السيدة خديجة.. حبيبة النبي الأولى ومن خير نساء الجنة
كتب- هاني ضوه :
يحفل شهر رمضان بالأحداث الكبيرة، واليوم العاشر من رمضان مليء بتلك الأحداث التي كان لها أثر مهم في التاريخ الإسلامي، وقد شهد هذا اليوم العاشر من رمضان حدثًا ارتبط بسيدة من أحب الناس إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
إنها أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد- رضي الله عنها- زوجة النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- ومناصرته التي توفيت في اليوم العاشر من رمضان سنة عشر للبعثة النبوية المشرفة أي قبل رحلة الهجرة المباركة بثلاث سنوات، وكان عام وفاتها يسمى بعام الحزن.
ولدت السيدة خديجة رضي الله عنها قبل عام الفيل بخمس عشرة سنة، وهي أول امرأة آمنت بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت قد تزوجته في العاشر من ربيع الأوّل، وكانت في عمر الأربعين، وكان عمره (صلى الله عليه وآله) خمس وعشرين سنة.
ولم يتزوّج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غيرها في حياتها حتّى توفّيت رضي الله عنها، فقد كانت حبيبته التي قال عنها: "رزقت حبها".
وأنجبت السيدة خديجة رضي الله عنها للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ابنه القاسم الذي توفي بعد ولادته بعامين، ثم ابنه عبد الله الذي ولد مبعث النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولكنه مات صغيرًا وكان يلقب بالطيب والطاهر، والسيدة زينب وهي البنت الكبرى للنبي من السيدة خديجة، والسيدة رقية وهي ثاني بناته وزوجة سيدنا عثمان بن عفان، والسيدة أم كلثوم ثالث بناته من السيدة خديجة، وتزوج منها سيدنا عثمان بن عفان بعد وفاة أختها رقية، ثم أنجبت له السيدة خديجة سيدتنا فاطمة الزهراء، ريحانة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأحب بناته إليه وزوجة أمير المؤمنين الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهة، وأم الإمامين الحسن والحسين والسيدة زينب رضي الله عنهم وعن أهل البيت أجمعين.
كانت السيّدة خديجة (رضي الله عنها) امرأة حازمة لبيبة شريفة، ومن أوسط قريش نسباً، وأعظمهم شرفاً، وأكثرهم مالاً، وقد أنفقت أموالها في أيّام تعرّض المسلمين للاضطهاد والحصار الاقتصادي، الذي فرضه مشركو مكّة، حتّى إنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "ما نفعني مال قط مثل ما نفعني مال خديجة"، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يفك من مالها الغارم والأسير، ويعطي الضعيف، ومن لا والد له ولا ولد، والعيال والثقل.
كان يَظهرُ على خديجة رجاحة الرأي وحسن التدبير وصواب المشورة في حياتها قبل زواجها من الرسول، وفي اختيارها للرسول زوجًا لها، ثم في حياتها معه حتى وفاتها، وكان الرسول يأنس بمشورتها ويحرص على عرض الأمور عليها والاستئناس برأيها، ومن تتبع بعض الحوادث التي عرضت عليها وأبدت فيها رأيًا أو أشارت به، وُجد في ذلك فقهًا وفكرًا وحصافة تميزت به في فترة البعثة النبوية.
ومن شدة حب النبي صلى الله عليه وآله وسلم للسيدة خديجة رضي الله عنها فقد كان يكثر من ذكرها حتى بعد وفاتها، حتى إن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: "ما غِرتُ على أحدٍ من نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم ما غِرتُ على خديجة، وما رأيتُها، ولكن كان النبي صلى الله عليه وآله يُكثرُ ذكرها، وربّما ذبح الشاة، ثم يقطّعها أعضاء، ثم يبعثها إلى أصدقاء خديجة، فربما قلت له: كأنّه لم يكن في الدُنيا إلّا خديجة! فيقول: إنّها كانت، وكانت، وكان لي منها الأولاد".
وفي رواية لأحمد عن أم المؤمنين عائشة قالت: "كان النبي إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء قالت فغِرتُ يوماً فقلت: ما أكثر ما تذكرها، حمراء الشدق قد أبدلك الله عز وجل بها خيراً منها، قال: ما أبدلني الله عز و جل خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، وواستني بمالها إذ حرمني الناس، ورزقني الله عز وجل ولدها إذ حرمني أولاد النساء"
وجاء في فضلها: روى البخاري عن علي بن أبي طالب قال: "سمعت النبي يقول خير نسائها مريم ابنة عمران وخير نسائها خديجة".
وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن عبد الله بن عباس قال: "خط رسول الله في الأرض أربعة خطوط، قال: تدرون ما هذا، فقالوا: الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله: أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد وفاطمة بنت محمد وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم ابنة عمران".
توفيت السيدة خديجة رضي الله عنها عن عمر بلغ خمساً وستين سنة، ودفنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحجون ولم تكن صلاة الجنائز يومئذ قد شرعت، وحزن عليها النبي ونزل في حفرتها رضي الله عنها وأرضاها.
* مصادر:
- ويكيبيديا.
- كتاب "الأستيعاب في معرفة الأصحاب" للإمام ابن عبدالبر.
- كتاب "خديجة بنت خويلد سيدة في قلب المصطفى" للدكتور محمد عبده يماني.
فيديو قد يعجبك: