إعلان

خفض دعم الوقود.. فرصة الحكومة ومواجهة متوقعة بين الشعب وغلاء الأسعار

01:11 م الثلاثاء 12 أبريل 2016

تقرير - إيمان منصور:

أعلن عمرو الجارحي وزير المالية مؤخرًا خفض الدعم المخصص للمواد البترولية في مشروع الموازنة العامة للدولة لعام (2016-2017) بنحو 26 مليار جنيه وسط مناخ قد يحمل الفرصة لاتخاذ خطوة التخلص من هذا الدعم بشكل تدريجي مع انخفاض أسعار النفط، ولكنه يحمل أيضًا مخاطر ارتفاع الأسعار في أجواء مهيئة لذلك.

فمن ناحية الفرصة، فأسعار النفط تدور حاليًا حول 40 دولارًا للبرميل، وغير متوقع تحسنها على المستوى القريب، وذلك مقارنة بأكثر من 100 دولار منذ نحو عامين، وبالتالي ترى بعض المؤسسات الدولية أن الدول المستوردة للنفط والتي تقوم بإصلاح اقتصادي لها فرصة كبيرة خلال فترة انخفاض سعر النفط في التخلص من دعم المواد البترولية للمواطنين حتى لا يشعروا بأثر خفض هذا الدعم كما لو كان سعر النفط مرتفعًا.

وبدأت مصر في اتخاذ خطوات للتخلص التدريجي من دعم المواد البترولية في إطار خطة الإصلاح الهيكلي في الموازنة العامة في الوقت الذي تشهد فيه ارتفاعًا في عجز الموازنة وزيادة في الأعباء، وقامت بالفعل بالخطوة الأولى في ذلك في عام (2014-2015) وخفضت جزءًا من الدعم وحركت أسعار المواد البترولية بنحو 78 بالمئة.

وعلى الرغم من أن العام المالي الحالي (2015-2016) شهد تراجعًا واضحًا في أسعار النفط، إلا أن الحكومة المصرية خالفت ما أوصت به المؤسسات الدولية بأنها فرصة الدول النامية المستوردة للبترول للتخلص من دعم المواد البترولية، وعطلت مصر استكمال خطتها خلال هذا العام مكتفية بما أدى انخفاض أسعار النفط لتخفيضه من دعم المواد البترولية.

ولكن الحكومة أعلنت مؤخرًا تراجع الدعم المخصص للمواد البترولية في عام (2016-2017) رغم أنها لم تؤكد أنها ستقوم بتحريك الأسعار، إلا أن احتمالية حدوث ذلك تزامنًا مع انخفاض كبير في سعر العملة المحلية، بالإضافة إلى الاستعداد لتطبيق الضريبة على القيمة المضافة قد يؤدي كل ذلك في حال حدوثه لموجة تضخمية تضع المصريين خاصة البسطاء منهم في "مرمى نيرانها".

وكان المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء قال في لقاء مع رؤساء تحرير عدد من الصحف في فبراير الماضي إن هناك قرارات ضرورية سيجرى اتخاذها، وبعضها سيكون مؤلماً، لكن الحكومة واضحة في أهدافها وجادة في إصلاح القطاعات التي بها مشاكل، خاصة الصحة والتعليم.

واستطلع مصراوي آراء خبراء الاقتصاد في إعلان الحكومة تخفيض دعم المواد البترولية في هذا التوقيت الذي قد يمثل فرصة للحكومة، ولكن في نفس الوقت إذا صاحبه ارتفاع في أسعار المحروقات، وتضخم ناجم عن خفض العملة، وضريبة القيمة المضافة، ودون إجراءات حماية من الحكومة ستلتهم الأسعار جيوب المصريين.

الحكومة مضطرة
وقال الدكتور أسامة عبد الخالق أستاذ المالية بجامعة عين شمس، إن مصر تعيش مرحلة صعبة جداً هذه الفترة، وإن الوضع المالي للدولة سيء للغاية ووصل إلى مرحلة الأسوء خلال العام المالي الحالي والسابق.

وأضاف عبد الخالق خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن هذا الوضع يدفع الحكومة اضطرارًا إلى اتخاذ إجراءات حادة قد تتسبب في إحداث موجة من التضخم على المواطنين ولكن كانت ليس لها بديل، وهي الاتجاه إلى خفض دعم المواد البترولية في الموزانة العامة الجديد للدولة للعام المالي (2016 - 2017).

وأوضح أن حجم العجز في الموازنة العامة للدولة كبير جدًا خلال العام المالي المقبل وذلك بسبب زيادة الإنفاق العام عن حجم الموارد، ولا يوجد غير ثلاث حلول لهذه الأزمة وهي خفض باب من أبواب الأجور، أو فوائد القروض، أو الدعم بالموازنة الجديدة، وبما أن خفض الأجور من الممكن أن يتسبب في قيام ثورة، وقيمة فوائد القروض ثابتة ولا يمكن التخلف عنها عليها كان لا بديل أمام الحكومة سوى خفض الدعم والذي يمثل نحو 30 أو 40 بالمئة من الموازنة.

ولفت إلى أن الحكومة وضعت في الاعتبار أن دعم المواد البترولية تأثيره أقل من خفض المواد الغذائية حيث أن المواطنين الذين يستهلكون البنزين يعدون من الفئات القادرة على الدفع أكثر من الطبقة التي تستخدم دعم المواد الغذائية.

وأشار عبد الخالق إلى أن لا يمكن إنكار أن اتخاذ مثل هذا القرار في الوقت الحالي مع ارتفاع الأسعار وارتفاع سعر الدولار أمام الجنيه، بجانب الاتجاه إلى تطبيق ضريبة القيمة المضافة سيتسبب في تضرر المواطنين، ولا يمكن محاسبة الحكومة على هذا الأمر لأنها مجبرة على اتخاذه.

وأضاف أن هذه الإجراءات ليس لها أي علاقة بالتزامن مع انخفاض أسعار النفط، كما أن تطبيق ضريبة القيمة المضافة سيكون تأثيره محدود حيث أنها ليست ضريبة جديدة ولكنها تعديل لضريبة المبيعات المطبقة بالفعل.

وكان عمرو الجارحي وزير المالية أعلن خلال مؤتمر صحفي عقده السبت الماضي أن الحكومة ستقوم بخفض دعم المواد البترولية إلى 35 مليار في العام المالي الجديد (2016-2017) مقابل 61 مليار جنيه خلال العام المالي الحالي (2015- 2016) بنسبة انخفاض 42.6 بالمئة.

وقال أحمد كوجك نائب وزير المالية للسياسات النقدية على هامش المؤتمر لوكالة رويترز، إن خفض دعم المواد البترولية في (2016-2017) سيتحقق بفضل هبوط أسعار النفط، بالإضافة إلى توفير ما بين 8 و10 مليارات جنيه (بين 0.9 و1.13 مليار دولار) من خلال إصلاحات جديدة ستحددها وزارة البترول دون أن يكشف عن طبيعة تلك الإصلاحات.

وأشار كوجك إلى أن معظم الوفر في دعم المواد البترولية سيأتي من انخفاض الأسعار العالمية للنفط، وهناك وفر ما بين 8 و10 مليارات جنيه سيأتي من إصلاحات جديدة ستحددها وزارة البترول بالاتفاق معنا.

وكانت الحكومة خفضت الدعم في يوليو 2014 ورفعت أسعار البنزين والسولار والغاز الطبيعي بنسب وصلت إلى 78 بالمئة، كما تحاول الحكومة إجراء إصلاحات مثل تدشين نظام للبطاقات الذكية لمراقبة الاستهلاك في محطات الوقود وتوزيع أسطوانات البوتاجاز من خلال بطاقات التموين.

وأدى انخفاض أسعار النفط عالميًا إلى خفض دعم المواد البترولية في موازنة السنة المالية الحالية (2015-2016) إلى 61 مليار جنيه مقابل نحو 100 مليار جنيه في (2014-2015).

خفض الدعم ليس حلًا
ومن جانبه، قال رشاد عبده الخبير الاقتصادي، إن الحكومة "تقول ما لا تفعل وتفعل ما لا تقول"، والاتجاه إلى خفض دعم المواد البترولية ليس حلاً للمشاكل التي تواجه الوضع المالي السيء للموازنة العامة للدولة حيث أن وزير المالية السابق قال إن فوائد الديون بلغت 303.7 مليار جنيه ثم جاء الوزير الحالي عمرو الجارحي، وقال إنها بلغت 292 مليار جنيه في نفس التوقيت الذي رفع فيه البنك المركزي على الجنيه بمعدل 1.5 بالمئة.

وأضاف عبده خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن الحكومة لا تستخدم الشفافية مع الشعب حيث زعمت أنها ستزيد الدعم من أجل "الغلابة" ثم بعد ذلك وجدناها تخفض باب الدعم نحو 22 مليار جنيه لينخفض من 232 مليار جنيه إلى 210 مليار جنيه.

وطالب عبده، الحكومة بالصراحة والشفافية حيث أنها تقول أن عجز الموازنة سينخفض خلال الموازنة الجديدة بعد تخفيض الدعم من 11.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي (متوقع) للعام المالي الحالي مقابل 9.8 بالمئة العام المالي الجديد، ولكن من ناحية القيمة فعجز الموازنة المتوقع لهذا العام يبلغ 251 مليار جنيه مقابل 319 مليار جنيه في موازنة العام الجديد وبالتالي فالمبلغ سيرتفع على الرغم من انخفاض النسبة.

فيديو قد يعجبك: