هل تحل 100 مليون جنيه أزمة أطفال الشوارع؟
تقرير ـ هاجر حسني:
أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال كلمة مسجله له للشعب، الأحد الماضي، أنه تم تخصيص مبلغ 100 مليون جنيه لاحتواء مشكلة أطفال الشوارع، حيث أثنت المنظمات المعنية بحقوق الطفل على الأمر ولكن ظلت الآلية الخاصة بتوظيف هذا المبلغ لاستخدامه بالطريقة المُثلى غير واضحة، خاصة وأنه لا يوجد احصائية محددة بعدد أطفال الشوارع في مصر، حيث قالت هيئة الأمم المتحدة للطفل "يونيسيف" إن عدد أطفال الشوارع في مصر بلغ 2 مليوني طفل، بينما جاء في احصائية المجلس القومي للطفولة والأمومة أن عدد الأطفال يبلغ قرابة 16 آلف طفل.
مدينة متكاملة
قال محمود البدوي، رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث، إن المبلغ المخصص قرابة 148 مليون وليس 100 مليون فقط، هم 100 مليون من صندوق تحيا مصر بالإضافة إلى 48 من صندوق دعم الجمعيات الأهلية، مؤكدا أن هذا المبلغ سيكون كافيا لعمل ما يشبه بالتجربة على بعض الأطفال وإذا نجحت سيتم تعميمها لاحقا للقضاء على الظاهرة تماما.
وأضاف البدوي لمصراوي، أن الخطة التي تم وضعها من قبل 18 منظمات حقوقية عاملة في مجال حقوق الطفل ووزارة التضامن ومنظمة اليونيسيف، تقوم على تقسيم المنظمات إلى 3مجموعات وكل مجموعة تضم 5 منظمات كل منها لها طبيعة عمل مختلفة بحيث تصبح كل مجموعة تقدم عدد من الأنشطة المختلفة عن المجموعات الأخرى، لافتا إلى أن هذه الفكرة جاءت لتلغي العمل في جزر منعزلة لكل منظمة على حده، وحتى تنتج خدمة بشكل جيد تحقق الإفادة للأطفال.
وأشار البدوي، إلى أن الأموال التي كانت تخصص دائما لحل مشكلة أطفال الشوارع لم تكن تصل إلي الطفل بشكل صحيح، ولم تحقق النجاح المنشود، كما أن قراصنة التمويلات تربحوا بشكل كبير من الأمر، مؤكدا أن الخطة التي تم وضعها تجعل من الجهاز المركزي للمحاسبات رقيبا عليها، وهذا يعطي مؤشر أنه لن يحدث تلاعب بالأموال.
وأوضح البدوي، أن الخطة تستهدف تجديد الأنشطة التي من خلالها تستطيع التعامل مع المشكلة وذلك لعدم تكرار تجارب المأوى النهاري الذي كان يخدم الطفل بالنهار ويقدم لهم الطعام والشراب والخدمات الصحية فقط ثم يعود مرة أخرى للشارع أثناء الليل، ولكن الخطة الجديدة تتيح إعادة دمج وتأهيل الطفل داخل أسرته إن أمكن.
وتابع، أن الخطة تحتاج للتنفيذ وقت يتراوح من 3 ـ 5 سنوات للعمل على العدد المعلن لأطفال الشوارع وهو 16 ألف طفل، مشيرا إلى أن التكلفة التي تحتاجها المنظمات للقضاء على المشكلة بأكملها لم تحدد بعد، فالطفل الواحد يكلف جمعيات المأوى من 20 إلى 24 ألف جنيه في السنه الواحدة.
وعن التحديات التي من الممكن أن تواجه تنفيذ الخطة، قال البدوي إن نقص الوعي المجتمعي بالمشكلة ورفض الأطفال لترك حياة الشارع لما بها من مغريات كثيرة، بالإضافة إلى ضعف التواصل الإعلامي واهتمامه بالمشكلة تُعد هي أبرز هذه التحديات.
ولفت إلى أن الخطة لن تعمل فقط على الأطفال الذي أصبح الشارع واقعهم، ولكن سيكون هناك جزء منها خاص بالتوعية والحماية للأطفال المعرضين للخطر داخل أسرهم، من حيث تعرضهم للعنف أو سوء المعاملة والذين يكونوا عرضة أكبر للخروج إلى الشارع، وبالتالي ها الجزء التوعوي سيعمل على دحض المشكلة من منبتها.
وقال رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث، إن بنجاح هذه الخطة سيكون لدينا تجربة مصرية خالصة متكاملة يمكن تنفيذها في الدول العربية، دون الحاجة إلى تمصير تجارب مثل التجربة البرازيلية والهندية والتي يكون لها طبيعة مجتمعية خاصة.
استراتيجية التنفيذ
وقال أحمد المصيلحي، رئيس شبكة الدفاع عن الطفل بنقابة المحامين، إنه دائما ما كان يتوهم البعض أن الإشكالية الأساسية لمواجهة مشكلة أطفال الشوارع هي الموازنة أو المبالغ المالية، مشيرا إلى أنه بالتعامل بشكل مباشر مع الظاهرة يظهر أن الرؤية الحقيقية للتنفيذ هي المشكلة، فبأقل الامكانيات والمبالغ يمكن انقاذ طفل من خطر الشارع، بحد قوله
وأضاف لمصراوي، أن الرؤية للتشارك بين المجتمع والحكومة غائبة، لافتا إلى أنه من ضمن خطة مواجهة مشكلة أطفال الشوارع تظهر الحاجة لتعاون المحامي والمعلم والإعلام بجانب الجمعيات الأهلية حتى يكون المجتمع بالكامل لديه وعي وإرادة للقضاء عليها.
وأشار إلى وجود خطط عالمية تم وضعها لمواجهة مشكلة أطفال الشوارع، بالإضافة إلى استراتيجية أطفال بلا مأوى والتي وُضعت منذ عام 2003، حيث تعمل هذه الاستراتيجية على 4 محاور وهي: دراسة أسباب مشكلة أطفال الشوارع ومحاولة الحد منها، الحماية الحقيقية لأطفال الشوارع والقوانين التي تتعامل معهم بالإضافة إلى لجان الحماية وحمايتهم من تعامل الشرطة معهم بشكل عنيف، مرحلة التأهيل وتنفيذ برامج لإعادة طفل الشارع شخص سوي مرة أخرى، ثم الدمج في المجتمع من خلال حرفه يتعلمها الطفل أو من خلال تعليمه وتوظيفه في مكان مناسب لدراسته، مؤكدا أن ذلك يخضع لإشراف من وزارة التضامن والمجتمع المدني.
وتابع المصيلحي أنه لابد بعد ذلك من تحديد منطقة جغرافية بعينها لتنفيذ الخطة ولتكن القاهرة والجيزة مثلا ثم الانتقال لمنطقة أخرى، ولكن العمل على مستوى الجمهورية دفعة واحدة لن يكون مجديا.
وأشار إلى أن كلمة الرئيس لم تحدد الجهة التي ستكون مسئولة عن المبلغ المحدد لتضع آلية التنفيذ، قائلا "كان لابد من تحديد الجهة احنا مش عارفين الفلوس هتروح فين، كان لازم يرصد جهة بعينها لتولي الأمر".
مقترح مشروع
من جانبها، قالت دعاء عباس، أمين عام الائتلاف القومي لحقوق الطفل المصري، إنه لاستثمار المبلغ المحدد جيدا حتى يخدم أطفال الشوارع لن يحدث إلا بوضع خطة كاملة لرعاية الأطفال حتى سن 18 عام، وضمان هذه الرعاية أيضا بعد تخطيهم هذا السن.
وأضافت عباس في تصريح لمصراوي، أنها تقدمت إلى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء بمقترح مشروع مدينة متكاملة لأطفال الشوارع ليحصل فيها على خدمات الثقافة والتعليم، توفير المأكل والملبس وأماكن للنوم، الترفيه، التأهيل النفسي والاجتماعي لإعادة دمجهم في المجتمع، التربية الدينية، أماكن مخصصة للتدريب المهني لكى تفتح أمامهم أسواق العمل، الرعاية اللاحقة.
وأشارت إلى أن معظم الحلول التي كانت توضع سابقا كانت تقدم خدمات للطفل حتى سن 18 عام ثم يعود مرة أخرى للشارع، بخلاف استنزاف هذه المبالغ في إجراء دراسات واحصائيات على الورق فقط دون تنفيذ حقيقي يخدم هؤلاء الأطفال.
وطالبت أمين عام الائتلاف، في مقترح المشروع بأن يكون المشروع تحت إشراف وزارة التضامن الاجتماعي وتحت رقابة من المجتمع المدني، حتى يستطيع المجتمع المدني مراقبة التنفيذ
والتأكد من أنه يخدم طفل الشارع.
وقالت عباس أنها في انتظار الرد على مقترح المشروع، مشيرة إلى ضرورة إعطاء أهمية بمقترحات المنظمات المدنية التي تتعاطى مباشرة مع هذه القضايا، وعدم الاكتفاء بالخطط البديلة التي تقدم دعم مادي لمراكز الإيواء الحالية دون وجود آلية حقيقية لحل المشكلة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: