إعلان

إفطار المطرية بهجة سنوية ومائدة رمضانية لم «يلتهمها التضخم»

06:37 م الخميس 06 أبريل 2023

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتب- عبدالله عويس:

تصوير- محمد معروف:

يختلط صوت أغاني رمضان مع أصوات احتفالات الصغار، وأصوات رص موائد الطعام، وسط صيحات منظمي إفطار المطرية، الذي صار علامة بارزة في شهر رمضان، إلى الحد الذي يدفع البعض بوصفه «أكبر مائدة إفطار في رمضان»، ورغم ظروف اقتصادية صعبة، بلغ معها معدل التضخم الأساسي السنوي لمصر 40.3% خلال فبراير الماضي، وارتفاع التخضم السنوي في مدن مصر إلى ٣١.٩٪ في الشهر نفسه، وتخوف القائمين على فطار المطرية من تداعيات الأمر، إلا أن التخوفات ذهبت مع مشهد مختلف.

في كل عام يفكر القائمون على إفطار رمضان في المطرية في تدابيره، ترتفع أسعار السلع بشكل تدريجي، لكنها ارتفاعات كان يسهل التعامل معها نسبيا، وفي رمضان الجاري كانت الارتفاعات قد وصلت إلى حد يستدعي التفكير في تعامل مختلف مع مائدة الإفطار الرمضانية الشهيرة: «في كل عام كنا نقول كيف سنتعامل مع مسألة الأسعار، لكن الأمور كانت تنهي بخير» قالها علي أمين، ذو الـ32 عاما، والذي يعمل في منظمة خيرية، وهو أحد مسؤولي إفطار المطرية.

كان علي و29 مسؤولا آخر يفكرون في إلغاء بعض الأطعمة كالفواكه والحلويات، لكن الأيام السبعة التي سبقت التجهيز للمائدة غيرت كل شيء: «نحن لا نجمع تبرعات مادية قط، لكن وجدنا من يجلب لنا الأرز والخبز ومتبرعين بلحوم ودواجن، جعلتنا نعيد التفكير مرة أخرى»، يحكي علي، وهو يتابع آلاف القادمين إلى المائدة الرمضانية، والتي امتدت لأربعة شوارع بعدما كانت شارعين في العام الماضي.

«بالأمس ذبحنا عجلا، إضافة إلى كيلوات من اللحم، الوجبة هنا تكون ما بين أرز وخبز وطواجن اللحم والدجاج والمحشي» يحكي الشاب الذي أمضى ليلة مرهقة في التجهيزات رفقة العشرات من أهالي عزبة حمادة في المطرية بالقاهرة ليمضي اليوم في أفضل أشكاله.

العمل على تجهيز تلك المائدة يستلزم تنسيقا كبيرا، يتولى كل فرد من 30 مسؤولا مهمة خاصة، فأحدهم يقوم على أمور الشراء، وآخر للتجهيز، وغيره لتنظيم نزول الطعام، وآخر لإحضار الضيوف، وغيرها من الأمور، وتحت كل مسؤول بعض المتطوعين، يصلون جميعا لأكثر من 150 متطوعا: «في العام الماضي وصل للمائدة نحو 3 آلاف شخص، هذا العام نقترب من 5 آلاف شخص، وهذه في تقديري بركة رمضان ومحبة الناس لهذه الفكرة».

بين الحضور كان مئات من خارج نطاق المطرية، أعجبتهم هذه المائدة وصورها التي تلاقي انتشارا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي، فيتواصلون مع بعض السكان هناك، ويخبرونهم أنهم مرحب بهم، كما يصل مصريون كانوا خارج مصر للإفطار في هذا اليوم تحديدا رفقة أصدقائهم وجيرانهم: «صديقي يعمل في ألمانيا، وهو بالأساس من التجمع لكنه جاء هذا العام خصيصا ليشاركنا تلك الفرحة، سامح حسن أيضا، كان من المؤسسين لتلك المائدة لكنه سافر إلى السعودية للعمل في المقاولات وجاء إلينا أيضا للإفطار» يحكي علي، الذي خصص 500 وجبة إ افية تحسبا لأي زيادة في الأعداد.

يشارك الأطفال والكبار في ذلك الحدث، وفي القلب من ذلك كله السيدات، اللائي يجهزن بعض أصناف الطعام داخل المنازل، ويحتفلون من خلال الشرفات لحظات الإفطار، وبحسب علي فإن الأمر لا علاقة له بتهميش كما تحدث البعض على مواقع التواصل الاجتماعي من قبل: «الفكرة فحسب أن السيدات هنا يعملن طيلة اليوم بمجهود كبير، فلا وقت لديهن للنزول إلى الشارع، كما أن الزحام يفرض علينا ذلك».

في رمضان الماضي، كان سعر كيلو الأرز لا يتجاوز الـ16 جنيها، لكنه اليوم يصل إلى 30 جنيها، وكان سعر كيلو الدجاج يصل إلى 40 جنيها للبيضاء، لكنها تصل اليوم لـ78 جنيها للكيلو، وفيما كانت اللحوم تصل إلى 160 جنيها للكيلو فإنها اليوم تصل لأكثر من 260 جنيها للكيلو، إضافة إلى سلع أخرى غذائية تدخل في إطار تلك المائدة الرمضانية.

وكان معدل التضخم الأساسي السنوي لمصر قد ارتفع إلى 40.3% خلال فبراير الماضي، بحسب بيان للبنك المركزي، كما أظهرت البيانات ارتفاع التضخم السنوي للأسعار المستهلكين في مدن مصر إلى 31.9% في فبراير الماضي، وهو الأعلى منذ خمس سنوات ونصف السنة، وفاق تقديرات خبراء وتقارير.

يقول محمد مفتاح، وهو أحد منظمي مائدة إفطار المطرية، إن ارتفاع الأسعار لم يؤثر في المائدة هذا العام، رغم الارتفاع غير المسبوق: «الأعداد كانت أكثر، وذلك أن المتبرعين ببعض المواد الغذائية كانوا أكثر كرما، على سبيل المثال كانت هناك عربة آيس كريم تمر في المنطقة فاستوقفها أحد الحاضرين واشترى منه كل ما لديه ووزعه على الأطفال» يصف محمد تلك الحالة بأنها ما يميز الشهر الكريم، ومائدة إفطار المطرية.

بحكم مسؤوليته ضمن آخرين عن تلك المائدة، فإن الأمر الوحيد الذي يتم دفع نقود فيه هي المواد الغذائية، وإن كان بعضها يصل بتبرعات البعض العينية، لكن الفراشة بما في ذلك الموائد والكراسي والزينة وغيرها من الأمور كأدوات الطلاء التي زينت بها الشوارع يمنحها أصحابها دون انتظار مقابل: «ومع ذلك المشهد زادت الشوارع هذا اليوم من شارعين إلى أربعة خصصوا للموائد، إضافة إلى أن الباعة يبيعون لنا بأسعار الجملة لعلمهم بأن تلك المواد لإفطار رمضان».

لكن بعيدا عن ذلك المشهد، فإن ارتفاع أسعار السلع الغذائية يلتهم جيوب مصريين، بشكل متسارع، إلى الحد الذي غير من طبيعة موائد الإفطار في كثير من المنازل، لا سيما والزيادات في سلع غذائية رئيسية.

لكل شارع «ثلاث نقاط» ولكل نقطة مدير، معه متطوعون يقسمون العمل بينهم ما بين مستلم للطعام لموزعه على «الطيارين» وصولا للعاملين على «الأرضيات» ووضعه على المائدة، ثم لا ينتهي الأمربالإفطار، الذي قد يمتد حتى التاسعة مساء، أي بعد نحو 3 ساعات من وقت أذان المغرب، موعد الإفطار، بل يصل العمل حتى الواحدة ليلا لجمع القمامة بعد ذلك.

تراقب السيدات المشهد، يحتفلن معا، يلهو الأطفال في الشوارع، وما تزال أغاني رمضان تتردد، يلتقط الجميع صورا للحدث، ويوثقون حضورهم فيه، والجميع على أمل أن يستمر الإفطار أعواما قادمة، ويصبح جزءا من تاريخ عزبة حمادة، التي دخلت حيز اهتمام كثيرين في شهر رمضان، بذلك الإفطار الجماعي في المطرية.

جاوب واكسب مع فوازير مصراوي , للمشاركة أضغط هنا سارع بخروج زكاة الفطر _ زكاتك هتوصل للمستحقين مصراوي هيساعدك أضغط هنا

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان