في ذكرى ميلاد "الآلوسي الكبير".. المفسر الفقيه مؤلف "روح المعاني في تفسير القرآن"
كتبت – سارة عبد الخالق:
صاحب أحد كتب التفاسير المهمة، جمع فيه خلاصة علم المتقدمين في التفسير، وأولى عناية كبيرة بنقد روايات الإسرائيليات.. هو أحد علماء القرن الثالث الهجري وشيخ العلماء في عصره في العراق.. قصده طلاب العلم من أماكن بعيدة ليأخذوا العلم عنه.. فلم يكن فقيهاً فقط، بل كان أديباً وخطاطاً ماهراً إنه (أبو الثناء الآلوسي) الملقب بـ "الآلوسي الكبير".
في مثل هذا اليوم الموافق 11 ديسمبر من عام 1803 م، يقدم مصراوي، في ذكرى ميلاد "الآلوسي الكبير" تقريراً عن أهم المحطات في حياته وأهم مؤلفاته.
هو الإمام محمود بن عبد الله الحسيني الآلوسي، شهاب الدين، أبو الثناء، مفسر ومحدث وأديب، من المجددين من أهل بغداد، مولده ووفاته فيها، يرجع نسبه إلى مدينة آلوس وهي جزيرة في وسط نهر الفرات في محافظة الأنبار، حيث فرّ إليها جد هذه الأسرة من وجه هولاكو التتري عندما دهم بغداد فنسب إليها، ويرجع نسب عائلته إلى سبط النبي محمد فهي عائلة علوية النسب، وآلوسية في الموطن وبغدادية السكن.
أخذ الإمام الآلوسي العلم على يد كبار العلماء، وعلى الرغم من كونه شافعي المذهب إلا أنه كان يقلد المذهب الحنفي في المعاملات مدة إفتائه، وعرف عنه ميله إلى آراء الحنفية في كثير من المسائل الفقهية.
الآلوسي مفتياً
"كان سلفي الاعتقاد، مجتهدا، تقلّد الإفتاء ببلده بموجب الفرمان السلطاني العثماني، ثم عُزل، فانقطع للعلم، ثم سافر إلى الموصل، فالآستانة، ومر بماردين، وسيواس، فغاب 21 شهرا، وذهب إلى الباب العالي، فأكرمه السلطان عبد المجيد، وعاد إلى بغداد ليدوّن رحلاته ويكمل ما كان قد بدأ به من مصنفاته، وظل وهو في منصب الإفتاء يشتغل في التأليف وتدريس العلوم وقضاء حاجات الناس، فاستمر إلى أن توفى"، طبقا لما جاء في (نشوة الشمول في السفر إلى إسلامبول) للعلامة شهاب الدين محمود بن عبد الله الآلوسي الكبير أبي الثناء.
لم يكن الإمام أبو الثناء الآلوسي فقيهاً مفسراً فقط بل كان خطاطاً ماهراً دوّن وخط معظم كتبه بخطه، وقد أخذ إجازة الخط من الخطاط "سفيان الوهبي" وهو أحد أشهر الخطاطين في بغداد، وفقا لما جاء في (البغداديون أخبارهم ومجالسهم) لإبراهيم عبد الغني الدروبي.
كما كان أديبا مميزا أيضا في عصره، حيث قام بتدوين كتب ومؤلفات أدبية خالصة، وكانت له مكانة وسط أدباء عصره من الشعراء والكتاب.
أهم مؤلفاته: روح المعاني في تفسير القرآن
يأتي على رأس هذه قائمة مؤلفاته كتابه: (روح المعاني في تفسير القرآن الكريم والسبع المثاني) الشهير بـ (تفسير الآلوسي)، هذا الكتاب الذي يعتبر موسوعة تفسيرية ذات قيمة، فهو أحد كتب التفاسير الهامة، حيث جمع فيه خلاصة علم المتقدمين في التفسير، ومنهجه في ذلك البحث عن كيفية النطق بألفاظ القرآن الكريم ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي تحمل عليها حالة التركيب وتتمات لذلك كمعرفة النسخ وسبب النزول وقصة توضح ما أبهم في القرآن ونحو ذلك.
وأفرغ فيه الإمام الآلوسي وسعه، حتى أخرجه للناس كتاباً جامعاً لآراء السلف رواية ودراية، مشتملاً على أقوال الخلف بكل أمانة وعناية، فهو جامع لخلاصة ما سبقه من التفاسير، فتراه ينقل لك عن تفسير ابن عطية، وتفسير أبي حيان، وتفسير الكشاف، وتفسير أبي السعود، وتفسير البيضاوي، وتفسير الفخر الرازي وغيرها من كتب التفاسير المعتبرة.
ومن مهنيته ومصداقيته في التفسير فهو إذا نقل عن تفسير أبي السعود يقول غالباً: قال شيخ الإسلام، وإذا نقل عن تفسير البيضاوي يقول: قال القاضي، وإذا نقل عن تفسير الفخر الرازي يقول: قال الإمام، وهو إذ ينقل عن هذه التفاسير ينصب نفسه حكماً عدلاً بينها، ويجعل من نفسه نقاداً مدققاً، ثم يبدي رأيه حراً فيما ينقل فهو ليس مجرد ناقل، بل له شخصيته العلمية البارزة، وأفكاره المميزة.
مؤلفاته:
كما قدم كتب أخرى أمثال: (نشوة الشمول في السفر إلى إسلامبول وهو عن رحلته إلى الإستانة) ، (نشوة المدام في العودة إلى دار السلام) ، (غرائب الاغتراب) ضم فيه تراجم الشخصيات الذين التقى بهم وأبحاثا ومناظرات، (دقائق التفسير) ، (الخريدة الغيبية) شرح به قصيدة لعبد الباقي الموصلي، (كشف الطرة عن الغرة) شرح به درة الغواص للحريري، (مقامات) في التصوف والأخلاق، عارض بها مقامات الزمخشري، الأجوبة العراقية ، (حاشية على شرح القطر) في النحو، و(الرسالة اللاهورية) ، وفقا لما جاء في (نشوة الشمول في السفر إلى إسلامبول)، بالإضافة إلى (المقامات الآلوسية)، (الفوائد السنية)، وغيرها الكثير من الرسائل والمؤلفات المخطوطة والمطبوعة.
وقد توفى أبو الثناء الآلوسي – رحمة الله عليه – في بلده بغداد عام 1854 م.
فيديو قد يعجبك: