حكم من سافر إلى بلد واختلف العيد فيه مع البلد الذي صام فيه
كتب - محمد قادوس:
ورد سؤالي إلى دار الإفتاء المصرية يقول: "شخص بدأ الصيام في مصر طبقًا لتحديد أول شهر رمضان فيها، وسافر إلى بلد آخر اختلف العيد فيه مع مصر، فكيف يفعل في نهاية شهر رمضان، هل يتبع مصر في الإفطار للعيد أم يتبع البلد الذي هو فيه؟ حتى لو أدى ذلك إلى أن يكون صيامه ثمانية وعشرين يومًا أو واحدًا وثلاثين يومًا؟" وبعد العرض على المختصين بالدار جاءت الإجابة على النحو التالي:
إذا بدأ المكلَّف الصيام في مصر طبقًا لتحديد أول شهر رمضان فيها ثم سافر إلى بلدٍ آخر اختلف العيد فيه مع مصر، فالأصل أن يتبع أهل تلك البلد في رؤية هلال شوال إلا في حالتين: أن تخالف هذه الرؤية الحساب الفلكي القطعي، أو تجعل شهر رمضان يزيد على ثلاثين أو يقل عن تسعة وعشرين يومًا. فإذا رُئي مثلًا هلالُ شوال في مصر ولم يُرَ في البلد الأخرى أو بالعكس مع كون الرؤيتين داخلتين في نطاق الإمكان الفلكيِّ ومع صحة عدد أيام الشهر، فإن الصائم يتبع حينئذٍ هلال البلد الذي هو فيه صيامًا أو إفطارًا.
أمَّا إن كان البلد الذي سافر إليه لا يُبالي بالحساب القطعي بل خالفَه في إمكان الرؤية أو استحالتها، أو كان الصائم بحيث لو تابعه لزاد على ثلاثين أو نقص عن تسعة وعشرين فلا يجوز له حينئذٍ متابعة هذا البلد في الإفطار أو الصوم الزائد أو الناقص قطعًا.
أما العِلْمِيَّة: فهي ما تقرر شرعًا من أن القَطعِي مقدَّم على الظني؛ أي: إن الحساب القطعي لا يمكن أن يعارض الرؤية الصحيحة؛ ولذلك صدر قرار مجمع البحوث الإسلامية سنة 1964م، واتفقت المؤتمرات الفقهية كمؤتمر جدة وغيره على الاستئناس بالحسابات الفلكية القطعية مع الاعتماد على الرؤية البصرية الصحيحة، وهذا يعني أن الحساب ينفي ولا يثبت، وأنه يُعَدُّ تهمةً للرائي الذي يدعي خلافه.
ومن القطعيِّ أيضًا أنَّ شهر رمضان لا يكون أبدًا ثمانية وعشرين يومًا ولا يكون كذلك واحدًا وثلاثين يومًا؛ بل هو كبقية الشهور القمرية: إما ثلاثون يومًا وإما تسعة وعشرون يومًا؛ فعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» -يَعْنِي ثَلاثِينَ-، ثُمَّ قَالَ: «وَهَكَذَا وَهَكَذَا وَهَكَذَا» -يَعْنِي تِسْعًا وَعِشْرِينَ-؛ يَقُولُ مَرَّةً ثَلاثِينَ، وَمَرَّةً تِسْعًا وَعِشْرِينَ. رواه الشيخان واللفظ للبخاري.
وفي روايةٍ رواها ابن خزيمة في صحيحه والحاكمُ في المستدرك وصححها على شرط الشيخين: "إنَّ اللهَ قَدْ جَعَلَ الأَهِلَّةَ مَوَاقِيتَ؛ فَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَصُومُوا، وَإِذَا رَأَيْتُمُوهُ فَأَفْطِرُوا، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ، وَاعْلَمُوا أَنَّ الأَشْهُرَ لا تَزِيدُ عَلَى ثَلاثِينَ".
فيديو قد يعجبك: