بعد اقتحام المستوطنين له فجرًا.. كيف ينظر المسلمون واليهود إلى "الحرم الإبراهيمي"؟
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
-
عرض 4 صورة
كتبت – آمال سامي:
اقتحم المستوطنون الإسرائيليون اليوم الحرم الإبراهيمي فجرًا، إذ أقاموا حفلًا توراتيًا داخل الحرم الإبراهيمي في الخليل، وكان على رأس المقتحمين عضو الكنيست المتطرف موشيه فيجلن، وقام المستوطنون بتأدية صلوات تلمودية في قلب الحرم الإبراهيمي.
ولم تكن هذه المرة الأولى، إذ تزايد عدد اقتحامات المستوطنين للأماكن المقدسة الإسلامية سواء المسجد الأقصى أو الحرم الإبراهيمي، فاقتحموا كذلك المسجد الأقصى مؤخرًا من جهة باب المغاربة بتسهيلات من الشرطة الإسرائيلية، وكانت وزارة الأوقاف والشئون الدينية الفلسطينية قد أدانت في وقت سابق ممارسات الإحتلال في المسجد الإبراهيمي، إذ لم تقتصر الإعتداءات على اقتحام الحرم ولكن أيضًا إغلاق المسجد أمام المصلين المسلمين وطرد الموظفين ومنع رفع الآذان فيه وحظر إقامة الصلوات.
#فيديو مستوطنون يقيمون حفلاً توراتيًا داخل الحرم الإبراهيمي في الخليل فجر اليوم pic.twitter.com/hwgUMPKZxo
— وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) September 29, 2021
والحرم الإبراهيمي هو أحد الأماكن التي يشترك أبناء الأديان السماوية الثلاث في تقديسها، وفي السطور التالية نتناول تاريخه وقدسيته عند المسلمين واليهود على حد سواء.
"المسجد الإبراهيمي" الرؤية الإسلامية
يعتبر المسجد الإبراهيمي دوليًا وقف إسلامي خالص، لا يحق لغير المسلمين الصلاة فيه، ويقع المسجد في البلدة القديمة لمدينة الخليل في جنوب الضفة الغربية المحتلة بفلسطين، ويعتبر المسجد الإبراهيمي رابع الأماكن المقدسة عند المسلمين، وأقيم المسجد الإبراهيمي فوق المغارة التي دفن فيها سيدنا إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة وأبناؤه إسحاق ويعقوب وزوجاتهما.
تعاقب على المسجد عصور شتى، من قبل الميلاد، لبعده، لعهد المسيح وانتشار المسيحية، إلى العهد الإسلامي وفتح المسلمين للبلاد، ويذكر الموقع الرسمي لمدينة الخليل أن أول ما وصل إلينا من مظاهر الاهتمام بالمغارة والحرص على حمايتها هو بناء السور الضخم (الحير) حولها وتشير الدراسات الى تشييده في عهد هيرودوس في العقد الأخير قبل الميلاد.
في عام 1099م وفي غمار الغزو الصليبي، استولى الفرنجة على المسجد وحولوه إلى كنيسة حتى حرره صلاح الدين الأيوبي عام 1187م، بعدما نجح في التصدي للغزو الخارجي واستعادة البلاد تحت الحكم الإسلامي مرة أخرى، وتعرض المسجد لعدة عمليات توسعة عقب ذلك منذ العصر المملوكي وأيضًا حتى العصر العثماني، وحين سيطر الإنجليز على "الخليل" تراجع الاهتمام بالمسجد، لكن بعد إلغاء الانتداب البريطاني تولت الأردن إدارة الضفة الغربية، فقامت بعمل توسعات للمسجد وأقامت ساحات مفتوحة حوله.
في عام 1994م قام مستوطن إسرائيلي يدعى باروخ غولديشتاين بتنفيذ مجزرة الحرم الإبراهيمي الشهيرة بالتعاون مع مستوطنين آخرين، إذ اقتحم المسجد وقتل عشرات المصلين بداخله أثناء صلاتهم أثناء شهر رمضان الكريم، وبلغ عدد ضحايا المجزرة 50 شهيدًا من بينهم 20 فلسطينيًا قتلوا خلال الاشتباكات بين قوات الإحتلال والمظاهرات التي خرجت منددة بالمجزرة، وعقبها تم فرض حظر تجول في المدينة وتم تقسيم الحرم الإبراهيمي ليحصل المستوطنون على نحو 60% من الحرم بالإضافة إلى سيطرة قوات الاحتلال على أجزاء من بلدة الخليل، وحسب وكالة الأنباء الفلسطينية وفا، فالجزء المغتصب من الحرم يضم مقامات وقبور أنبياء، وشخصيات تاريخية، إضافة إلى صحن الحرم، وهي المنطقة المكشوفة فيه.
وفي عام 1997 تم تقسيم الخليل بين الفلسطينيين والإسرائيليين بموجب اتفاققية عقدت بين الطرفين تقتضي بانسحاب إسرائيل من 80% من الأراضي التي احتلتها في المدينة، وتقع المدينة القديمة والحرم الإبراهيمي في الجزء الخاضع للسيطرة الإسرائيلية حسب تقرير نشرته الـ BBC سابقًا.
وفي عام 2017 أعلنت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" إدراج مدينة الخليل القديمة والمسجد الإبراهيمي ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، وذلك بالرغم من الاعتراض على القرار من قبل السلطات الإسرائيلية، بينما اعتبره الفلسطينيون نصرًا، إذ أصبحت البلدة القديمة في الخليل رابع ممتلك ثقافي فلسطيني على لائحة التراث العالمي بعد القدس البلدة العتيقة وأسوارها.
"كهف البطاركة" المذكور في التوراة
هكذا يسمى المسجد الإبراهيمي عند اليهود أو مغارة المكفيلة، وهو يعتبر ثاني الأماكن المقدسة لديهم بعد جبل الهيكل، وجاءت تسميته بـ مغارة المكفيلة لأنه الاسم المذكور عند اليهود في التوراة للمغارة التي يقوم عليها المسجد، وهذه المغارة حسب الرواية التوراتية اشتراها ابراهيم عليه السلام من "عفرون الحثي" ليدفن فيها زوجته سارة بعد موتها، و"المكفيلة" كلمة سامية تعني مزدوجة للدلالة على أن المغارة تتكون من كهفين، أما كهف البطاركة فهي لأنها ضمت مدافن أنبياء اليهود، إبراهيم وإسحق ويعقوب وزوجاتهم، وهم يعتبرون من بطاركة العهد القديم في الديانة اليهودية.
وتتفق الرواية اليهودية والإسلامية في هذا الخصوص، إذ يرى المسلمون أيضًا أن الحرم الإبراهيمي يضم مقابر الأنبياء، فيقول ابن كثير في البداية والنهاية: "فقبره (أي إبراهيم) وقبر ولده إسحاق وقبر ولد ولده يعقوب في المربّعة التي بناها سليمان بن داود عليه السلام ببلد حبرون، وهو البلد المعروف بالخليل اليوم. وهذا مُتَلَقَّى بالتَّواتر أمّة بعد أمّة، وجيلاً بعدَ جيل من زمن بني إسرائيل، وإلى زماننا هذا أن قبره بالمربّعة تحقيقًا، فأمّا تعيينه منها فليس فيه خبر صحيح عن معصوم".
فيديو قد يعجبك: