أفتى بحرمته الأزهر.. فقيه مصري يتحدث عن استئجار الأرحام قبل مائتي عام
كتب- محمد علي شرباش:
مسألة استئجار الأرحام ظهرت في الغرب وحدثت فعليا بين النساء منذ ثمانينيات القرن الماضي، وأول تطبيق لها كان على الحيوانات؛ بهدف تحسين الإنتاج، ولكنها سرعان ما انتقلت إلى البشر في أوروبا وأمريكا.
وقد تعرض لهذه المسألة فقيه أزهري مصري من فقهاء الشريعة الإسلامية، في القرن الـ18 الميلادي، وهو الإمام "البُجَيْرَمِيّ".
وذكر هذه المسألة في كتابه "التجريد لنفع العبيد"، أو حاشية البجيرمي على شرح المنهج، ونص كلامه:
"وقع السؤال في الدرس عما لو كان لشخص أمَتَان فوطئ إحداهما وحملت منه، فوضعت علقة، فأخذتها الأمَة الثانية ووضعتها في فرجها، فتخلقت، وولدت ولدا فهل تصير الأمة الثانية مستولدة أم لا؟
واعتمد شيخنا أنها لا تصير مستولدةً بذلك؛ لأنه لم ينعقد من منيه ومنيها في هذه الحالة ويلحقه الولد".
• فمن هو الإمام البُجَيْرَمِيّ؟
هو سليمان بن محمد بن عمر البجيرمي المصري، ولد سنة (1131هـ – 1719م) في بُجَيْرَم (من قرى الغربية بمصر)، وذهب إلى القاهرة صغيرا، فحفظ القرآن وتعلم في الأزهر الشريف، ودرّس العلم الشرعي، وانتفع به أناس كثيرون، كما ذكر الجبرتي، وله كتب في الفقه الشافعي، منها: التجريد، 4 أجزاء، وتحفة الحبيب، وهو 4 أجزاء أيضا
وكان البجيرمي- رحمه الله- كُفّ بصره، وعاصر الاحتلال الفرنسي لمصر وتوفي بعد انتهائه بـ6 سنوات في شهر رمضان.
وهذه الحادثة المذكورة تدل على مدى المرونة والعظمة التي تتسم بها الشريعة الإسلامية؛ فإنك لن تجد حادثة قديمة أو نازلة مستجدة، أو حتى قضية خيالية أثيرت في الذهن، إلا وتستطيع أن تستخرج لها حكما شرعيا له وجاهته ورصانته التي تتناغم مع العقل والفطرة، تقدر على تكييفها فقهيا، وإدراجها تحت ضابط من الضوابط، أو قاعدة من القواعد الفقهية أو الأصولية.
وكان من نتيجة الثراء الفقهي والمرونة في الشريعة الإسلامية أن ظهرت مدرسة فقهية في العراق، بعد عصر الصحابة، سميت بمدرسة الرأي.
ويقول الدكتور محمد رأفت عثمان، أستاذ الفقه المقارن، عضو مجمع البحوث الإسلامية، إن هذا يدل على "خصوبة الفقه الإسلامي وصلاحيته لبيان الأحكام في كل ما يستجد في حياة الإنسان من قضايا".
جدير بالذكر أن استئجار الأرحام محرم في الشريعة الإسلامية، وقد أفتى بحرمته الأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية، ومجمع البحوث العلمية.
فيديو قد يعجبك: