بعد 21 حلقة.. رحلة للبحث عن "جعفر العمدة" في حي "السيدة زينب"

كتب: محمود الطوخي

بينما أحدثت حلقات مسلسل "جعفر العمدة" بطولة النجم محمد رمضان، تفاعلاُ واسعاً خلال شهر رمضان الجاري، فإنه جرى الاهتمام بحي السيدة زينب، الذي عُرض لقطات حية للميدان الشهير الذي يحمل اسم الحي الشعبي من الأعلى خلال أحداث العمل، حيث تدور قصة الصراع بين عائلتين داخل الحي العتيق، على طريقة "عائلة الدسوقي" و"النمر" في مسلسل "الأسطورة" 2016.

لفتت ديكورات مسلسل "جعفر العمدة" الخارجية الأنظار، والتي حاولت محاكاة شوارع وميادين وبيوت السيدة زينب.

تجولت "مصراوي" داخل الحي الشعبي الذي كان يسمى رسمياً قبل عام 1998 بـ "حي جنوب" متضمناً أحياء (السيدة زينب والخليفة والمقطم" قبل فصلها إدارياً، ويعد حي السيدة زينب من الأحياء الشعبية العريقة والقديمة المكتظة بالسكان والعقارات القديمة، واكتسب الحي اسمه من مسجد السيدة زينب، أحد أيقونات المنطقة وأكثرها جذباً للزوار، لكن هل مر "جعفر العمدة" أو من يشبهه درامياً من السيدة زينب؟ وهل ثَمة صراعات علنية وحقيقية بين عائلات الحي وتجاره، كما يسوغ المسلسل ذائع الصيت؟

اعتمد المخرج محمد سامي حبكة درامية أساسها "الصراع بين الخير والشر" بالإضافة إلى عنصر الخيانة؛ لإضفاء المزيد من المفاجآت والتشويق في نهاية كل حلقة.

لكن الكثير من السكان الذين تحدثوا إلى "مصراوي" يدركون أن الدراما التلفزيونية بشكل عام خيالية ولا تمت للواقع بصلة، فبينما يظهر المسلسل المنطقة التي تدور فيها "الصراع الرئيسي" واسعة ومضيئة أغلب الأحيان، فإن شوارع الحي الذي يضم العديد من الشياخات على غرار المنيرة، البغالة، الحنفي، السيدة، العتريس، العيني، الكبش، حدائق زينهم، خيرت، درب الجماميز، زينهم، وطولون، ليست متسعة أو تضم بيوتاً مزينة بأشكال الإضاءة الحديثة، ليلاً من دون مناسبة، كما يصور المسلسل، بالإضافة إلى سيطرة نمط المعيشة الحديث على شوارعها، حيث تراجع البعد القبلي والعائلي مع تطور الحياة، بحسب محمد مصطفى، (50 سنة) أحد سكان حي السيدة زينب.

يضيف مصطفى لمصراوي قائلاً: "سعى صنّاع العمل لإظهار غالبية أفراد المنطقة بصورة سيئة، فالجميع يتآمر ويدبر المكائد وهذا بعيد كل البعد عن واقع حيّنا الذي تجمع سكانه روح المحبة والود".

وعن أجواء المعارك التي يتناولها المسلسل داخل الحي الشعبي الذي يبلغ عدد سكانه نحو 150 ألف نسمة، ومساحته الإجمالية قرابة 7 كيلومترات مربعة، بحسب البوابة الإلكترونية لمحافظة القاهرة، يقول حسن حبشي أحد سكان حي السيدة زينب، إن هذا التناول يتناقض كثيراً مع الأعراف والتقاليد التي يتمتع بها الحي: "السيناريو ده مالوش علاقة بحي السيدة زينب في أي حاجة".

ويضيف حبشي لـ "مصراوي": "المسلسل بيتكلم عن حاجات انتهت من السبعينيات". موضحاً أن الأحداث ربما كانت موجودة خلال فترة الفتوات في بداية القرن العشرين، لكن الأمر حاليا يتنافى تماما مع ما يعرضه العمل: "هو معقول يكون راجل بيفهم وبيقول حِكم ويصلح بين الناس ويطلع فلوس بالفوائد".

فيما يقول كريم أبو سنّة شاب ثلاثينى، إنه لا يوجد شخص يستطيع فرض نفوذه وسطوته على أبناء المنطقة كما يُظهر "جعفر العمدة" أو أن يعترض بالضرب على أحد بتلك السهولة التي يروّج لها المسلسل الذي لا يمثّل سكان السيدة زينب: "إحنا شوفناه بيضرب أي حد وخناقات كتير ومفيش حتى عسكري ظهر.. هو مفيش شرطة ولا إيه.. وبعدين هو دايما هو اللي بيضرب بس.. مفيش حد قادر عليه يعنى".

ويؤكد أبو سنة أن النزاعات القائمة بين العائلات موجودة في كل المناطق والأحياء المختلفة، ولكن تختلف طريقة التعامل معها من مكان لآخر، ولكن ما يعرضه المسلسل يتعارض مع ما يحدث في الحقيقة بمنطقة السيدة زينب التي لطالما لجأ سكانها إلى الشرطة لفض النزاعات: "مفيش كبير هنا غير السيدة والقسم".

ويوضح محمد مصطفى أن الفنان له الحق في لعب الدور الذي يريده بالطريقة التي تناسبه، ولكن دون المساس بتقاليد الآخرين.

ويستمد حي السيدة زينب مكانته وهيبته من مسجد السيدة زينب (حفيدة الرسول (صلى الله عليه وسلم) الذي يوجد في منطقة عُرفت في العصر المملوكي باسم "خط السباع" نسبة إلى قنطرة شيدها السلطان بيبرس البند قداري في عام " 658 هـ " على الخليج المصري الذي كان يمر من أمام المسجد وكان على هذه القنطرة رسم للسباع، وهو شعار السلطان الظاهر بيبرس، وقد تم ردم الخليج المصري عام 1898م ومع عملية الردم اختفت قنطرة السباع وظهرت واجهة مسجد السيدة زينب ومنذ ذلك التاريخ، بدأ يطلق على الميدان بل والحي بأكمله اسم السيدة زينب المدفونة داخل المسجد.

مسلسل "جعفر العمدة" بطولة محمد رمضان وهالة صدقي، أحمد فهيم، وزنة، وأحمد داش، وإيمان العاصي، ومي كساب ومنة فضالي، ومنذر رياحنة، وتأليف وإخراج محمد سامي.