تامر عبدالحميد يكتب: من رأس واحد ألتراس
بقلم- تامر عبدالحميد:
انظر خلفي مباشرة بزهو حيث بقايا كراسي خلعتها من قواعدها، بعد أن وقفت فوقها وأنا أقفز لأعلى محطما قاعدتها، ثم نزعت عنها ظهرها، قاذفا إياها لأسفل المدرجات، وبعضها وصل للمضمار حول الملعب مصيبا جندي، ففرحت أني أصبت هدفا ممن سبق وأفرغوا المدرجات منا، ولم أتأكد أن ذلك العسكري هو ذاته من سبق وساهم في إخراجي، كما أنني زهوت بقدرتي علي ضرب السلطة في وقت تعجز سلطة هذا العسكري عن الرد بضربي لهزيمته المسبقة قبل الحضور للملعب، من خلال تلقيه الأوامر الصارمة بعدم الرد أو حتي محاولة الدفاع عن النفس.
وذلك أيضا أحسسني أن وصلة الشتائم لقيادته وللشرطة عموما، ولكبار الدولة أجبرت القيادات، بإصدار تلك الأوامر لهؤلاء الغلابة من المجندين فعليهم أن يتلقوا الإهانة والاعتداء بأيد مغلولة، ونفس كسيرة، وهذا أكد لي أن زمن الحبس ستة أشهر إذا قطع مواطن زرار في بدلة ميري لعسكري قد ولى وانتهي، وانقلبت الآيه وأصبح العسكري يحاسب ويحاكم إذا تسبب في خدش واحد من "الشلة بتاعتنا" أصحاب الخمسة عشر عاماً، من قاذفي الحجارة والكراسي والزجاجات وأكياس البول.
وبناءً على هذا، فلن نخشى البوكس أو التخشيبة، وهكذا أصبحت بطلاً ساهم وشارك من قبل في إنتاج أحد اللوحات الرائعة لجماهير طاهرة نقية، أبدعت في أساليب التشجيع والإمتاع، وتحريك وتحفيز اللاعبين، وأصبحت حاملاً وسام الإنتماء لتلك المجموعة النقية من الألتراس، مشوها إياهم بتوجهاتي قائدًا للصغار منهم، مستخدمهم كوقود لنار أشعل بها حربا لتوجه سياسي، أو بطولة مزيفة، ويساعدني في ذلك غياب القانون والرعشة بل الرعب من تنفيذه.
وأخذت أتطاول أكثر فأكثر، حتى اقتحمت أرضية الملعب، وحاولت أن أفرض سيطرتي وهيمنتي حتى علي اللاعبين، وأصبحت أنا السيد ولا صوت يعلو فوق صوتي، فأنا صاحب الحق في الثواب، وأمتلك عصا العقاب، وأصبحت من مكاني صاحب القرار في قدوم هذا اللاعب، أو رحيله، وبقاء هذا المدرب أو ترحيله.
والحق أقول أن هؤلاء الذين ساعدوني من أعضاء مجلس الإدارة، والذين دعموني بالمال أحيانا، والسفريات أحيانا أخرى، وبالخدمات لي ولعائلتي، وكذلك بعض النجوم من فريقي، والذين تقربوا لي وأمدوني بالمال أيضا، قد زادوني قوة، فلقد استخدموني فيما سبق لأهداف شخصية تخصهم، ومواقف تنفعهم، ولم يعلموا حينئذ أنني لن أكون طوعا لهم أبد الآبدين.
وأما الأمر الذي زاد من زهوي وعزتي وقيمتي تلك الاجتماعات والجلسات الكثيرة، التي جمعتني بالقيادات الكبيرة في الدولة، وهم جالسون أمامي على الطاولة، أشعر بدقات قلوبهم من الخوف، وارتعاش أيديهم في السلام، وحلو الكلام، محاولين استرضائي بشتى المعاني والكلمات، وتوقفت لحظة وشعرت بالقوة فأمليت عليهم شروطي فوافقوا، وطلبت التنازلات فتنازلوا، حينئذ أدركت أنني الأقوى فلا صوت يعلو فوق صوتي، ولن يجرؤ أحد على المساس بي، أو بأطفالي أصحاب الخمسة عشرة عاماً.
ومنذ ذلك الحين وأنا "أصول وأجول"، أفعل ما أريد، فلقد أطلقوا عناني، ولن يستطيعوا إيقافي، واجتمعت بعدها بزملائي وأدركنا أننا أصحاب القرار، فأخذنا برسم المستقبل لنادينا، وفي كثير من الأحيان لدولتنا، فوضعنا الاستراتيجيات، وحددنا الأهداف، وأبلغنا المسئولين بقراراتنا، فعلى رئيس النادي ومجلس إدارته التنفيذ، وعلى سيادة الوزير السمع والطاعة، والويل كل الويل لمن يقف في طريقنا، فنحن نمتلك هؤلاء الأطفال، والذين سوف نقدمهم كشهداء في معركتنا، نستغل دماؤهم وحرقة قلوب ذويهم، وكسب تعاطف الشعب معنا في قضيتنا بإعلام يغازلنا، وقيادات تؤيدنا من داخل البلد وخارجه، وغياب للقانون، وارتعاش أيدي منفذيه، تلك هي فرصتنا الحقيقية لفرض سطوتنا، وإعلاء كلمتنا، وتنفيذ مخططاتنا، وفرض إرادتنا على الدولة، أو على ما تبقى من الدولة.
ويحضرني الآن كلمات جدي لأمي، وهي تدللني وتتجاوز عن أخطائي دون جزاء أو عقاب منذ صغري، فلطالما كان يقول لها "من أمن العقاب أساء الأدب"، ومن هنا عزمت عزما أكيدًا تنفيذ مخططاتي سواء بالأدب أو بقلة الأدب.
ما ورد في المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن رأي الموقع
فيديو قد يعجبك: