إعلان

في ذكرى وفاة "الرافعي".. معركته "تحت راية القرآن" مع طه حسين

04:16 م الأحد 10 مايو 2020

الرافعي

كتبت – آمال سامي:

في مثل هذا اليوم توفي مصطفى صادق الرافعي عام 1937م، وهو أحد أشهر وأبرز أعلام الأدب العربي والإسلامي..

ولد مصطفى صادق الرافعي في بهتيم بمحافظة القليوبية في أول يناير عام 1880م، لكنه في الحقيقة سوري الأصل، فأسرته من طرابلس بالشام، يعيش عليها إلى الآن أهله وبنو عمه، لكن مولده كان في مصر، وبسبب أصله السوري، كان بعض الأدباء يتهمونه في وطنيته وانتمائه لمصر، فكان يرد قائلًا: "أفتراهم يتهمونني في مصريتي لأنني في زعمهم غير مصري وفي مصر مولدي وفي أرضها رفات أبي وأمي وجدي"، يروي لنا قصة حياته محمد سعيد العريان في كتابه "حياة الرافعي"، فيقول أنه تعلم الدين في صغره وحفظ شيئًا من القرآن الكريم وتعلم كثيرًا من أخبار السلف، ودخل الابتدائية بعدما جاوز العاشرة بسنة أو اثنين فتلقى تعليمه الابتدائي بداية في مدرسة دمنهور ثم انتقال إلى المنصورة بصحبة والده بعد تعيينه قاضيًا لمحكمة المنصورة حتى نال منها الشهادة الابتدائية وعمره حوالي سبعة عشرة سنة، وبعدها مباشرة أصاب الرافعي مرض شديد يقال أنه التيفويد، وهو ما جعله أصمًا بعد فترة حيث ظلت قدرته على السمع تتهاوى عامًا بعد عام، وكان ذلك المرض سبب انقطاعه عن التعليم في المدارس بعد الشهادة الابتدائية حسب العريان.

يشترك الرافعي مع العقاد في أن كليهما لم يحصل سوى على الشهادة الابتدائية واستمر هو بعد ذلك بالدراسة والاطلاع بنفسه في مكتبة والده، كانت بداية اهتمام الرافعي بالشعر العربي ثم النثر ثم المقال وهذا هو الجانب المشهور للرافعي، حيث كتاباته الأكثر شهرة، كوحي القلم، ورسائل الأحزان، والمساكين، وغيرها، لكن كان للتأليف الديني جانب مهم في حياة الرافعي، فله العديد من المؤلفات الدينية الهامة، أبرزها وأبرعها كتابه "إعجاز القرآن" وهو الجزء الثاني من كتابه تاريخ آداب العرب، وقد تحدث فيه الرافعي عن إعجاز القرآن الكريم ثم عن بلاغة الرسول صلى الله عليه وسلم في الأحاديث النبوية الشريفة، وكانت تدور موضوعات الكتاب ليس فقط حول بلاغة اللفظ ولكن أيضًا عن تاريخ القرآن وجمعه وتدوينه وطرق الأداء وقراءه ووجوه القراءة وقراءة التلحين وغيرها..

بحروف تشتعل غضبًا رد الرافعي على أفكار طه حسين وآرائه في كتاب "في الأدب الجاهلي" وما نشره في عدة مقالات، فكتب أشهر كتبه وهو كتاب "تحت راية القرآن" جامعًا فيه عدد كبير من المقالات يرد فيها على طه حسين وآراءه خاصة كتاب "في الأدب الجاهلي" الذي أثار ضجة كبيرة حين صدر، وعلى المقالات التي كانت تنشر لطه حسين في ذلك الوقت ويهاجم فيها بعض الشيوخ والعلماء، ومنها مقال كتبه طه في جريدة السياسة اليومية هاجم فيه شيوخ الأزهر وعلماء الدين ووصفهم بالجهل، وكان مما قاله: "والفرق بيني وبين الشيوخ أني مسلم حقًا أفهم الإسلام على وجهه"، فكان رد الرافعي عليه في مقاله قاسيًا، حيث قال: "أهو مسلم حقًا وشيخ الأزهر والعلماء المسلمون مسلمون (لا حقًا)، وهم لا يفهمون الإسلام على وجهه مثل طه لأنهم لم يكذبوا القرآن ولم ينكروا النبوة مثل طه".

ويصف العريان نقد الرافعي لطه في هذا الكتاب بأن أسلوبه "أسلوب أليم من التهكم"، ثم يقول أنه لولا عبارات وأساليب هي لازمة من لوازم الرافعي في النقد إذا كان بينه وبين من ينقده ثأرلكانت كتاباته نموذج عال في النقد العلمي الصحيح.

وفي يوم الاثنين العاشر من مايو عام 1937م، توفى مصطفى صادق الرافعي وهو لم يبلغ أرذل العمر كما تمنى ولم يرقد في فراشه.

كانت للرافعي مكانة كبيرة بين العلماء والأدباء والمفكرين:

· فقال عنه محمود محمد شاكر بعد وفاته : "رحمة الله عليه؛ لقد شارك الأوائلَ عقولَهم بفكره، ونزع إليهم بحنينه، وفلج أهل عصره بالبيان حين استعجمت قلوبُهم، وارتضخت عربيتهم لكنةً غير عربية، ثم صار إلى أن أصبح ميراثًا نتوارثه، وأدبًا نتدارسه، وحنانًا نأوي إليه".

· كتب إليه الإمام محمد عبده قائلًا: "اسأل الله أن يجعل للحق من لسانك سيفًا يمحق الباطل، وأن يقيمك في الأواخر مقام حسان في الأوائل".

· وكتب مصطفى كامل عنه: "وسيأتي يوم إذا ذكر فيه الرافعي قال الناس: هو الحكمة العالية مصوغة في أجمل قالب من البيان".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان