من هي حمالة الحطب التي ورد ذكرها في القرآن الكريم؟
كتبت – سارة عبد الخالق:
لم يذكر القرآن الكريم اسمها صريحا، ولكن عرفت بـ"حمالة الحطب".. وقد ذكرت مرة واحدة.. فمن هي حمالة الحطب التي ذكرت في القرآن الكريم؟
هي "أروى" أم جميل بنت حرب بن أمية بن عبد شمس، وهي أخت أبي سفيان، وعمة معاوية، ترعرعت أم جميل في بيت قريشي كبير وتزوجت من "عبد العزي بن عبد المطلب" المذكور في القرآن الكريم باسم (أبي لهب)، وهي أم ولديه "عتبة وعتيبة"، وفقا لما جاء في (أعلام القرآن) لعبد الحسين الشبستري، و(معجم أعلام النساء في القرآن الكريم) لعماد الهلالي، و(نساء في القرآن) لمريم نور الدين فضل الله.
ذكرت في القرآن الكريم مرة واحدة بلفظ (حمالة الحطب) في سورة المسد، لكن لم يذكر اسمها صريحا في كتاب الله.
كان لزوجها أبو لهب – عم رسول الله صلى الله عليه وسلم - موقف شهير عندما دعا النبي – صلوات الله عليه – عشيرته إلى طعام في بيته بعدما أمره الله تعالى بعد ثلاث سنوات من حين البعث أن يظهر ما خفي من أمر الدعوة ويدعوهم لدين الله الواحد الأحد، فعندما تحدث إليهم في هذا المجلس داعيا إياهم إلى المولى - جل وعلا - ، قاطع حديثه عمه (أبو لهب) ودعا القوم ليقوموا وتركوه.
ثم دعا النبي – صوات الله عليه – عشيرته مرة أخرى في اليوم التالي، فلما طعموا عنده قال لهم: ما أعلم إنسانا في العرب جاء قومه بأفضل ما بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني ربي أن أدعوكم إليه، فأيكم يؤازرني على هذا الأمر، فأعرضوا عنه وهموا بتركه للكن عليا نهض، وهو مايزال صبيا دون الحلم، وقال: أنا يا رسول الله عونك أنا حرب على من حاربت، فابتسم بنو هاشم وضحك بعضهم بصوت عال، وجعل نظرهم ينتقل من أبي طالب إلى ابنه، ثم انصرفوا مستهزئين.
ثم انتقل النبي – عليه الصلاة والسلام – إلى دعوة أهل مكة، وصعد الصفا في يوم من الأيام ونادى: يا معشر قريش.. وبدأ يدعوهم إلى عبادة الواحد الأحد وأن يشهدوا بأنه لا إله إلا الله.
فهنا نهض أبو لهب – وكان سريع الغضب ، وقال: "تبا لك سائر هذا اليوم، ألهذا جمعتنا"، وعندها نزل الوحي على رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ونزلت الآيات الكريمة من سورة المسد: {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (1) مَا أَغْنَىٰ عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (2) سَيَصْلَىٰ نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ (3) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4) فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ}.
جاء في تفسير القرطبي قوله: "فلما سمعت امرأته ما نزل في زوجها وفيها من القرآن ، أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس في المسجد عند الكعبة ، ومعه أبو بكر - رضي الله عنه - ، وفي يدها فهر من حجارة ، فلما وقفت عليه أخذ الله بصرها عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، فلا ترى إلا أبا بكر . فقالت : يا أبا بكر، إن صاحبك قد بلغني أنه يهجوني ، والله لو وجدته لضربت بهذا الفهر فاه ، والله إني لشاعرة :
مذمما عصينا وأمره أبينا ودينه قلينا
ثم انصرفت . فقال أبو بكر : يا رسول الله ، أما تراها رأتك ؟ قال : " ما رأتني ، لقد أخذ الله بصرها عني ".
فهي كانت امرأة متكبرة، قاسية القلب، وحدة اللسان، حقودة تحمل الضغينة والكره في قلبها لأولاد عمها من بني هاشم، لاتتهاون في إيذاء الناس.
ومن شدة كرهها وضغينتها، كانت ابنتا النبي "رقية وأم كلثوم" – رضي الله عنهما – قد تزوجتا من أولاد أبي لهب "عتبة وعتيبة"، وعندما جهر النبي - صلوات الله عليه - بالدعوة ائتمرت قريش على بنات النبي، وتكلفت "أم جميل" بتطليقهما من ولديها.
ولم يقف كرهها وضغينتها فقط عند التفريق بين بنات النبي وأزواجهما فور الجهر بالدعوة، ولكنها كانت تحمل الشوك فتطرحه في طريق النبي – صلى الله عليه وسلم – عندما يمر.
أخرج ابن أبي الدنيا في ذم الغيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد : { وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ}، قال: كانت تمشي بالنميمة { فِي جِيدِهَا حَبْلٌ مِّن مَّسَدٍ} من نار.
وظلت تفعل ذلك في كره وضغينة، حتى همت بفعل هذا الفعل في يوم من الأيام فلم تستطع الوصول إلى مكان نثر الشوك في طريق النبي، وجاءتها سكرة الموت، وماتت.
فيديو قد يعجبك: