إعلان

مسؤولون أفارقة ومؤسسات دولية: أفريقيا معرضة بشدة لخطر الجوع بسبب تغير المناخ

01:39 م الخميس 08 سبتمبر 2022

رانيا المشاط

كتب- مصطفى عيد:

أجمع المشاركون بورشة العمل التي عقدت بمنتدى مصر للتعاون الدولي والتمويل الإنمائي بالعاصمة الإدارية تحت عنوان "الزراعة والأمن الغذائي"، أن أفريقيا معرضة بشدة لخطر الجوع المتزايد بسبب تغير المناخ.

وأشاروا إلى أنه في حين أن الجوع العالمي يؤثر على 828 مليون شخص في عام 2021، في أفريقيا واجه أكثر من واحد من كل خمسة أشخاص الجوع في عام 2020 (أكثر من ضعف نسبة بقية العالم) ويعاني حوالي 282 مليون أفريقي من نقص التغذية.

وأوضحوا أنه وفقًا للبنك الدولي، يتناقص الأمن الغذائي في أفريقيا بنسبة تصل إلى 20% مع كل فيضان أو جفاف. علاوة على ذلك، على الرغم من ارتفاع الصادرات الغذائية من القارة، فإنها لا تزال مستوردا صافيا للغذاء بتكلفة سنوية تبلغ 43 مليار دولار، والتي يمكن أن تزيد إلى 110 مليارات دولار بحلول عام 2025.

وقالت كورين فلايشر، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ببرنامج الأغذية العالمي، إن ورشة "الأمن الغذائي والزراعة في ضوء التغير المناخي" ضمن فعاليات منتدى مصر للتعاون الدولي تستهدف توجيه رسائل إلى مؤتمر قمة المناخ cop 27 من أجل التمويل والتنفيذ.

وأضافت أن الاقتصاد الأفريقي يشهد تعثراً كبيراً بسبب تغير المناخ بخسائر تتراوح بين 5 إلى 15% من الناتج القومي، حيث يفاقم تغير المناخ من الجوع وسوء التغذية وزيادة الهجرة.

وأوضحت كورين فلايشر، أن ارتفاع درجات الحرارة بواقع درجتين يؤدي إلى معاناة 189 مليون شخص من نقص الغذاء، وارتفاعها أكثر من ذلك سيؤدي إلى معاناة نحو 1.8 مليار شخص من الجوع.

وقالت إن الأمن الغذائي في أفريقيا انخفض بنسبة 20% بسبب الفيضانات وواجه شخص من كل 5 أشخاص الجوع في 2020، وهو ضعف الرقم في جميع أنحاء العالم، ولذلك تحتاج أفريقيا إلى زيادة كمية الغذاء وتنوعه.

من ناحيته قال السيد القصير، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، إن العالم واجه ثلاثة تحديات كبرى هي جائحة كورونا، والأزمة الروسية الأوكرانية، والتغير المناخي، مضيفا أن العالم يواجه حاليا أزمات في الطاقة والأمن الغذائي، وأوضح أن القارة الأفريقية هي الأكثر تأثرا بقضايا الأمن الغذائي.

وأكد أن قطاع الزراعة رغم أنه أقل قطاع مساهمة في الانبعاثات الكربونية، فهو القطاع الأكثر تأثرا لازمة تغير المناخ، مشددا على أن تغير المناخ تسبب في حرائق الغابات وتصحر آلاف الهكتارات.

وبعكس ذلك فالمزارع البسيط هو الفئة الأكثر تأثرًا بالتغيرات المناخية وبالتالي يجب التركيز على تطوير مهارات الفلاح من خلال التوعية وضمه تحت منظومة الشمول المالي، مطالبا على ضوء أزمة الجفاف التي تواجه العالم حالياً بضرورة أن يركز قطاع الزراعة على تطوير منظومات الري، واعتماد أساليب الري المبتكرة.

وأشار إلى أن الأمن الغذائي أمن قومي، كما أن التمويلات المبتكرة تدعم الحفاظ على الزراعة والأمن الغذائي، مضيفا أن التغير المناخي أمر في غاية الخطورة وأن قضية المياه هي واحدة من أهم القضايا في سياق تأثر الزراعة بقضايا المناخ.

وقال ستانليك سامكانجى، رئيس التخطيط والسياسات ببرنامج الأغذية العالمي، إن هناك عددا من الحلول التي يمكن الاعتماد عليها لمواجهة تحديات تغير المناخ وتأثيرها على الغذاء للاستجابة لتلك التغيرات.

وأضاف أن العديد من الدول في القارة الأفريقية تعاني من نقص الاحتياجات الأساسية وضرب مثلاً بمدغشقر حيث من الصعب الوصول إلى مياه نظيفة بسبب ضعف البنية التحتية.

واتفق مع وزير الزراعة، على أن المزارعين يعانون من ضعف في التأمين حيث يحتاجون إلى فتح مجالات جديدة للتصدير على سبيل المثال والوصول لأسواق لم يستطع المزارعون الأفريقيون الوصول إليها من قبل، وأكد أنه يجب التركيز على تأمين المزارعين بحلول مالية لتوفير احتياجاتهم.

وشدد سامكانجي على أن الأمن الغذائي ومشاكل المياه والطاقة كلها ضمن منظومة الغذاء لكن يجب قبل الوقت نفسه التركيز على تطوير أنظمة النقل التي تمثل محورا أساسيا في الوصول للغذاء وبالتالي يجب التركيز على تلك العوامل للاستثمار فيها لمواجهة أزمة الغذاء.

وقال آدم آو هرسي وزير البيئة والتغير المناخي الصومالي إن الصومال دفع ثمنًا باهظًا للتغير المناخي، حيث أدى إلى خسارة المزارعين كل شيء والعجز الكامل، وبدء مرحلة الجفاف.

وأشار في كلمته إلى أن الصومال اعتمد طيلة الوقت على الأمطار في الحصول على الموارد المائية التي كانت بالكاد تكفي الزراعة، وتحقق فائضًا من المحاصيل للتصدير وتساعد على تربية المواشي، لكن على مدار الأربع سنوات الماضية توقفت الأمطار تماما بشكل لم يحدث طوال 40 عاما، مما تسبب في نفوق الماشية.

وذكر أنه بسبب هذه الخسائر الكبيرة انتقل المزارعون من الريف إلى المدن الصغيرة والتي تحولت لبلدات على وشك الانهيار بسبب التغير المناخي.

وتابع خلال الجلسة: "تغير الوضع أثر على المدن بسبب النزوح من القرى، والآن أصبح الأمر خطيرا على حياة الفلاحين والماشية، حيث أكد مارتن جريفيث مبعوث الأمم المتحدة في اليمن ثم الصومال أن هناك مشكلة كبيرة".

وأشار إلى أن الفيضانات أثرت بشكل مختلف، فعندما يقل هطول المطر تحدث فيضانات بشكل أسوأ تؤدي لإعلان حالة الطوارئ، وهو الأمر الذي دعا الصومال لاستحداث وزارة البيئة والتغير المناخي التي أسست للمرة الأولى في يوليو الماضي، لذا فإن الصومال هي المثال الواضح على التغير المناخي.

وأكد فنسنت كاستل، المدير الإقليمي لقطاع الزراعة والتصنيع الزراعي في شمال أفريقيا بالبنك الأفريقي للتنمية، أن أفريقيا مازالت تعاني من تداعيات جائحة كورونا إلى جانب تأثيرات تغير المناخ، وأزمة الأمن الغذائي خلال الفترة الحالية، مؤكدا أن هناك 50 مليون أفريقيا يعانون من أزمات، وأن هناك 70 مليون غير آمنين.

واستعرض كاستل طرق مساعدة الزراعة لتحقيق الأمن الغذائي عبر طرح عدد من الحلول لتمويل الحلول الزراعية بما ينعكس على صالح القارة الأفريقية ومساعدة أوروبا للحصول على تنويع أكثر من المحاصيل الغذائية.

وأكد أن البنك يركز على نقل التكنولوجيا إلى أفريقيا بالتعاون مع منظمات دولية حيث استفاد حوالي 1.8 مليون مزارع من نقل التكنولوجيا الزراعية ومنها السودان الذي من المتوقع أن يتمكن من تحقيق الاكتفاء الذاتي من القمح خلال العامين المقبلين.

وأوضح كاستل أن البنك الأفريقي للتنمية خصص حوالي 1.5 مليار دولار لمشروعات التكيف في القارة السمراء، ودعا إلى جمع 25 مليار دولار للتوسع في مشروعات التكيف المناخي في القارة السمراء التي تعتبر هي الأكثر تأثرًا بأزمات المناخ عالميًا.

وذكر أن القارة الإفريقية تحتاج إلى استثمارات بحوالي مليار دولار لإنتاج أغذية تغطي 100 مليون طن من الطعام توفر الغذاء لـ 200 مليون أفريقي بزيادة 80%عن حجم الإنتاج الحالي.

وقال المهندس ناصر الذكير، مدير تطوير الأعمال بالمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة، إن المؤسسة، إحدى أذرع مجموعة بنك التنمية الإسلامي، تركز على التعاون مع القطاع الخاص، ولديها 70 دولة من الأعضاء، وهناك 26 دولة لديهم مشاكل في الغذاء.

وأضاف أن هناك أولوية لتلبية أولويات التنمية والاستجابة للأمن الغذائي الذي رصد البنك الإسلامي له مؤخرا ميزانية تبلغ 10.5 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات وتوجه للأمن الغذائي، وهناك جزء كبير مركز على الزراعة لحل مشاكل الأمن الغذائي وإيجاد حلول للتغير المناخي والزراعة الذكية.

وأكد الذكير أن التجارة والأمن الغذائي من أهم المجالات التي نركز عليها، ضاربًا المثال بالتعاون مع اليونيدو في مصر لتدريب المزارعين الصغار لزراعة القطن بشكل مستدام، كما عملت على بحث لأنواع وكمية الأسمدة المستدامة للمزارعين في السنغال.

وقال إن كل ما تقوم به المؤسسة يهتم بربط المزارعين بالتمويل، وفي هذا الإطار نفذت المؤسسة مبادرة لتمويل مصدري القهوة في إندونيسيا عبر توفير التمويل لهم مباشرة دون انتظار مع توفير تدريب على زراعة القهوة الأكثر صموداً، وذلك ضمن أهداف المؤسسة لدعم بناء نظم أكثر صموداً للمزارعين.

وذكر أن الأمن الغذائي تأثر بالمناخ وتسبب ذلك في ارتفاع أسعار بعض السلع لذلك يجب أن يعمل الجميع سواء الحكومات أو القطاع الخاص أو صغار المزارعين العمل على مواجهة تلك المشكلات.

من ناحيته قال جينمور زاناموي، رئيس مبادرة التجارة البينية بالبنك الأفريقي للتصدير والاستيراد "أفريكسم بنك" إن البنك رفع قيمة التمويلات التي كان قد أطلقها لبرنامج تمويل التجارة لأفريقيا بقيمة 4 مليارات دولار لمواكبة تداعيات أزمة أوكرانيا في أبريل الماضي إلى 6 مليارات دولار لدعم شراء القمح وتوفير الاسمدة للمزارعين الأفارقة.

وأوضح أن البنك تأسس بهدف تسهيل الحركة التجارية البينية بين الدول الافريقية، ولذا فهو يهتم كثيرا بالمزارعين الصغار لأنهم الأكثر عرضة للتغير المناخي، مشيرا إلى مشكلة نزوح النساء من مكان إلى آخر ليتسنى لهن الحصول على المنتجات الغذائية، حيث يعمل البنك على التدخل لحماية هذه الفئات الهشة.

وأشار إلى أن المهمة الرئيسية للبنك هي العمل على توفير احتياجات المزارعين الصغار لمساعدتهم على إنتاج الغذاء والتجارة في تلك المنتجات الغذائية، موضحا أن البنك يقدم أيضا خدمات استشارية لدعم المبادرات التي تعزز ذلك بالتعاون مع برنامج الغذاء العالمي، ويعقد دراسات سوقية للتعرف على المنتجات الغذائية التي ينتجها المزارعون والربط بين العرض والطلب.

كما عمل البنك على مبادرة تتعلق بشركات القطاع الخاص وتتصل ببرنامج الغذاء العالمي وتعمل على إيصال المنتجات إلى السوق المستهدفة، وفقا لزاناموي.

وأشار إلى أن هناك مشكلة تتعلق بعدم توفر معلومات السوق لدى المزارعين لبيع منتجاتهم، موضحا أن البنك يمكنه في هذا السياق استخدام اتفاقية التجارة الحرة الأفريقية AFCFTA لتحريك التجارة البينية.

كما لفت لما أحدثته الأزمة الروسية الأوكرانية وتأثيرها على سلاسل الإمداد في العالم، مما دعا أفريكسم بنك إلى أخذ زمام المبادرة بإنتاج الأسمدة الزراعية في أفريقيا، حيث يعمل حاليا مع البنك الدولي على دعم عمليات إنتاج الأسمدة في أفريقيا مع تشجيع القطاع الخاص، ومواجهة المشاكل القائمة في سبيل ذلك.

وقال إن نقص القمح كان أبرز تداعيات الأزمة الروسية الاوكرانية، حيث حاول البنك الاستعداد للأزمة وإبراز التعاون بين الدول في أفريقيا.

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، الممثل الإقليمي لمنظمة الأغذية والزراعة "الفاو" بالشرق الأدنى وشمال إفريقيا، إن الكثير من المناطق في أفريقيا تعاني من مشاكل المياه بسبب تغير المناخ والفيضانات ومنها منطقة شمال الدلتا، مضيفًا أنه لحل تلك المشكلات ينبغي الترويج للصمود المناخي ولأنواع جديدة من المحاصيل تتكيف مع تغير المناخ.

وأضاف أن الفريق الاستشاري للبحوث الزراعية في المنظمة وفريق استشاري آخر في فيينا يبحثون الاعتماد على مياه البحار في الزراعة، موضحًا أنه يجب أيضا استبدال المحاصيل لتلائم تغير المناخ حيث تعمل "الفاو" في صعيد مصر على استبدال محاصيل مثل قصب السكر الذي يستهلك الكثير المياه وبالتالي يؤدي إلى ندرتها.

وذكر أن هذا التحول يتطلب دعماً كبيراً من جميع الجهات من أجل تطبيق الاستخدام الأمثل للمياه، مؤكدا إن العالم يحتاج إلى العلم وتطوير الأبحاث لزيادة إنتاج المحاصيل وأن تصبح ملائمة لتغير المناخ.

وأوضح أن نسبة الهدر في الغذاء تبلغ 30% حالياً ولا بد من النظر إلى دول المنبع والمصب لتقليل الهدر، عبر تخفيض الطلب على الغذاء والترويج لنظم غذائية صحية.

وأشار الممثل الإقليمي لمنظمة الفاو للشرق الأدنى وشمال إفريقيا، إلى أن نسبة تلبية أهداف التنمية المستدامة تبلغ 10% حالياً، ولاستكمال هذه الأهداف فإنها تحتاج إلى تمويل، مضيفا أن الجزء الأكبر من الغذاء يأتي من المزارعين الصغار ولا بد من تغطيتهم بالشمول المالي وتوفير التمويل متناهي الصغر وتحسين كفاءتهم لمواجهة التحديات.

وعن جذب القطاع الخاص للعمل في المشروعات ذات الصلة بتغير المناخ، قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، إنه لا يوجد قطاع خاص في العالم سيتطوع دون وجود برنامج قوي وتفكير خلاق لجذبهم وتحفيزهم وتطبيق إعفاءات ضريبية لهم، لأن الحكومات لن تواجه بمفردها تحديات تغير المناخ ولا بد من تعاون الجميع.

وأكد ضرورة تنفيذ حلول حاسمة للتطوير التكنولوجي لمواجهة تغير المناخ وتوفير الأمن الغذائي، ولا بد من حلول محلية بجانب الحلول العالمية لتلائم السياق المحلي.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان