هل نجحت عطاءات بيع الدولار في تحقيق أهداف البنك المركزي؟
تقرير - مصطفى عيد:
مر أكثر من عامين على بدء البنك المركزي المصري تطبيق آلية العطاءات لبيع الدولار للبنوك في أواخر ديسمبر 2012 في محاولة منه للسيطرة على السوق السوداء التي عادت بقوة خلال الفترة السابقة لطرح هذه الآلية بعد أن كانت اختفت من السوق المصري، كما استهدف البنك من تطبيق هذه الآلية ترشيد استخدام الدولار في محاولة للسيطرة على نزيف احتياطي النقد الأجنبي.
وبعد مرور هذه المدة، لم يظهر تغييرًا كبيرًا في قيمة احتياطي مصر من النقد الأجنبي حيث وصلت إلى 15.3 مليار دولار بنهاية ديسمبر الماضي مقابل 15 مليار دولار في نهاية ديسمبر 2012، كما يشهد سعر الدولار في السوق السوداء ارتفاعًا كبيرًا خلال الشهرين الأخيرين ووصل إلى أكثر من 7.80 جنيه مقابل نحو 6.75 جنيه بنهاية ديسمبر 2012.
وأثارت آلية العطاءات كأحد أدوات البنك المركزي للتدخل في سوق الصرف والحفاظ على الاحتياطي النقدي التساؤلات بعد عامين من التطبيق حول مدى جدواها ونجاحها في تحقيق الأهداف التي طبقها البنك المركزي من أجلها.
''لم تنجح''
واعتبرت بسنت فهمي الخبيرة الاقتصادية أن تطبيق هذه الآلية لم يحقق الأهداف المرجوة منها سواء في محاربة الدولار في السوق السوداء أو في ترشيد استخدام النقد الأجنبي.
وقالت فهمي خلال اتصال هاتفي مع مصراوي إن الدولار بعد عامين من تطبيق هذه الآلية أصبح له 3 أسعار سعرين بالبنوك ''عادي ومخصوص'' وسعر بالسوق السوداء، كما أنه لم يحدث التحسن المنتظر في احتياطي النقد الأجنبي.
وأشارت إلى أن سياسة البنك المركزي غير واضحة إذا كان يحارب التضخم، أم إذا كان يتدخل لضبط أسواق العملة، وأنه لابد من ضبط السياسة النقدية قبل الطلب من العالم الاستثمار في مصر، فهناك 3 أسعار للدولار أمام الجنيه، وسعرين مختلفين للتضخم أحدهما يخرج من البنك المركزي وهو التضخم الأساسي، والثاني يخرج من جهاز التعبئة العامة والإحصاء.
وأوضحت فهمي أنه كان على البنك المركزي اتخاذ إجراءات أكثر لزيادة الاحتياطي من النقد الأجنبي، فالاحتياطي في الظروف الحرجة مثل الذي تمر به مصر الآن لابد أن يكفي لتغطية لأقساط الديون الخارجية وفوائدها، وواردات السلع الغذائية الأساسية والأدوية، والمواد الخام اللازمة للتصنيع.
وطرح البنك حتى الآن 301 عطاء دوري لبيع الدولار للبنوك، بالإضافة إلى 5 عطاءات استثنائية لمقابلة حاجة الأسواق في المواسم، ووصلت قيمة المبالغ المطروحة في كل هذه العطاءات إلى
وانخفض احتياطي النقد الأجنبي من حوالي 36 مليار دولار بنهاية ديسمبر 2010 (قبل ثورة يناير) إلى 15.3 مليار دولار رغم المساعدات الخليجية التي تلقتها مصر خاصة من قطر وقت حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي أو من السعودية والإمارات والكويت بعد الإطاحة به.
وشهدت سوق العملة تلقبات لسعر الدولار الذي وصل إلى أكثر من 8 جنيهات في بعض الفترات الماضية، ولم يستطع البنك المركزي خلال الفترة الماضية القضاء على السوق السوداء التي تشتعل بين الحين والآخر.
أوجدت سوقًا منتظمة
وفي إطار آخر، قال محمد طه مصطفى نائب رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة إن آلية عطاءات بيع الدولار للبنوك نجحت في تحقيق أهدافها حتى الآن، وأنه لولاها لظهرت طوابير المستوردين في البنوك للحصول على الدولار.
وأضاف خلال اتصال هاتفي مع مصراوي أن تطبيق هذه الآلية ساعد في وجود سوق منتظمة لبيع الدولار في الوقت الذي تشهد فيه البلاد ضعف موارد العملة الصعبة بسبب تراجع السياحة وغيرها، منوهًا إلى أن الأمر المهم بالنسبة للبنوك هو الوفاء باحتياجات مستوردي السلع الأساسية والهامة للبلاد خلال المرحلة الحالية، وهو ما تقوم به حاليًا.
وأشار مصطفى إلى أن هذه الآلية ساعدت في المحافظة على الاحتياطي النقدي عند المستويات الحالية، حيث كان من الممكن مع عدم تطبيقها انخفاض الاحتياطي عما هو عليه الآن، مشددًا على أن استمرار السوق السوداء للدولار يرجع إلى وجود مضاربين في هذا السوق يقومون باستغلال الفرص وهو ما يرفع سعر الدولار.
ولفت إلى أن مصر كانت تواجه مشكلات لا يتم حلها في فترات قصيرة، وأن مشكلات سوق العملة ستحل عندما ينتظم السوق بعد عودة السياحة والتصدير والاستثمار إلى طبيعتهم، وزيادة موارد العملات الأجنبية، خاصة بعد إجراء الانتخابات البرلمانية وعقد مؤتمر مصر الاقتصادي، وعودة المستثمرين إلى مصر.
وحاول البنك المركزي خلال العامين الماضيين تطبيق بعض الإجراءات في محاولة للحد من ارتفاع الدولار في السوق السوداء، والعمل على توافر الدولار بشكل يضعف هذه السوق، والحفاظ على مستويات احتياطي النقد الأجنبي ومنها رفع عوائد شهادات الاستثمار بالعملة المحلية لجذب المودعين بالدولار، وتحديد سلع معينة تقوم البنك بتوفير احتياجاتها من الدولار.
وشملت أيضًا هذه الإجراءات تشجيع الأفراد الطبيعيين المصريين بالخارج على تحويل مدخراتهم بالنقد الأجنبي إلى مصر لاستثمارها في أي صورة، عن طريق السماح لمن يقوم منهم بتحويل مدخراتهم من حساباتهم بالخارج إلى أحد البنوك العاملة في مصر بإعادة تحويل نفس القيمة إلى الخارج باسم ذات الشخص الذي قام بالتحويل في حالة تصفية استثماراته في مصر بشرط تقديم المستندات الدالة على ذلك.
كما حدد البنك 100 ألف دولار كحد أقصى لتحويل بالدولار للخارج بالنسبة للشركات في العام، وغيرها من الإجراءات والتي حتى الآن قد تكون ساعدت الدولة على الحفاظ على بعض مستوى الاحتياطي وتوافر الدولار للاحتياجات الضرورية في ظل انخفاض مصادر العملات الأجنبية، ولكنها لم تقضِ إلى الآن على السوق السوداء للدولار أو ترفع من الاحتياطي النقدي.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: