إعلان

"لو راجل استنى جوزي".. الفصل الأخير في حياة "قتيل الشهامة" ببولاق (صور)

08:30 ص الإثنين 24 سبتمبر 2018

كتب - محمد شعبان:

كعادته كل مساء، ينتظر "مصطفى" انتهاء عمله للعودة إلى منزله في أحد أحياء بولاق الدكرور، ومقابلة أصدقائه قبل الخلود إلى النوم، سيناريو يومي تغيرت أحداثه معلنة سقوط الشاب اليتيم قتيلًا على يد جاره.

12 منتصف ليل الأربعاء الماضي، اتصل "مصطفى أبو الوفا" بشقيقاته الفتيات لطمأنتهن على اقتراب وصوله، وسؤالهن عن احتياجاتهن لشرائها -رغم كونه الأصغر سنًا- طالبوه بالعودة مبكرًا لأخذ قسط من الراحة بعد يوم شاق من العمل مع شقيقه الأكبر في مجال "الألوميتال" عقب وفاة والديه.

دقائق قليلة مرت على وصول ابن الـ27 ربيعًا المنزل، لم يمكث طويلًا حتى تنامى إلى مسامعه صوت شجار أسفل العقار محل سكنه في شارع (10)، ليقرر النزول واستكشاف الأمر، لكنه لم يدر بأنه سيكون الفصل الأخير في حياته.

مشادة كلامية بين اثنين من الجيران، تراشق طرفاها بالألفاظ النابية وسط محاولات البعض للفصل بينهما، ليقرر "مصطفى" إنهاء تلك المشادة خاصة مع إمساك المتشاجرين بأسلحة بيضاء، يهدد كل منهما الآخر بالقتل، مطالبًا إياهم بالاحتكام للعقل بعيدًا عن العنف "عيب يا جدعان إحنا جيران.. العيال هتخلي الكبار يمسكوا في بعض".

لم تلقَ كلمات الشاب العشريني أي صدى لدى ربة منزل مؤيدة لأحد طرفي المشاجرة، وما كان منها إلا نهرته "إنت مالك أصلًا"، لتقع مشادة كلامية بينهما، انصرفت بعدها مهددة إياه: "والله هجيب جوزي.. لو راجل استنى".

هدأت الأمور داخل الشارع المكتظ بمحلات بيع الملابس قليلًا، لكن سرعان ما اشتعلت نيران الحرب بعودة السيدة مع زوجها الثلاثيني الذي اعتدى بسكين على "مصطفى" محدثًا إصابته بجرح نافذ في الفخذ اليسرى من الخلف.

صراخ وعويل، كر وفر، تبدلت الأحوال في المنطقة، هرع الجميع لنقل الشاب إلى مستشفى بولاق الدكرور العام في محاولة لإنقاذه إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة فور وصوله متأثرًا بإصابته، إذ إن الجرح قطع وترًا يوصل الدم للقلب.

انتشر خبر وفاة "أبو الشهامة" -كما يلقبه أصدقاؤه- كالنار في الهشيم، ليتجمع الجيران أمام العقار سكنه، عاقدين العزم على الانتقام من قاتليه إلا أن عقلاء المنطقة نجحوا في إقناعهم بالاتصال بشرطة النجدة التي أبلغت بدورها قسم شرطة بولاق الدكرور.

انتقل العقيد شامل عزيز، مأمور قسم شرطة بولاق الدكرور، إلى محل البلاغ على رأس قوة أمنية، وفرض طوقًا أمنيًا بقيادة الرائد محمد الجوهري، رئيس مباحث بولاق الدكرور، الذي وجه معاونيه بتفريغ كاميرات المراقبة المثبتة على المحلات التجارية، وسماع أقوال شهود العيان.

لم يستلزم الأمر وقتًا طويلًا لكشف ملابساته، أصابع الاتهام تتجه إلى شخص بعينه شاهده الجميع أثناء اعتدائه على المجني عليه، وهروبه بعدها، وتوصلت تحريات الرائد أحمد عصام، معاون مباحث بولاق الدكرور، إلى أن مشاجرة وقعت بالشارع سكن الضحية بين "عوني. ع"، 32 سنة، فني، وطرف ثانٍ: "إبراهيم. ص"، 16 سنة، ميكانيكي، وزوج شقيقته "علي. ف"، 39 سنة، ميكانيكي، وصديقه "محمد. ع"، 33 سنة، حداد، نتيجة مشادة كلامية بين الطرفين بسبب لهو الأطفال، تدخل "مصطفى" للفصل بينهم، إلا أن الأخير ضربه محدثًا إصابته التي أودت بحياته.

وكلف العقيد محمد الشاذلي، مفتش مباحث غرب الجيزة، بسرعة القبض على الطرف الثاني من المشاجرة، وتمكن النقيبان أحمد مندور، وكريم عبدالرازق، معاونا مباحث بولاق الدكرور، من ضبط المتهمين والأداة المستخدمة في الواقعة.

بالعودة إلى شارع (10)، غلب اللون الأسود على المنطقة حزنًا على مقتل مصطفى "في غمضة عين" حسب أحد أصدقائه الذين سيطرت عليهم حالة من الصدمة الممزوجة بالحسرة، وجلسوا على بعد أمتار من منزل الضحية ليؤكد أحدهم محاولًا منع دموعه التي تملأ عينيه: "أجدع وأطيب واحد ممكن تشوفوا في حياتك.. مات غدر".​

فيديو قد يعجبك: