"الثلاجة بـ250 جنيها".. كواليس سقوط عصابة لسرقة الشقق في الدقي

كتب - محمد شعبان:

يظن كثير من اللصوص أن ارتكابهم وقائع سرقة متتالية في غضون فترة وجيزة إشارة إلى نجاح خطتهم فيعمدون إلى مواصلة نشاطهم الإجرامي دون توقف بحثا عن جني مزيد من المال وتحقيق أحلامهم الوردية التي سرعان ما تتحول سرابا أمام احترافية ضباط البحث الجنائي في وزارة القبضة

الحديدية.

داخل منزله بشارع سليمان جوهر في حي الدقي، جلس "تامر حنفي" منزويا في أجواء تطبق عليها دخان سيجارته يبحث كيف السبيل للخروج من ضائقته المالية وحاجته لشراء تذاكر مسحوق الهيروين المخدر تمنحه لحظات سعادة وهمية وهروب من واقع يرفضه عقله الباطن.

بمحض الصدفة، تنامى إلى علم "تامر" خبر اعتماد الحكومة لإجازة عيد الأضحى المبارك، فأمسك بهاتفه محدثا رفيقه من أرباب السوابق "تعالى عايزك في موضوع مهم".

لم يكذب الصديق خبرا، وصل إلى المكان المحدد سلفا ليتلقى خطة "تامر" الشيطانية "الدنيا عيد وكله مسافر.. فرصتنا نسرق البيوت من غير حس ولا خبر". وشرع الثنائي الإجرامي في تحديد الوحدات السكنية الشاغرة بمحل إقامة العقل المدبر ومراجعة أسلوب تنفيذ محكم أملا في

"مش عايزين نرجع السجن التاني".

بالانتقال إلى قسم شرطة الدقي وسط محافظة الجيزة، بدت الأجواء عادية في "الاستيفا" -مكان تلقي البلاغات- لكن الشيء الملحوظ توالي بلاغات مواطنين باكتشافهم سرقة أجهزة كهربائية من وحداتهم السكنية فور عودتهم من الإجازة.

صعودا إلى الطابق العلوي -حيث وحدة المباحث- يقف المقدم هاني الحسيني رئيس مباحث الدقي، في شرفة مكتبه شاخصا ببصره إلى نهر النيل، يشتم نسماته في أمسية صيفية، لكن صوت طرق الباب قطع لحظات صفاءه الذهني لدى إبلاغه بتعدد بلاغات سرقة الشقق.

اطلع "الحسيني" معاونه الرائد عمرو مصطفى -العائد من تجربة ناجحة كرئيسا لمباحث قسم ثان أسوان-على الأمر، موجها بتكثيف التحريات وحل اللغز.

استقل الضابط الشاب سيارته قاصدا الشقق محل البلاغات لإجراء معاينة دقيقة للمداخل والمخارج ومراجعة كاميرات المراقبة تنفيذا لتوجيهات العميد عمرو طلعت رئيس مباحث قطاع الشمال.

بدت الصورة واضحة منذ الوهلة الأولى أن تشكيلا عصابيا وراء ارتكاب تلك الوقائع، ويتخذ عناصره من كسر الباب أسلوبا لتنفيذ جرائمهم مستغلين عدم تواجد قاطني الشقق، وأن العقل المدبر ليس بغريب عن المنطقة.

بالعودة إلى قسم الدقي، عقد العقيد هاني شعراوي مفتش مباحث وسط الجيزة، اجتماعا بحضور المقدم محمد أبو زيد وكيل الفرقة، لوضع خطة بحث محكمة لتحديد وضبط عناصر التشكيل.

وعمد رجال المباحث إلى تنشيط مصادر المعلومات السرية وفحص العناصر الجنائية المشهور عنها ارتكاب تلك الوقائع. بنهاية اليوم الأول وردت معلومة "شخص غريب في شقة بينزل أجهزة على تروسيكل".

أمسك ضباط المباحث بطرف الخيط، وجاءت الخطوة التالية بجمع المعلومات حول المشتبه به الرئيسي وتبين أنه مسجل خطر يدعى "تامر حنفي" يبلغ من العمر 30 سنة، مقيم بشارع سليمان جوهر.

اليوم الثاني لعمل فريق البحث كُلل بالنجاح بإلقاء القبض على المتهم الذي أقر بتزعمه تشكيل عصابي -بالاشتراك مع اثنين- تخصص في سرقة المساكن بأسلوب كسر الباب متخذين من دائرة قسم شرطة الدقي مسرحاً لمزاولة نشاطهم الإجرامي.

وأرشد المتهم عن شريكيه -أحدما تاجر خردة بمصر القديمة- وتمكن الرائد حسام العباسي والنقيب محمد وحيد، معاوني مباحث الدقي من ضبطهما.

جهود البحث والتحري للرائد عمرو مصطفى توصلت إلى أن المتهمين اركبوا 5 وقائع، وتم إعادة المسروقات عبارة عن عدد من أجهزة كهربائية "سخان - بوتاجاز - ثلاجة - تكييف" إضافة إلى أحواض دورات مياه، وأن المتهم الرئيسي كان يتصرف فيها لشراء المخدرات الأمر الذي أكده

الأخير "مرة بعت ثلاجة بـ250 جنيه علشان أجيب 4 تذاكر بودرة".

72 ساعة من العمل المتواصل كشف خلالها ضباط مباحث الدقي لغز تعدد بلاغات سرقة الوحدات السكنية ليسدل الستار على القضية بإحالة اللواء محمود السبيلي مدير مباحث الجيزة، للمتهمين إلى النيابة العامة.