عبير عبد الرحمن.. 4 سنوات من المعاناة لـ"منصة التتويج" (ندوة مصراوي)

كتب- علي البهجي:

تصوير- علياء عزت:

رغم مُضي سنوات على انكسارها في لندن قبل 4 أعوام، تحولت دفة الأمور لصالحها أخيرا لترتدي حلة الفرح بنيل الميدالية الفضية، لترسم بذلك ابتسامة اعتلت وجهها بجوار زوجها وابنها سيف، عبير عبد الرحمن والتي أنصفتها اللجنة الأوليمبية مؤخرًا ومنحتها الفضة، بعد ثبوت تعاطي لاعبي المراكز التي سبقتها المنشطات، ليتحول معاناة 12 عاما من المران المستمر إلى شعور بالفخر لتحقيق ذلك الإنجاز كأول امرأة مصرية في التاريخ تحرز ميدالية بالأولمبياد.

تجلس عبير متناسية ما حدث في لندن من سقوط وإخفاق، لتسرد لحظات الفرح التي تعشيها منذ تلقيها خبر اللجنة الأوليمبية، لكن رغم كل ذلك ستظل عالقة في الأذهان لديها جرح، بعدما تجاهلها الاتحاد عقب إصابتها بقطع في الرباط الصليبي.

استضفنا البطلة عبير في ندوة بـ"مصراوي" لتسرد كل ما حدث لها عقب لندن وحتى الآن، والحديث عن إصرارها على احترف تلك اللعبة، رغم صعوبتها كونها أنثى، كما تطرقنا للمشاكل التي واجهتها وهل هناك إمكانية للعودة مجددا لرفع الأثقال؟

حدثينا عن بدايتك مع عالم رفع الأثقال؟

أبي هو أول من وقف بجواري وتصدى للجميع وطالبني بالمضي نحو هدفي، وقتها كنت في الصغر ولا أفهم أنها لعبة عنيفة، وبمرور الوقت بدأت أفهم وأدرك صعوبة وعنف رفع الأثقال، ودخلت المنتخب وعندي 11 عاما.

وبعد ذلك تولى تدريبي كابتن عمرو رمضان والدة البطلة نهلة رمضان، حتى عام 2007 والذ شهد أول بطولة وحصدت في بطولة العالم للناشئين 3 ميدالية ذهب، وبعدها لعبت بطولة إفريقيا حققت خلالها 3 ميداليات ذهبية، اشتركت في أولمبياد بكين كان عمرى وقتها 16 عام وحققت مركز 5، كنت أصغر لاعبة موجودة، وكنت البنت الوحيدة التي تسافر في تلك السن المبكرة، لم أكن وقتها أدرك قيمة الإنجاز الذي حققته في بكين، بعدها دورة رومانيا وبعد ذلك دورة البحر الأبيض المتوسط في إيطاليا وحققت أول بطولة العالم للناشئين وأحرزت المركز الثالث، والأول في بطولات العرب وإفريقيا، وكذلك المركز الأول في بطولة الجائزة الكبرى.

ثم في لندن 2012 حاولت تحقيق الميدالية البرونزية ولكنني لم أوفق في تحقيق ذلك، كان رقما جديدًا ولم أحمله قبل البطولة، رهبت الرقم والميدالية أثر عليّ وكنت آمل في تحقيقه، وفرحت وقتها بالمركز الخامس.

نريد التوقف عند لحظة سقوطك، حدثينا عن كواليس تلك اللحظة؟

وقعت و"البار" استقر على عنقي، لكن لم يحدث لي إصابة، وحزنت جدا لعدم تحقيق الرقم، الذي كان سيضيف لنا ميدالية جديدة في الأولمبياد.

وبعد لندن اشتركت في دورة البحر الأبيض وحققت المركز الثاني وكنت ألعب مصابة وفي تلك البطولة أصبت في الرباط الصليبي والغضروف، وهذا ما جعلني أقرر ترك اللعبة عام 2013.

ولكن لم يكن هذا هو السبب الرئيسي عن التوقف عن الرياضة، فبعد الجراحة (تنظر إلى زوجها بجوارها) ارتبطت بالكابتن محمد سلطان وأنجبت ولذلك ابتعدت عن رفع الأثقال.

كيف استقبلتِ خبر حصولك على الميدالية الفضية؟

أخبرتني بها سارة سمير، لاعبة المنتخب والتي حصلت مؤخرًا على برونزية ريو دي جانيرو، أبلغتني بحصولي على المركز الثاني، وأرسلت لي الصور التي تثبت ذلك، وقتها لم أصدق ولكن مكالمة مدرب المنتخب وتأكيده للخبر جعلني أبدأ في إدراك أن الأمر أصبح حقيقة "مجهود 11 سنة وفي الأخر ربنا أكرمني بالحصول على الميدالية".

هل استلمتِ الميدالية؟

حتى تلك اللحظة لم تصلني الميدالية، فأنا في انتظارها، وسأحصل عليها بعد انتهاء التحقيق مع اللاعبات التي ثبت تعاطيهم المنشطات.

هل شعرتي أن هناك فارق في المستوى بينك وبين تلك اللاعبات اللاتي حصدن الميداليات وقتها في لندن؟

بالتأكيد، شعرت بالفارق، وبالفعل كان هناك بنات لديها "لحية"! الأمر الذي كان يدعو للشك.

ألم تفكري في الاحتجاج وقتها؟

كل اللاعبين خضعوا للتحليل قبل البطولة ولم يثبت شيء، ولا يجوز لي الاحتجاج، لأنني بذلك سأكون أنا في موقف الاتهام وليس هن.. نحن نختلف عن باقي الألعاب ولا يجوز لنا توجيه اللجنة وحثها على إعادة الكشف على اللاعبين.

وأكملت الحديث عن هذا الأمر، قائلة: "خلال 10 أعوام يجوز أن تخضع للعينة B، في بطولات العالم يتم فقط الكشف على العينة A ويتم بعد ذلك سؤالك هل ترغب في الخضوع للعينة B بعد ذلك فطبيعي الكل يرفض، أما في الأولمبياد فيجب أن تُوَقِع على الموافقة على خضوعك للاختبار خلال 10 أعوام لأن منظمة المنشطات الدولية وادا" بدأت سنة 2000، ولكن لم تكن بتلك القوة التي عليها حاليا كما كانت منذ نشأتها، وبالتالي تم إيقاف عدد كبير من اللاعبين الذين يتناولون المنشطات فأتاح الفرصة لأبطال البلدان الأصغر والأفقر.

هل دفعتي للضرائب نظير حصولك على الميدالية الفضية؟

"ردت ضاحكة" حتى الآن لم أحصل على المكافأة المالية الخاصة بالميدالية، وأكيد لو حصلت عليها سأقوم بدفع النسبة المحددة من قبل الأجهزة الحكومية، وموضوع دفع 10% ليس بجديد، على الرغم من حديث الإعلام عنه مؤخرا.

ماذا كان ينقص المنتخب في ظل تواجدك بين صفوفه؟

كنا نحتاج لطبيب للإصابات، ولم يكن لدينا أجهزة العلاج الطبيعي خلال المعسكرات الخارجية، يوجد فقط طبيب الاتحاد لمناقشة المكملات الغذائية المسموح بها للاعبين، وأخصائي للعلاج الطبيعي ويأتي يومًا واحدًا فقط.

تعجبنا من عدم وجود طبيب، فضربت البطلة المصرية مثالاً: "في تركيا بدورة البحر المتوسط حدث لي تمزق، ولم يكن هناك وقتها طبيب معنا، فساعدنا طبيب تركي مصاحب لمنتخب المصارعة.

وتكمل: "بعد إصابتي بالغضروف وقطع بالرباط الصليبي تأخرت في إجراء الجراحة، والاتحاد رد بعدم وجود أموال لديه لإجراء تلك الجراحة، في الوقت الذي يتم التعامل مع بعض اللاعبين بشكل أفضل مما حدث معي حتى يعودوا كما كانوا، وغالبا ما يكون هؤلاء من المقربين للجهاز الفني والإدارة"، فيما تتم دائما معاملة بقية اللاعبين المصابين بشكل سيء، وأي لاعب يتعرض للإصابة يُقال له "مع السلامة أتعالج وأبقى تعالى".

في ظل المشاكل التي تواجهك.. هل فكرتي في اللعب لدولة أخرى؟

ردت ضاحكة.. في الوقت الحالي لن أوافق على اللعب لدولة أخرى، وخاصة بعد حصولي على الميدالية الفضية.

حدثينا أكثر عن فترة الإصابة.. وكيف تعامل الاتحاد معك؟

بعد إصابتي توجهت للاتحاد لعرض قضيتي عليه إيمانا مني بأنه الجهة المختصة بأموري، وكان رد بأنهم سيخاطبون وزارة الشباب، وأبلغوني بعدها بأن الوزارة ردت بعدم وجود أموال لإجراء العملية، الأمر الذي جعلني أدخل في حالة نفسية سيئة، أخرت عودتي، بدلا من العودة بعد 6 أشهر استمر ابتعادي لمدة عام كامل.

هل هناك إمكانية للعودة من جديد لرفع الأثقال؟

بالفعل أنا عدت للتدريب مع كابتن محمد سلطان، زوجي، وأستعد لبطولتي العالم للكبار والبحر الأبيض المتوسط، والمقرر إقامتهما العام المقبل.

هل فترة ابتعادك عن الرياضة ستؤثر على عودتك؟

لن تؤثر كثيرًا ولكنها ستجعل فترة العودة أطول، ولكنى سأحاول تفادي الإصابة من جديد.

هل هناك مواصفات جسمانية للعبة رفع الأثقال؟

لا يوجد مواصفات فهذه اللعبة تعتمد على الميزان، فهي لعبة فنية أكثر منها عضلية، فربما تجد لاعب لديه بنيان قويا ولا يتمكن من رفع أوزان، يستطيع حملها لاعب تكوينه الجسماني أقل.

ما رأيك في بطلات مصر برفع الأثقال بأوليمبياد ريو؟

سارة سمير، وشيماء هريدي، لاعبين رائعتين، سارة مفاجأة وسنها صغير وتستطيع أن تحرز ميداليات أخرى مستقبلا، وشيماء كنت أتوقع منها أكثر من المركز الرابع.