوله على مقومات الحياة، والفائدة على المجتمع ككل من اكتمال دائرة العمل فيعم النفع على الجميع وتستمر الحياة بشكل منضبط، وتتحقق به الغاية القصوى التي حث الله من أجلها على العمل وهي: أن ينفق الرجل على من يعول وأن يعف عن السؤال فيحفظ مرؤته، وأن يبذل في الخيرات والنفع العام لوطنه ولأمته.
وتابع:"لما كان السعي في طلب الرزق مشروع بل وواجب، فقد بين الحبيب المصطفى ﷺ إن أفضل طرق هذا السعي ما يباشرها الإنسان بيده، فيما رواه البخاري في الصحيح "ما أكل أحد طعامًا أفضل من أن يأكل من عمل يده، وكان نبي الله داود يأكل من عمل يده"، لهذا كان الأنبياء -عليهم السلام- وهم صفوة الخلق يأكلون من عمل يدهم، سواء كان عمل الإنسان عند الغير، وجعل الله لطلب الرزق ضوابط شرعية، سواء كان تجارة أو صناعة أو زراعة مما يقوم عليها الإنسان بنفسه، فحرم أكل مال الناس بالباطل وأن يجور أحد على الأخر، بل لقد ذهب الشرع إلى ما هو أبعد من ذلك في طلب الرزق وهو أن يقصد الرجل من عمله الثراء والمال الوفير شريطة أن يكون الحصول عليه بالطرق المشروعة، لأن المال هو عصب الحياة ويستخدم في نماء البلاد وتقدمها، لذلك قال النبي ﷺ "نِعْمَ الْمَالُ الصَّالِحُ لِلرَّجُلِ الصَّالِح" وهو مدح وثناء للأثرياء وليس للثراء في حد ذاته وإنما لهؤلاء الأغنياء الذين يكتسبون من حلال وينفقون في الخيرات.
وأضاف فؤاد، أن من ملك مال ولم يكن لديه القدرة على استثمار هذا المال بنفسه، فعليه أن يبحث عن الطرق الشرعية والقانونية التي تحفظ له ماله، وألا يتسرع في دفع أمواله لمن لا يحسن استثمارها أو من يخادع الناس، وأن يقتلع الإنسان من داخله نوازع البحث عن الطرق الكسب السريع والسهلة في طلب الرزق، ويستبدلها بالبحث عن الكسب الحلال والأمن الذي فيه النفع لنفسه ولمن يعود دون الضرر بالمجتمع ولا تؤثر عليه سلبًا.
وقال إن الانسياق وراء البعض لزعمهم الحصول على أرباح كبيرة، هو درب من دروب الطمع وحالة تفقد صاحبها العمل وفق الضوابط الشرعية في طلب الرزق، قد تصل بصاحبها إلى مرحلة الطمع وعدم الرضا وهو أخطر الأمراض التي تواجه الفرد والمجتمع في سبيل حصوله على الكسب فتصرفه عن الطرق المشروعة والمباحة في طلب الرزق.
فيديو قد يعجبك: