هل تتغير العلاقات الاقتصادية بين الولايات المتحدة ومصر بعد نجاح أوباما؟
كتب - مصطفى عيد :
نجح باراك أوباما فى انتخابات الرئاسة الأمريكية وأصبح سيداً للبيت الأبيض لولاية ثانية تستمر أربعة سنوات قادمة، واستقرت الأوضاع السياسية فى كل من مصر والولايات المتحدة، لتتشكل مرحلة جديدة فى العلاقات بين مصر والولايات المتحدة فى عهد مرسى وأوباما.
ولكن كيف سيرسم البلدين خط العلاقة الاقتصادية بينهما فى ظل المرحلة الجديدة والأزمة التى تمر بها مصر بسبب أحداث ثورة يناير، والتى تحتاج فيها إلى دعم الدول والمؤسسات الكبرى لكى تفيق من كبوتها.
وكان حاتم صالح، وزير الصناعة والتجارة الخارجية المصري، قد أكد فى تصريحات صحفية – عقب لقائه بوفد حكومي أمريكي برئاسة نائب الممثل التجاري الأمريكي في الشهر الماضي – علي أهمية وضع رؤية واستراتيجية جديدة لمستقبل العلاقات التجارية والاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية ترتكز علي تحقيق المصالح المشتركة لكلا البلدين، وهو ما يتطلب وضع إطار عام للتعاون بأهداف وتوقيتات محددة بما يسهم في زيادة في معدلات التبادل التجاري خلال المرحلة المقبلة.
وأوضح صالح أن اللقاء تناول أهمية استكمال المفاوضات بين الجانبين لتسهيل التجارة البينية، ووضع آلية لزيادة الإستثمارات الأمريكية في مصر، إلي جانب التعاون في مجال تطوير المشروعات الصغيرة والمتوسطة والتي تسهم في خلق المزيد من فرص العمل الجديدة .
وفي ضوء التطورات الراهنة، وتغير الخريطة السياسية المصرية واستمرار أوباما رئيساً للولايات المتحدة حاول مصراوي قراءة مستقبل العلاقات الاقتصادية المصرية الأمريكية عن طريق معرفة توقعات بعض الاقتصاديين المصريين.
وفى هذا الشأن أشار محمد جودة، عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة، إلى عدم الانتظار من الولايات المتحدة أن تقوم بتغيير جذري فى علاقاتها الاقتصادية مع مصر بسبب "العقدة الإسرائيلية" التى تؤثر على العلاقات الأمريكية بكل دول المنطقة.
وأوضح حرص الحزب على التعاون مع الولايات المتحدة في إطار تفعيل اتفاقية التجارة الحرة، والسعي للتركيز على السوق الأمريكي فى الفترة القادمة في إطار علاقات تتسم بالندية والمصالح المشتركة والاحترام المتبادل، كما أن الحزب يسعى للمصالحة مع كل الدول وإنهاء أى مشكلة بين مصر وأي دولة أخرى وليس لاستعداء أحد.
وأضاف جودة في اتصال مع مصراوي، أن سياسات الولايات المتحدة ثابتة فى علاقاتها مع دول المنطقة، ولا يؤثر فيها شخص الرئيس الموجود على رأس السلطة فى البيت الأبيض إلا بنسبة بسيطة لا تتعدى 10% سواء بالسلب أو الإيجاب.
ولفت إلى أن نجاح باراك أوباما فى الانتخابات الأمريكية أفضل لمصر من عدة أسباب والتى تتمثل فى معرفة الدول لسياسات الرئيس المنتخب من خلال فترة رئاسته الأولى، كما أنه لن يكون تحت ضغط جماعات اللوبي الصهيوني لأنه لن يدخل الانتخابات فى المرة القادمة وهو ما يعطيه بعض الحرية فى اتخاذ القرار، بالإضافة إلى أن الديمقراطيين أقل تشدداً و حدة فى التعامل مع دول المنطقة من الجمهوريين، ممثلاً بفترة الرئيس الأمريكى السابق جورج بوش الأبن.
ونبه إلى أن مصر لمست رغبة المستثمرين الأمريكان أثناء زيارة وفدهم الأخيرة لمصر فى الاستثمار فى مصر كسوق واعد ومهم فى المنطقة، وهو ما ظهر من خلال التوقيع بالأحرف الأولى باتفاقيات يصل إجمالي حجم استثماراتها إلى 10 مليار دولار.
وشدد على أن مصر لن تعتمد على شريك تجاري واقتصادي واحد ، وأنها ستنوع من علاقاتها بالدول الأخرى حتى لا تتعرض للضغط من أحد، ولا يستطيع أحد التدخل فى الشئون الداخلية.
وفي نفس السياق توقع جمال محرم، رئيس مجلس الأعمال المصري الأمريكي، أنه لن يحدث جديداً فى العلاقات الاقتصادية المصرية الأمريكية فى الفترة القليلة المقبلة، منوهاً إلى أنها قد تتحسن مع مرور الوقت وعلى حسب توجهات وقرارات مصر فى الفترة القادمةز
وأضاف محرم أن المستثمرين المصريين من ناحيتهم سيسعون إلى زيادة الصادرات إلى السوق الأمريكى ومحاولة جذب المزيد من الاستثمارات الأمريكية إلى السوق المصرية، ومنع خروج المستثمرين الموجودين منها لافتاً إلى النظرة التفاؤلية التى استشفها من زيارة وفد رجال الأعمال الأمريكى الأخيرة.
وشدد على تأثر سمعة مصر كسوق استثمارية من حكم بطلان عقد منجم السكري، وهو ما قد يؤثر على المستثمرين الأجانب ويجعلون يفكرون كثيراً قبل القدوم للاستثمار في مصر أو يصرفون النظر عن هذا الاستثمار نهائيا.
ومن ناحيتهم، توقع خبراء الاقتصاد عدم حدوث أي تغييرات ملموسة فى العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة فى الفترة القادمة، منبهين إلى استراتيجية الولايات المتحدة نحو هذه العلاقة قد تبنى على مقولة باراك أوباما فى وقت سابق أن مصر لم تعد حليفة للولايات المتحدة ولكنها ليست عدوة أيضاً.
وشددوا على أنه لن يكون هناك دور للولايات المتحدة مثلما كان فى عهد مبارك، وأن على مصر ألا تفكر فى مناطحة الولايات المتحدة حتى لا تخرج خاسرة من هذه العلاقات، ولكن مع الحفاظ مع الكرامة المصرية والعلاقات القائمة على الاحترام المتبادل.
ومن جانبه توقع الدكتور محمد النجار، أستاذ الاقتصاد بكلية التجارة جامعة بنها، ألا يحدث أي تطورات جديدة فى العلاقات الاقتصادية بين مصر والولايات المتحدة فى المنظور القريب على الأقل لمدة سنة، بسبب عدم استقرار الأوضاع السياسية حتى الآن وعدم الانتهاء من وضع الدستور، وعدم وجود مجلس تشريعي حتى الآن.
وأضاف أن الأمور إذا سارت فى مسارها الطبيعي ولم تحدث أية مفاجآت فلن يحدث أي جديد فى العلاقة، موضحاً أن الولايات المتحدة تنتظر ماهية النخبة الحاكمة التى ستسفر عنها الانتخابات التشريعية لبناء استراتيجية العلاقة بينها وبين مصر بناءاً على توجهات هذه النخبة، والتى من المتوقع أن تنتمي لتيار الإسلام السياسي إلا إذا حدثت مفاجآت في الانتخابات.
وشدد النجار أن استراتيجية الولايات المتحدة تقوم بالضغط اقتصادياً لتحقيق أغراض سياسية، مثلما هددت بقطع المعونة في أحداث قضية منظمات المجتمع المدني .
ونبه إلى أن المعونة الأمريكية لمصر تقرر لها من الكونجرس الأمريكي أن تقل عاماً بعد عام ، وهو ما سيقلل من حجم الضغط السياسى على مصر مع مرور الوقت.
وأوضح أن من مصلحة الولايات المتحدة أن تحافظ على علاقتها بمصر في ظل أنها تريد إعادة هيكلة الشرق الأوسط، وتمثيل إيران وسوريا وحزب الله وحماس عائقاً لهذا المشروع، وأن الولايات المتحدة مهتمة باحتواء النظام السياسى المصري بعد أحداث ثورة يناير.
وتوقع النجار أن يستمر تنفيذ اتفاقية الكويز التي تحقق المصلحة لإسرائيل والولايات المتحدة وبعض رجال الأعمال المصريين الذين يستثمرون بقطاع الغزل والنسيج
وقلل من أهمية العلاقات المصرية الأمريكية من الناحية الاقتصادية أيام حكم مبارك، موضحاً أن حجم الاستثمارات الأمريكية لم يكن كبيراً، وهو ما يجعل من المتوقع ألا يحدث تحسناً كبيراً فى هذا النوع من العلاقات فى الفترة القادمة.
ولفت إلى مقولة أوباما في فترة أحداث السفارة الأمريكية بالقاهرة أن مصر لم تعد حليفاً ولا عدواً للولايات المتحدة، وما قد تمثله من استراتيجية في التعامل مع مصر فى الفترة القادمة.
وشدد النجار على ضرورة عدم مناطحة مصر للولايات المتحدة ، وأن تتسم العلاقات بالندية والمصالح المشتركة دون فتح الباب لصراعات قد لا تكون فى صالح مصر فى الفترة الحالية.
فيما قال الدكتور سامر سليمان، أستاذ الاقتصاد السياسى بالجامعة الأمريكية بالقاهرة، إن تغير أو استقرار الأوضاع السياسية فى الولايات المتحدة لن يكون العامل الحاسم للتغير فى العلاقات المصرية الأمريكية الاقتصادية سواء سلباً أو إيجاباً
وأوضح أن العوامل الحاسمة فى هذا الأمر تتمثل فى السياسة الاقتصادية للبلدين، أو تشكيل حكومة من جماعة الإخوان المسلمين فى الفترة المقبلة قد يكون لها توجهات أخرى بعيدة عن الولايات المتحدة، لافتاً أيضاً إلى مقولة أوباما " أن مصر لم تعد حليفة للولايات المتحدة ولكنها ليست عدوة أيضاً".
وتوقع ألا يزيد دعم الولايات المتحدة للاقتصاد المصري عن الدعم المحدود التى كانت تقوم به فى عهد الرئيس السابق مبارك
فيديو قد يعجبك: