إعلان

5 عوامل تحدد مستقبل الدولار.. هل يهبط الجنيه مجددا كما توقع سوسيتيه جنرال؟

12:37 م الثلاثاء 28 فبراير 2023

الدولار

كتبت- منال المصري:

قال مصرفيون إنه من الصعب توقع مستوى محدد لسعر الجنيه مقابل الدولار في الأجل القصير، مؤكدين أن العامل الأساسي في حسم تحركات سعر الجنيه أمام الدولار خلال الفترة المقبلة يتمثل في العرض والطلب بشكل أساسي وهو ما يعني أنه سيتوقف على مستوى التدفقات من العملات الأجنبية مقابل الاستخدامات.

وذكروا أن ذلك يأتي بعد اتباع مصر آلية سعر صرف مرن منذ أكتوبر الماضي تنفيذا للاتفاق مع صندوق النقد الأجنبي، مشيرين إلى وجود عوامل اقتصادية أخرى لها دور مؤثر في اتجاه سعر الصرف.

جاءت تعليقات المصرفيين، الذين تحدث إليهم مصراوي، بعد أيام من إصدار بنك سوسيتيه جنرال، أحد البنوك الفرنسية العالمية تقريراً، توقع فيه هبوط سعر الجنيه بنحو 10% خلال الفترة حتى نهاية مارس المقبل، ليسجل سعر الدولار بنهاية الربع الأول من العام الجاري 34 جنيهاً، وذلك مع ارتفاع معدل التضخم وتثبيت المركزي للفائدة وانخفاض التدفقات الدولارية.

ومنذ مارس 2022، بدأ سعر صرف الجنيه في تراجع مستمر وكبير مقابل العملات الأجنبية، ليرتفع سعر الدولار في مقابله بنحو 95%، ووصل متوسط سعر البيع في معاملات البنوك إلى 30.66 جنيهاً حالياً من 15.76 جنيهاً في 20 مارس الماضي.

وأسهم في هذا التراجع الكبير التداعيات السلبية للحرب الروسية الأوكرانية والتي أدت إلى خروج 22 مليار دولار استثمارات أجنبية غير مباشرة من مصر خلال النصف الأول من العام الماضي.

العرض والطلب

قال محمد عبد العال، الخبير المصرفي، لمصراوي، إن مصر تتبع حالياً سعر صرف مرن وليس مدارا، ولذلك فإن صعود أو هبوط الجنيه أمر متوقع وفقا لآلية العرض والطلب دون تدخل من البنك المركزي أو البنوك، مؤكدا أنه من الصعب في الوقت الحالي توقع سعر صرف محدد للدولار مقابل الجنيه على الأجل القصير.

وأوضح أنه في حال زيادة التدفقات الدولارية من الموارد الرسمية لمصر من تحويلات المصريين العاملين بالخارج أو السياحة أو صادرات الغاز سينعكس ذلك على قوة الجنيه أمام الورقة الخضراء، أو العكس سيرتفع الدولار في حال زيادة الطلب على الدولار مقابل نقص المعروض.

كان البنك المركزي عاود في أكتوبر الماضي التأكيد على اتباعه سعر صرف حر للجنيه أمام العملات الأجنبية الأخرى والذي يعني أن تحديد سعر الجنيه أمام الدولار يخضع للعرض والطلب دون تدخل.

جاء تحرك الجنيه الأول في العام الماضي أواخر مارس تزامنا مع بدء دخول مصر مفاوضات للحصول على قرض من صندوق النقد الدولي بقيمة 3 مليارات دولار لسد الفجوة الدولارية وعجز الموازنة، وذلك ضمن التعاون مع الصندوق في برنامج إصلاح اقتصادي.

وبالفعل عقب إعلان البنك المركزي التأكيد على اتباع سياسة سعر صرف مرن في أكتوبر، أعلن صندوق النقد الدولي موافقته المبدئية على ضخ قرض لمصر بقيمة 3 مليارات دولار يصرف خلال شرائح على مدار عمر البرنامج البالغ 3 سنوات و10 شهور.

وأقر الصندوق موافقته النهائية في منتصف ديسمبر الماضي بعدما اطمأن إلى اتباع مصر سياسة سعر صرف مرنة، حيث خرج في بيان مشيدا بذلك ومؤكدا في ذات الوقت على أهمية الاستمرار في هذا الالتزام وأن يتحول إلى شكل دائم.

وقال محمود نجلة، المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، لمصراوي، إن بنك سوسيتيه جنرال اعتمد في بناء توقعاته لسعر صرف الجنيه أمام الدولار على عوامل نظرية تعتمد على التضخم وسعر الفائدة، وليست عوامل عملية تقوم على الافتراض الأساسي في تحديد سعر الصرف وهو العرض والطلب من العملة الأجنبية.

وأوضح أن المعلومات المتعلقة بالعوامل الأساسية في تحديد قيمة الجنيه أمام الدولار على المدى القصير قد لا تكون واضحة أمام أي بنك أو محلل في الوقت الحالي سوى للبنك المركزي الذي يرى الصورة كاملة بناء على حجم البيانات المتعلقة بالطلبات والتدفقات من العملة.

وخلق تقرير بنك سوسيتيه حالة نفسية سلبية لدى البعض بالمزيد من تراجع الجنيه خلال الفترة القصيرة القادمة وإضافة ضغوط على متخذي القرار وسط احتمال غير مؤكدة بحدوث هذا التراجع، وفق ما قاله المتحدثون مع مصراوي.

العلاقة بين التضخم والفائدة

يؤثر على سعر صرف الجنيه عاملان آخران هما معدلات التضخم القائمة التي تشير إلى وجود ارتفاع في الأسعار سواء لأسباب خارجية أو داخلية، مما ينعكس على انخفاض قيمة العملة، وكذلك سعر الفائدة الذي يعد إحدى أدوات البنك المركزي في كبح التضخم، وقد يسهم كذلك في زيادة تدفقات النقد الأجنبي.

وأوضح محمود نجلة، أن سوسيتيه جنرال بنى توقعاته لسعر الصرف على فرضية اتجاه البنك المركزي في آخر اجتماع له إلى تثبيت سعر الفائدة في ظل استمرار ارتفاع معدل التضخم وهو ما قد يؤدى إلى مزيد من تراجع سعر صرف الجنيه أمام الدولار وهي توقعات صحيحة نظرياً وعلى المدى الطويل في حال عدم ظهور مستجدات قد تؤدي لتحسن أوضاع التدفقات.

وأضاف أن آلية تحديد سعر صرف العملة أمام العملات الأخرى بين الدول تعتمد على سعر صرف حر تقوم على معادلة حسابية معروفة وهي احتساب سعر الفائدة والتضخم، وفي حال زيادة معدل التضخم مع عدم وجود عائد حقيقي على المدخرات في البنوك ينعكس ذلك على سعر الصرف الحقيقي للعملات.

وأوضح نجلة أن قرار رفع أو تثبيت سعر الفائدة يرجع إلى البنك المركزي ويخضع تحديده إلى موائمات مختلفة بناءً على البيانات المتاحة لديه بشكل أكثر وضوحاً وكذلك حسب الأولويات الاقتصادية.

وتسارعت وتيرة زيادة معدلات التضخم خلال الشهور الأخيرة تأثرا بتداعيات انخفاض قيمة الجنيه وارتفاع أسعار السلع العالمية خاصة في الأشهر الأولى للحرب الأوكرانية.

وبحسب بيانات البنك المركزي، ارتفع المعدل السنوي للتضخم الأساسي، المعد من البنك، من 7.2% في فبراير 2022 إلى 31.2% في يناير 2023 وهو أعلى مستوى له في 6 سنوات تقريبا.

كما زاد المعدل السنوي للتضخم العام في المدن، والمعد من الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، من 8.8% في فبراير 2022 إلى 25.8% في يناير الماضي.

ومن أهم أهداف لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي كبح جماح التضخم، أي السيطرة على وتيرة زيادة الأسعار، بهدف تحقيق الاستقرار في السوق واستيعاب الضغوط التضخمية.

وحدد البنك المركزي مستهدفات جديدة لمعدل التضخم بعد تجاوز المستهدفات المعلنة في نهاية العام الماضي والتي كانت محددة عند 7٪ (±2٪؜) خلال الربع الأخير من 2022.

وأعلن البنك المركزي عن المستهدفات الجديدة للتضخم في نهاية العام الماضي عند 7% (±2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، مستهدفا تراجعه إلى 5% (±2%) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026.

ويرى محمد عبد العال أن كبح جماح التضخم - السيطرة على زيادة الأسعار- سيعد العامل الأهم الذي سيساهم في تعزيز قوة الجنيه أمام الدولار لكن تكلفة خفض التضخم مرتفعة متمثلة في المزيد من رفع سعر الفائدة وطرح شهادات مرتفعة العائد وإطلاق مبادرات بفائدة مدعمة لتقليل التكلفة على المنتجين من القطاع الخاص.

وأوضح أن ارتفاع التضخم يتسبب في خلق ضغوط قوية على الجنيه بسبب ارتفاع الأسعار، لكن البنك المركزي يستطيع مواجهته بما يمتلكه من أدوات مختلفة تتمثل في رفع الفائدة وزيادة الاحتياطي الإلزامي النقدي.

ولجأ البنك المركزي إلى زيادة سعر الفائدة خلال العام الماضي 4 مرات بمجموع 8% كان آخرها 3% في ديسمبر الماضي، ليصل سعر العائد إلى 16.25% للإيداع و17.25% للإقراض بهدف كبح جماح التضخم.

لكن المركزي قرر في فبراير الماضي تثبيت سعر الفائدة خلال أول اجتماع للجنة السياسة النقدية في 2023 رغم ارتفاع التضخم ليخالف بذلك توقعات السوق وسياسة البنوك المركزية الأوروبية والأمريكية التي تنتهج سياسة تشددية تقوم على زيادة الفائدة لكبح التضخم.

وأوصى صندوق النقد الدولي البنك المركزي بضرورة اتباع سياسة نقدية تتماشى مع معدل التضخم، أي تكون في الوقت الراهن أكثر تشددية تقوم على رفع سعر الفائدة لكبح التضخم وتحقيق عائد حقيقي على مدخرات العملاء في البنوك.

وطالب عبد العال الحكومة بأهمية سرعة إطلاق مبادرة توفير التمويلات بفائدة مخفضة 11% للقطاع الصناعي والزراعي عبر البنوك، بهدف مساعدة السياسة النقدية على تنفيذ مستهدفاتها في كبح التضخم دون القلق من زيادة عبء الإقراض الذي سينعكس بدوره على زيادة الأسعار والتضخم.

وقبل شهر أعلنت الحكومة إتاحة مبادرة بسعر فائدة مدعمة 11% سنويا على أساس متناقص بشريحة تمويلية 150 مليار جنيه لتقليل تكلفة الإقراض على القطاع الخاص، لكن لم يتم تفعيلها حتى الآن وإخطار البنوك بتعليماتها لبدء تنفيذها.

برنامج الطروحات

أعلنت مصر قبل أسبوعين طرح 32 شركة تمتلك الدولة فيها حصصا بشكل جزئي أو كلي للبيع لمستثمرين استراتيجيين أو في البورصة، بهدف سد الفجوة الدولارية المقدرة بـ17 مليار دولار خلال 4 سنوات وفق تقديرات صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير بشأن تفاصيل القرض المقدم منه إلى مصر، وإتاحة الفرصة لدور أكبر للقطاع الخاص في الاقتصاد.

وتوقع محمد عبد العال الخبير المصرفي، نجاح طرح الحكومة بعض شركاتها في جذب مستثمرين خليجيين بالتعاون مع صندوق النقد الدولي مما يساهم في وجود وسيولة دولارية تحقق استقرارا في سعر الصرف.

وأوضح أن تعاون صندوق النقد الدولي في تمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي لمصر يعزز من زيادة ثقة المستثمرين العرب والأجانب للاستثمار في مصر.

وتوقع صندوق النقد الدولي، في تقرير صادر له في وقت سابق، أن تسمح موافقته على تقديم قرض لمصر بتوفير تمويلات إضافية تصل إلى 14 مليار دولار من شركاء دوليين وإقليميين، شاملة موارد تمويلية جديدة من دول مجلس التعاون الخليجي وشركاء آخرين، من خلال عمليات البيع الجارية للأصول المملوكة للدولة، وقنوات التمويل التقليدية من الدائنين الثنائيين ومتعددي الأطراف.

وقال محمود نجلة، إن دخول استثمارات مباشرة من خلال شراء أصول مملوكة للدولة يعزز من زيادة الموارد الدولارية للبلاد مما يساهم في قوة الجنيه أمام الدولار بشرط عدم وجود طلبات أو ضغوط كبيرة مثل طلبات مرتفعة على الاستيراد.

الاستيراد

قال محمد عبد العال، إن ترشيد عمليات الاستيراد ساهمت بدرجة كبيرة في تخفيف الضغط على العملات الأجنبية واستنزافها، وكذلك تحقيق توازن بين العرض والطلب مما يساهم في استقرار سعر الصرف على المدى القصير في حال ثبات كافة العوامل.

وتراجعت وتيرة الاستيراد في مصر منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية بسبب عدم قدرة البنوك على تمويل العمليات الاستيرادية لانخفاض الموارد الدولارية.

لكن الحكومة أعلنت الشهر الماضي انتهاء أزمة تكدس البضائع المستوردة في الموانئ والتي استمرت لعدة شهور وذلك بعد تمويل عمليات دخولها بنحو 15 مليار دولار عبر توفير العملات الأجنبية للمستوردين.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان