إعلان

صلاح فايز: محمد فوزي قابلني بـ"الجلابية والبُلغة" وعضلة بقلبه كانت "بتنط" مع ألحانه

12:11 م السبت 16 ديسمبر 2017

الشاعر صلاح فايز

حوار- مصطفى حمزة ومنى الموجي:

تصوير- أحمد النجار:

قبل أن يملأ الدنيا بأشعاره الرومانسية، التي تحكي عن "الحب الحقيقي"، أو تلك التي نستدعيها في ليلة العمر لنغني "يا ولاد بلدنا يوم الخميس هكتب كتابي وابقى عريس"، أو نستخدمها لنشكو غدر الأحباب في "غدارين"، ونتعجب معها من اللقاء بعد الفراق "معقول نتقابل تاني"، عرف كتابة شعارات الإضرابات والمظاهرات التي يخرج فيها الطلبة منددين بالاحتلال الإنجليزي تارة والإخوان تارة أخرى، أثناء دراسته في أحد أعرق المدارس الأميرية في عصره "التوفيقية الثانوية"، هو الشاعر الكبير صلاح فايز.

1

لعبت نشأته وتربيته في حي شبرا، دورًا كبيرًا في أن يكون شاعر غنائي مختلف ومتطور، حيث كان يسكن إلى جوار، إيطاليين وأرمن ويونانيين، انتقل من المدرسة التوفيقية إلى المدرسة الثانوية العسكرية الملكية- الداخلية، تمهيدًا لإلحاقه بالكلية الحربية، لينتقل من حياة مدنية تامة لحياة عسكرية، وربما كانت هذه المفارقة التي لم يحسب لها حساب، هي التي قربته أكثر من الأدب بعد أن بات العالم الوحيد الذي يربطه بعالمه المدني، فيكتب عما يشعر به بالسجع أحيانًا وبالمنظوم أحيانًا أخرى، ويلقيه على زملائه في العنبر قبل النوم فيضحكون.

2

يحكي فايز في حواره مع "مصراوي"، عن مشواره الطويل في عالم الشعر الغنائي، علاقته بكبار نجوم زمن الفن الجميل، قربه من محمد فوزي ومحرم فؤاد، علاقته بأم كلثوم وعبدالحليم حافظ، وغيرهم من الفنانين، ويبدأ المشوار في الحلقة الأولى بحديثه عمن أثر في حياته كأستاذ ونموذج، أراد أن يحتذي به في الشأن العسكري ومجال الأدب، الضابط والروائي الكبير يوسف السباعي.

3

يقول فايز عن السباعي "كان قدوة لي وأعانني في بعض شئون الأدب والشعر، كان كبير معلمي المدرسة العسكرية التي التحقت بها، رجلًا جميلًا أنيقًا وسيمًا، أبيض اللون، أزرق العينين، يرتدي البيريه الأخضر، الذي يميز ضباط سلاح الفرسان، وتمنيت الاقتداء بهذا الشكل"، مشيرًا إلى أن السباعي حرص على إنشاء مكتبة للطلبة، وأحضر فيها نسخ من روايتيه "نادية" و"إني راحلة"، وكانت لغته سهلة وموضوعاته شيقة، وسهل استيعابها بدون فلسفة، حسب فايز، فانجذب أكثر لهذا العالم، وأصبح ينظم بعض الأزجال الوطنية لنشرها في مجلة الكلية.

4

بعد تخرجه بدأت علاقة بينهما حول الشعر والأدب ولكن بالمراسلة، فليس هناك مجال يتباسط فيه القادة مع حديثي التخرج، وظل يراسله أثناء خدمته في سيناء، وقال له الأديب الكبير في أحد الخطابات "أنا شايف فيك بداية أديب، وشايف إنك تسلك أحد طريقين (يا الرواية والقصة القصيرة، يا الشعر)"، وفي نفس الوقت كان فايز يكتب أشعارًا رومانسية، يرسلها لفتاة يحبها، قبل أن يقابل الفنان محمد فوزي ويبدأ المشوار.

يوسف السباعي

"صدفة ومن غير ميعاد"، وبعد مرور السنين، وتدرجه في الرتب العسكرية إلى أن وصل لرتبة "نقيب- يوزباشي"، التقى في عام 1960 أمام عمارة "بلمونت" في جاردن سيتي، حيث كانت تعسكر في هذه المنطقة كتيبة الدبابات التي كان فيها، بالموسيقار الكبير محمد فوزي وبصحبته عازف الكمان أنور منسي في طريقهما، إلى الاستوديو، فذهب فايز وعرفه بنفسه وبموهبته، فطلب منه فوزي أن ينتظره حتى يعود من الاستوديو ليتناولا الغداء معًا، ثم يسمعه بعض أشعاره.

لأديب يوسف السباعي

يصف فايز مقابلتهما الأولى بأنها غريبة وفجائية، لم يحاول أن يشعره فوزي فيها بأنه نجم كبير، على العكس بدا شخص متواضع وظريف، وبالفعل بعد ثلاث ساعات تقريبًا عاد فوزي، وصعدا إلى شقته في الدور الـ26، وبمجرد دخولهما استأذنه ليغير ملابسه، ويخرج مرتديًا بدلًا من البدلة، جلباب بلدي و"بُلغة"، ليكسر الحاجز النفسي بين النجم الكبير والرجل المجهول، ويتناولا الغداء، وتأتي اللحظة التي انتظرها، ويلقي عليه بعض أشعاره، فيقول له فوزي "إنك تبشر بولادة نجم جديد في كتابة الأغنية بأسلوب جديد"، ويطلب منه ترك أشعاره، ليجده بعد عدة أيام، يتصل ببيته، ويقول له "اسمع كدا يا صلاح"، ويغني "بعد بيتنا ببيت كمان" مقترحًا أن تغنيها شقيقته الفنانة هدى سلطان، وهو ما رفضة فايز لأن كلمات الأغنية لا تليق أن تقولها امرأة للرجل.

محمد فوزي 2

"فوزي كان مرحًا في الحقيقة كما نراه في الأفلام، حتى حركة السيجارة الشهيرة على العلبة الخاصة به، كان يفعلها في حياته الطبيعية، وكان من شدة إعجابه بمزيكته الحلوة، وهو بيشتغل كان عنده عضلة في صدره بتنط مع اللحن اللي بيقوله، دليل على أنه منتشي وفرحان"، ويعتبره فايز صاحب الفضل في دخوله للوسط الفني، وبعد أن ذاع صيت "بعد بيتنا ببيت كمان"، وبات الكل يتساءلون من هو هذا الصلاح؟، ومن هو هذا الفايز؟، هذه كانت علاقته بفوزي التي استمرت ست سنوات حتى وفاته، أسفرت عن 4 أغاني، من بينها "يا ولاد بلدنا يوم الخميس"، وللأسف رأيته في حالته الأخيرة، التي أحزنتني على قيمة فنية عظيمة.

محمد فوزي

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان