"أوسطه مغفرة وتم البدر بدري".. كيف يتفاعل مصريون مع رمضان؟
كتابة وتصوير- عبدالله عويس:
لشهر رمضان حميمة خاصة لدى المصريين، تتجاوز أحيانا الاعتبارات الدينية. الشهر الذي ارتبط في أذهان العامة بأن أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار. هو ذاته الشهر الذي في أوله «رمضان جانا» وفي أوسطه «تم البدر بدري» وفي نهايته «يا ليلة العيد». وبين كل ثلث وآخر، عادات وتراث وفلكلور لا يخلو الشهر منها.
يكون الثلث الأول من الشهر مربكا، مواعيد العمل وتوفيقها مع طبيعة السحور والإفطار، بما تفرضه مؤسسات العمل، والقوانين المنظمة له. كذا العزومات للأقارب من الدرجة الأولى التي تكاد تكون أمرا مقدسا لدى كثيرين، امتدادا بأمور تربوية يصطحب فيها الأب ابنه للصلوات، وتصلي الأسر في جماعات بحسب ما تقول هدى محمود، السيدة الأربعينة، التي تحب طقس رمضان، وأجوائه دينية كانت أو خرجت إلى حكم العادة، أو أخذت من الجانبين بعض التفاصيل: «تقول الأغنية إن رمضان في مصر شيء آخر وهذا حقيقي، نحن نضفي على كل الأشياء قداسة، حتى لو كانت عادة، فما بالك بشهر مقدس».
في ليلة النصف من رمضان، كانت السيدة رفقة أولادها الأربعة في محيط مسجدي الأزهر والحسين، صلت الأسرة المغرب في الأزهر ثم أفطرت، وخرجت منه لصلاتي العشاء والتراويح في الحسين، ثم خرجوا في نزهة بدأت من خان الخليلي مرورا بشارع المعز، انتهاء بسحور على أحد عربات الفول المنتشرة في محيط وسط القاهرة: «حين يأتي رمضان نستشعر بركة في أوله، لكن حين يصل إلى المنتصف، نشعر بأنه على وشك الانتهاء، في هذه اللحظات نسارع إلى أمور كثيرة كنا قد أجلناها».
في أول عشرة أيام من الشهر، تستغلها هدى في إفطار الأقارب، تفطر يوما عند البعض، وأياما أخرى عند آخرين، وهكذا، ثم تستغل الثلث الثاني في الترفيه عن نفسها وأسرتها بالخروجات والتنزه في شوارع القاهرة، وهي مضاءة بالزينة، وتمتلأ بأجواء مبهجة تختلف عن باقي الشهور، وفي الثلث الأخير تستشعر بأن الحرص على الطاعة في ليلة القدر يستلزم مكوثا أطول في المنزل، كما أن تجهيزات البيت للعيد تستلزم هذا الفعل. على حد وصف هدى.
أمام الجامع الأزهر وفي منتصف الشهر الكريم، كان محمود حسني رفقة ثلاثة من أصدقائه، يستعدون لصلاة التراويح هناك، قبل التحرك في محيط المكان وزيارة بعض الأماكن الأثرية والدينية. يقول محمود إنه يستغل النصف الثاني من الشهر في الترفيه عن نفسه، وغالبا ما يلجأ لإجازة من عمله، في إحدى شركات التصدير، ويجرب زيارة أكثر من مكان مختلف في رمضان: «على سبيل المثال أذهب لزيارة محافظات لم أزرها من قبل، أرى هناك أجواء مختلفة لرمضان، لكل مكان طابع مختلف».
يفرض المكان والزمان بعدا لكل الأشياء والطقوس، ما يحدث في أول الشهر يختلف عن آخره، سواء داخل المنازل أو خارجها، وهو أمر يعتبره صلاح محمود، أمرا ذا قيمة كبيرة، من شأنه تجديد الشخص لطاقته وتغيير الروتين الذي يمر به خلال العام: «بدءا من الصيام ومواعيد الإمساك عنه الطعام والإفطار، كل هذه أمور غير معتادة في السنة، كذلك الأجواء في الشارع، تفرض على الشخص معاينة تجارب مختلفة، ومن شأن ذلك كله، أن يمنح الشخص شعورا بالسكينة والهدوء بعض الشيء».
وفي منتصف رمضان كان الرجل قد جمع أسرته واتجه بها إلى مسجد عمرو بن العاص في مصر القديمة، لأداء صلاة التراويح هناك، معتزما باقي الأيام أن تكون الصلاة في مكان مختلف. كما يختار بعض الأماكن لزيارتها لها طابع تاريخي لتعريف أولاده بها: «وهذه أمور قد لا تكون متاحة لي في بداية الشهر، فتحدث في النصف الثاني منه، لكنها تتلاشى قبل العيد، فله ترتيبات أخرى».
فيديو قد يعجبك: