"بين الأهداف وتراجع الأداء".. كيف يحارب موسيماني الطبيعة؟ (تحليل)
كتب- أيمن جيلبرتو:
"امنحوني الوقت والدعم، وسأصعد بالفريق الى أعلى الدرجات".. تلك هي رسالة الجنوب أفريقي بيتسو موسيماني الأولى لجماهير النادي الأهلي وقت إعلان إدارة القلعة الحمراء عن خلافته للسويسري رينيه فايلر.
بعد موسم شاق وطويل، الأهلي حقق جميع أهدافه رغم ما عانى منه الفريق من مفاجآت وصعوبات في وقت صعب بعد بداية مثالية لموسم لم يكن متوقع أن يستمر تلك المدة، لكن الطبيعة كان لها رأي أخر.
انتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) ضرب استقرار فريق الأهلي في وقت كان الجميع يستمتع بأداء القلعة الحمراء مع السويسري، وبالرغم من خسارة لقب وحيد وهو السوبر المصري في الإمارات، لكن الفريق كان يقدم أداء ونتائج مميزة على الصعيد المحلي والأفريقي.
بعد استئناف النشاط الكروي في مصر، كان هناك حالة من الجدل تُحيط بالفريق بعد أزمة حسام عاشور قائد الفريق الشهيرة، وكذلك طريقة رحيل رمضان صبحي وعدم استكماله للموسم، لكن الأزمة الأبرز كانت تتعلق بما يدور في رأس السويسري فايلر منذ عاد من اجازته القصيرة.
"من بعد كورونا، شعر اللاعبون أن هناك تغير في طريقة فايلر، المعاملة والطريقة، أمور كان يفعلها لم يعد يقوم بها، شعروا أنه يُريد الرحيل، لم يعد مهتماً".. هكذا كان حديث الشناوي قائد الفريق عن الفترة الأخيرة لفايلر.
يوم 1 أكتوبر من عام 2020، دخل الأهلي مرحلة جديدة في تاريخ الإدارة الفنية للفريق عندما تم الكشف عن اختيار بيتسو موسيماني مديراً فنياً للفريق، في سابقة هي الأولى أن يتم الاستعانة بمدرب أجنبي لكن من داخل القارة السمراء.
أي مدرب جديد يتولى تدريب أي فريق يحتاج للوقت لدراسة القائمة والاحتياجات والوقوف على نقاط القوة والضعف، لكن أنت هنا تجلب مدرباً وتطالبه بأهداف قصيرة المدى تتعلق بالتتويج بأكبر بطولة للأندية، واستعادة لقب كأس مصر.
في الأهلي أي شخص يحظى بشعبية كبيرة ويستفيد مادياً ومعنوياً، لهذا عندما تعمل في القلعة الحمراء، فهنا يجب أن تُدرك أن حياتك ستختلف، ما كنت تجده من مساحة وقت في أي نادي أخر لن تجده في الأهلي، لأن تلك هي طبيعته وطبيعة جماهيره كأي نادي كبير في عالم كرة القدم.
موسيماني جاء من جنوب أفريقيا ليُحارب الطبيعة مع النادي الأهلي، يُحارب أزمات تتعلق بجائحة كورونا ضربت بعض نجومه قبل نهائي مصيري.
يحارب "الاستثناء" والذي هو "طبيعة" في الدوري المصري فيما يخص جدول مزدحم للغاية، بجانب قائمة رحل منها عدد من اللاعبين، إصابات وأحلام وضغوط من كل جانب، فهناك "أهداف يجب أن تتحقق".
الأهلي بيئة جيدة لأي شخص يُريد النجاح، الأمور ليست معقدة إذا كنت تمتلك الموهبة والحماس والإرادة، عندما تمنح الأهلي كل ما لديك ستجد نفسك تُحقق الهدف تلو الأخر وتصل لأشياء ربما لم تكن تحلم بها يوماً ما.
سلاح موسيماني الأبرز للتغلب على الطبيعة تتعلق بمعرفته وخبراته بالقارة السمراء ودراسته للأهلي أكثر من مرة عندما لعب أمامه، رسالته للاعبين كانت تتعلق بقيمة ما هم فيه وكيف تعمل لهم أندية القارة "ألف حساب"، هناك تطور فني ظهر على الفريق، قام بتقليل الأخطاء وخلق دوافع جديدة، استعان بكل لاعب في مركزه، لم يقم بتغيير شامل يمكن أن يضر قبل أن ينفع، لهذا تقدم خطوة تلو الأخرى نحو أهداف الفريق لتحصد القلعة الحمراء ثمار ما زرعته بـ"الثلاثية التاريخية".
ظهر الأهلي بأداء ليس جيداً أمام الاتحاد السكندري وطلائع الجيش، اخطاء بسيطة وبعض التفاصيل كادت تكلف الفريق اللقب المحلي، لكن هناك ما يُبرر ظهور الأهلي بتلك الحالة الفنية، قد تكون مقبولة حالياً، لكن في الأهلي لا مجال لكثرة المبررات.
الأهلي تُوج بطلاً لدوري أبطال أفريقيا يوم الجمعة 27 نوفمبر، لم يتدرب بعد ذلك سوى مرة واحدة قبل مباراة الاتحاد السكندري بالكأس، لكن حسم الأهلي المباراة بجمل فنية كانت واضحة في الكرات الثابتة ساهمت في التأهل لنهائي الكأس.
ليس طبيعياً أن تلعب هذا الكم من المباريات في وقت قليل جداً ويكون هناك انتصاراً بأداء مثالي، هناك اجهاد بدني وذهني وعصبي، لا وقت لتصحيح الأخطاء، لكن هناك عمل وجهد قام به الجهاز الفني لكي يظل الفريق "واقفاً على أقدامه" لا يتساقط نجومه أرضاً.
خطأ موسيماني الوحيد أمام طلائع الجيش يعود للتأخر في اجراء التغييرات لضخ دماء جديدة في الملعب، وتبقى ظاهرة عدم استغلال الفرص هي الأبرز والأزمة التي يجب أن يجد لها الجنوب أفريقي حلاً، فمن الممكن أن تضيع مباراة بسبب فرصة، وفي الأهلي الفرصة من ذهب.
"فنياً" الأهلي لم يظهر بشكل مثالي أمام طلائع الجيش "المنافس العنيد" الذي يتولى تدريبه طارق العشري صاحب الخبرات في الكرة المصرية والنهائيات، لكن هناك ما يشفع للأهلي هذا في تلك الفترة، فالفريق يُريد "الوقت" لكن لا يوجد وقت، فالطبيعة جعلت الحياة استثنائية، وعلى موسيماني أن يجد طرقاً استثنائية لمحاربة الطبيعة.
بكل الحسابات، موسيماني حقق الأهداف، لم يخسر أي مباراة في دوري "تم حسمه"، قاد الفريق للتتويج بدوري أبطال أفريقيا للمرة الأولى منذ 2013، تُوج مع الفريق بطلاً لكأس مصر للمرة الأولى منذ 2017، الفريق يمتلك "الثلاثية التاريخية"، الفرصة أمامه لبطولة رابعة وأخرى خامسة، ومجد أخر بمونديال الأندية.
فيديو قد يعجبك: