إعلان

كيف رأى المعلمون وخبراء التعليم قرار تحصيل ضرائب من الدروس الخصوصية؟

10:11 م الأربعاء 03 نوفمبر 2021

مصلحة الضرائب المصرية

كتب- أسامة علي:

خرجت مصلحة الضرائب بقرار عكس التيار، تطالب فيه مراكز الدروس الخصوصية بفتح ملف ضريبي بمصحلة الضرائب، يتناقض تمامًا مع مساعي الحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم، لمواجهة الدروس الخصوصية.

وأكد رضا عبد القادر، رئيس مصلحة الضرائب المصرية، ضرورة توجه من يقوم بنشاط مراكز الدروس الخصوصية إلى مأمورية الضرائب التي يقع في نطاقها المقر الرئيسي للنشاط، وإخطار المأمورية بالنشاط في موعد أقصاه شهر من الآن، لافتًا إلى أن إخطار المأمورية بنشاط الدروس الخصوصية وفتح ملف ضريبي لا يعد سندًا قانونيًّا لتقنين أوضاع مراكز الدروس الخصوصية.

وقال الدكتور رضا مسعد، رئيس قطاع التعليم السابق بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، إنه ليس هناك تعارض بين تحصيل ضرائب من مراكز الدروس الخصوصية ورفضها من وزارة التربية والتعليم.

وأضاف مسعد، خلال حديثه إلى "مصراوي"، أن وزارة المالية لها قوانين تختلف عن وزارة التربية والتعليم؛ حيث إن وزارة المالية معنية بالتعامل مع الأموال العامة الموجودة في أيدي المواطنين بتمارس أي نشاط "غناء- رقص أو حتى دروس خصوصية.."، وتحصيل الضرائب قضية تخص وزارة المالية وحدها، ولا تعني أنها تسمح بالنشا

وأكد رئيس قطاع التعليم السابق أن السماح بممارسة أنشطة الدروس الخصوصية يرجع إلى الوزارة المختصة "التربية والتعليم"، وفي ذات الوقت من حق الدولة أن تأخذ حقها حتى ولو كان مخالفًا للقانون، مؤكدًا أنه لا يمكن السماح بوقوع الضرر على الدولة مرتين، مرة بإفساد التعليم "وإضرار الطلاب وأولياء الأمور"، والمرة الأخرى بإضرار الدولة وعدم تحصيل ضرائب، مشددًا على أن الدروس الخصوصية جريمة مزدوجة، ضد وزارتي التربية والتعليم والمالية.

ولفت مسعد إلى أن الدروس الخصوصية أفسدت التعليم في مصر، وكانت من أسباب تراجع مستوى التعليم خلال الـ30 عامًا الماضية.

وقال الدكتور عاصم حجازي، أستاذ علم النفس التربوي المساعد بكلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة، إن الدروس الخصوصية ظاهرة خطيرة تهدد المجتمع المصري وتعوق بدرجة كبيرة الجهود المبذولة لتطوير التعليم؛ لأن حرص البعض على استمرارها وتحقيق الربح منها يجعلهم يقفون حجر عثرة في طريق أي تطوير حقيقي منشود في قطاع التعليم، كما أنهم لا يسهمون بجدية في تنفيذ خطط التطوير التي تعدها الوزارة؛ رغبة منهم في إفشالها.

وأضاف حجازي، خلال حديثه إلى "مصراوي"، أنه يجب على الحكومة توحيد جهودها في القضاء على هذه الظاهرة ومواجهتها بكل السبل الممكنة، معتبراً أن فتح ملف ضريبي للمشتغلين بالدروس الخصوصية، بمثابة تقنين لأوضاعهم أو اعتراف بأن هذا النشاط هو نشاط مشروع؛ وهو ما يتناقض مع نظرة كل من الدولة والمجتمع بأسره إلى هذه الظاهرة على أنها جريمة في حق الوطن وفي حق الطالب وولي الأمر.

ويرى أستاذ علم النفس التربوي أن ما تقوم به وزارة التربية والتعليم من جهد في محاصرة هذه الظاهرة من خلال إحداث تغييرات جذرية في نظم التدريس والتقويم هو جهد طيب؛ ولكن يجب على الوزارات الأخرى المعنية أن تضع خططًا لمواجهة هذه الظاهرة والقضاء عليها أو وضع قواعد لتقنينها بشكل أفضل بدلًا من تقنينها بوضعها الحالي.

وأشار حجازي إلى أن الدروس الخصوصية ظاهرة مركبة، ولها أبعاد قد تكون خافية على البعض، فالمعلمون أنفسهم لديهم فروق فردية في القدرة على توصيل المعلومة والتمكن من المادة العلمية مثلما أن هناك فروقًا بين الطلاب في استقبال المعلومة والتعامل معها، لذا فإن بعض الطلاب في مدرسة ما قد يعانون ضعف مستوى بعض المعلمين ولذا يلجؤون إلى معلم آخر ليتمكنوا من استيعاب المقرر.

وأوضح حجازي أنه إذا كانت الحكومة تسعى لتقنين الدروس الخصوصية، يمكن أن يكون باختيار أفضل المعلمين في كل منطقة تعليمية عن طريق استفتاء يجيب عنه الطلاب وتتعاقد وزارة التربية والتعليم معهم لتقديم شرح للمقرر يتم بثه عبر المنصات التعليمية والمحاضرات التفاعلية، ويتقاضى المعلم عن هذا العمل أجرًا غير مبالغ فيه ويجرم ما عدا ذلك طالما أنه ليس تحت إشراف الوزارة.

تابع أستاذ علم النفس التربوي: "يتم تجديد الاستفتاء في كل عام، ويكون باقي المعلمين في التخصص ملزمين بحضور بعض المحاضرات التي يلقيها المعلم الذي تم اختياره؛ للاستفادة من طريقة الشرح التي يقوم بها ومحاولة اكتساب مهاراته وتطوير أدائهم في الفصول وفقًا لما اكتسبوه من مهارة، وقد يحدث بعد ذلك أن يتم اختيارهم من قِبل الطلاب في الاستبيانات اللاحقةـ وشيئًا فشيئًا ستقل الفجوة والفروق الفردية بين المعلمين وتختفي تماماً ظاهرة الدروس الخصوصية".

وقال إمام علي، معلم رياضيات بوزارة التربية والتعليم والتعليم الفني، إن تحصيل ضرائب من مراكز الدروس الخصوصية يشجع على عودة نشاط السناتر، التي قطعت فيه الحكومة شوطًا كبيرًا للقضاء على هذه الظاهرة.

وأضاف علي، خلال حديثه إلى "مصراوي"، أن الدروس الخصوصية تتعارض مع فكرة التطوير التي تنتهجها الوزارة، وكذلك تتنافس مع فكرة مجموعات التقوية التي أتاحتها الوزارة.

وقال صالح جمال، معلم لغة إنجليزية بوزارة التربية والتعليم، إن قرار إنشاء ملف ضريبي لأصحاب الدروس الخصوصية غير قابل للتطبيق وسيصطدم بأرض الواقع.

وأضاف جمال، خلال حديثه إلى "مصراوي"، أن أصحاب السناتر والمعلمين يخشون وضعهم تحت طائلة القانون؛ خصوصًا أن الحكومة ممثلة في وزارة التربية والتعليم غير معترفة بشرعية الدروس الخصوصية، مضيفًا: "إذا أرادت الحكومة تحصيل ضرائب من الدروس الخصوصية فيجب التفكير في تقنينها ومنها الشرعية والمظلة القانونية للعمل في النور".

وقال هيثم سعد، الخبير القانوني، إن تحصيل ضرائب من الدروس يعد تقنينًا لها، مؤكدًا أنه ليس هناك ضرائب على عمل غير مشروع، ولا يمكن للحكومة تحصيل ضرائب من تجار المخدرات باعتبار أنها تحقق أرباحًا.

وأضاف سعد، لـ"مصراوي"، أن تحصيل الضرائب يتم من العمل المشروع فقط، موضحًا أنه إذا قامت الحكومة بتحصيل ضرائب من مراكز الدروس فهذا يعني أنها حصلت على حقها الضريبي.

فيديو قد يعجبك: