مصر تقترب من الاتفاق مع صندوق النقد.. فهل حسمت مصير الشروط الصعبة؟
القاهرة- مصراوي:
"الحكومة في مرحلة الاتفاقات النهائية بشأن تمويل جديد من صندوق النقد الدولي" كان هذا التصريح من رئيس مجلس الوزراء أمس هو آخر المستجدات الرسمية المتعلقة بمفاوضات مصر مع صندوق النقد الدولي بشأن برنامج جديد للتعاون من أجل الإصلاح الاقتصادي وتجاوز الأزمة الاقتصادية الحالية.
وتتفاوض مصر مع صندوق النقد الدولي لإطلاق برنامج تعاون جديد مصاحب بتمويل يسهم في سد الفجوة التي تعاني منها مصر، وهي المفاوضات استغرقت وقتا طويلا منذ مارس الماضي وتشهد على ما يبدو بعض التعثر ونقاط خلافية في البرنامج.
وطلبت مصر دعمًا من الصندوق لتنفيذ برنامجها الاقتصادي الشامل، في نهاية مارس بعد نحو شهر من اندلاع الأزمة الروسية الأوكرانية، والتي رفعت أسعار السلع والطاقة وخاصة البترول والقمح الذي تعد مصر أكبر مستورد له.
وجاء تصريح رئيس الوزراء بعد أيام قليلة من تعديل وزاري تضمن من المجموعة الاقتصادية تغيير وزيري التجارة والصناعة، وقطاع الأعمال العام، وأيضا بعد استقالة طارق عامر محافظ البنك المركزي من منصبه وتعيين حسن عبد الله الرئيس التنفيذي السابق للبنك العربي الأفريقي قائما بأعمال المنصب.
ورغم أنه لم يتضح أن هناك أي ارتباط بين هذه التغييرات وبين الاتفاق مع صندوق النقد، يبدو أن الحكومة اقتربت من الاتفاق على الشروط مع صندوق النقد، والتي ربما اقنعت الصندوق خلال المفاوضات عن صعوبة تطبيقها بالكامل في ظل الظروف الحالية خاصة مع يتعلق منها بالدعم.
وكان هاني جنينة الخبير الاقتصادي والمحاضر في الجامعة الأمريكية، قال في برنامج تليفزيوني منذ أيام، إن شروط صندوق النقد الدولي أصبحت صارمة خاصة بعد أزمتي جائحة كورونا والحرب الروسية على أوكرانيا وتكرار الأزمات التي تواجه الدول التي تنفذ إصلاحات، وبالتالي رأى الصندوق أن هذه الدول في حاجة لإصلاحات جذرية من أجل عدم تكرار هذه الأزمات.
وأوضح هاني جنينة أن الصندوق يطلب من مصر طلبات قاسية، أولها الدعم، حيث لا يفضل الصندوق الدعم العيني، لأنه يهدر موارد الدولة.
وأضاف أن أهم بنود الدعم هو الخبز الذي لم يتحرك سعره منذ الثمانينيات، والسولار، حيث نستهلك سنويا 10 مليارات لتر، وبالتالي دعمه وفقا للأسعار الحالية وتكلفة إنتاجه يصل إلى 50 مليار جنيه سنويا.
ونقلت شبكة الشرق بلومبرج عن 3 مصادر حكومية قولهم إن صندوق النقد الدولي طالب البنك المركزي المصري بإلغاء كل المبادرات ذات الفائدة المنخفضة، مثل القروض للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولقطاع السياحة، والتمويل العقاري، مشدّدا على ضرورة أن تكون أسعار الفائدة موحدة بالسوق المصرفية.
لكن الدكتور محمد معيط وزير المالية قال إن المبادرات التي أعلنتها الدولة لدعم الاقتصاد مستمرة، بغض النظر عن الجهة التي تديرها أو تتحمل أعباءها.
وقال الدكتور علي المصيلحي وزير التموين، في مقابلة مع قناة العربية أمس: "الوقت غير مناسب للمساس بملف دعم الخبز.. وصندوق النقد الدولي يتفهم مثل هذه الأمور لأن لديه بعدا آخر في كيفية الحفاظ على الأمن والسلم المجتمعي حتى لا يحدث عدم استقرار بسبب إجراءات معينة".
وكان الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال زيارته إلى ألمانيا في يوليو الماضي، طلب من أوروبا التوسط لمصر لدى صندوق النقد الدولي، للحصول على قرض لم تحدد قيمته بعد.
وقال السيسي، في مؤتمر صحفي مشترك مع المستشار الألماني: "منقدرش نعمل زي أوروبا إن الأسعار تنعكس على المواطن لأن ده لو حصل في مصر هيحصل مشكلة كبيرة جدا هيعمل تضخم لا يتحمله المواطن وهنا حالة عدم الاستقرار هتبقى على المحك".
وتابع: "اللي بنطلبه من أصدقائنا في أوروبا يعاونوننا في هذا الوضع لإيصال رسالة لمؤسسات التمويل الدولية زي صندوق النقد أو البنك الدولي بأن الواقع الموجود في بلادنا لا يحتمل المعايير المعمول بها خلال هذه المرحلة وحتى تنتهي هذه الأزمة".
وزارت بعثة من صندوق النقد مصر في نهاية يونيو الماضي، وعقدت لقاءات مع السلطات المصرية، لكن صندوق النقد قال بعدها في تقرير إن مصر بحاجة لإجراء "تقدم حاسم" في الإصلاحات الهيكلية والمالية.
ويتوقع محللون اقتصاديون أن تحصل مصر على ما بين 5 إلى 20 مليار دولار من صندوق النقد الدولي ضمن برنامج جديد ستنفذه مصر مع الصندوق.
لكن محمد معيط، وزير المالية، قال لشبكة الشرق بلومبرج في مطلع الشهر الجاري، إن حجم الدعم المطلوب من صندوق النقد الدولي، أقل من 15 مليار دولار، والذي سيكون ضمن إطار آلية تسهيلات تمويل موسعة يجري التفاوض عليها بين الجانبين منذ عدة شهور.
وبدأت مصر منذ نحو ست سنوات التعاون مع صندوق النقد الدولي، وحصلت على قرض بنحو 12 مليار دولار في 2016 ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي ثم في عام 2020، ونتيجة لتداعيات أزمة كورونا، حصلت على قرض بآلية التمويل السريع بقيمة 2.77 مليار دولار.
ثم حصلت مصر على قرض آخر ضمن برنامج الاستعداد الائتماني بقيمة 5.2 مليار دولار.
وبخلاف هذه القروض حصلت مصر في أغسطس الماضي على دعم بقيمة 2.8 مليار دولار من مخصصات السحب الخاصة التي وزعها الصندوق على الدول الأعضاء من أجل مواجهة تداعيات كورونا، والتي تسهم في دعم الاحتياطات الدولية في البنك المركزي.
فيديو قد يعجبك: