تونس في 2015: دماء وطوارئ ونوبل
تقرير – محمد مكاوي:
عام عصيب يوشك على الانتهاء، عانى منه التونسيون جراء الإرهاب الذي انتقل من دروب الجبال إلى قلب المدن والعاصمة، دماء التونسيين اختلطت مع دماء السياح ليدفعا ثمنًا للإرهاب.
رصاص وقنابل الإرهابيين لم تفرق بين تونسي وأجنبي، فالكل كان صيدًا أمامه، فمن الرصاص في متحف باردو إلى قنابل حافلة الأمن الرئاسي بقلب العاصمة، مرورا بهجوم سوسة الدموي، مر عام 2015 على تونس.
ولكن الصورة ليست قاتمة وكاحلة السواد في تونس الخضراء، التي رفضت أن يمر 2015 دون أن تترك بسمة على شفاه التونسيين بل العرب أجمع بعد فوز رباعي الحوار التونسي بجائزة نوبل للسلام.
الرئاسة في أول
كان الخميس 1 يناير 2015، هو اليوم الأول للتونسيين مع الرئيس المنتخب الباجي قايد السبسي، بعد أن تسلم يوم الأربعاء 31 ديسمبر السلطة من سلفه الرئيس السابق المؤقت محمد المنصف المرزوقي في مراسم جرت بالقصر الرئاسي بقرطاج.
وجاء تسلم السبسي للسلطة عقب أدائه اليمين الدستورية كأول رئيس منتخب للجمهورية الثانية أمام مجلس النواب (البرلمان) خلال جلسة خاصة، تعهد فيها بأن يكون رئيس كل التونسيين، داعيا إلى تجاوز الخلافات والتجاذبات التي رافقت الحملات الانتخابية في الفترة الماضية.
وفاز الباجي قائد السبسي في أول انتخابات رئاسية بنسبة 55.68 % أمام منافسه الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي الذي قضى 3 سنوات في فترة انتقالية أقرت خلالها تونس دستورها الجديد.
حكومة جديدة
بعد شهر من تسلم السبسي مقاليد الحكم في تونس، اختار الحبيب الصيد لتشكيل الحكومة، والتي ضمت 42 شخصية ما بين وزير وكاتب دولة، وشارك فيها حركة "النهضة" الإسلامية بوزارة التكوين المهني والتشغيل، وثلاثة كتّاب دولة. فيما أوكلت الوزارات السيادية، وهي "العدل" و"الدفاع" و"الداخلية" إلى شخصيات غير حزبية، في حين تقلد أمين حزب نداء تونس الطيب البكوش مهام وزارة الخارجية.
ومنح البرلمان التونسي، الثقة لمجلس الوزراء الذي شكله رئيس الوزراء المكلف الحبيب الصيد، بعد أن صوت 166 نائبا بالموافقة. وفي المقابل، صوت 30 نائبا بعدم الموافقة، بينما امتنع 8 آخرون عن التصويت.
وفي برنامجه الانتخابي، تعهد الصيد بالتصدي لتهديدات المتشددين ودعم قدرات الجيش والأمن لحماية الديمقراطية الناشئة في تونس، وذلك خلال عرضه تركيبة حكومته وبرنامج عملها على البرلمان الذي يضم 217 نائبا، ويتطلب منحها الثقة موافقة 109 نواب.
هجوم باردو
الهجوم الدموي الأول لتونس هذا العام كان على متحف باردو المجاور لمقر البرلمان، والذي أسفر عن وقوع 23 قتيلا من بينهم 21 سائحاً، وجرح 46، فضلا عن مقتل 2 من منفذي الهجوم.
وكان هاجم مسلحون ملثمون متحف باردو التاريخي في العاصمة تونس بعد ظهر الأربعاء 18 مارس، واحتجزوا رهائن.
وصرح رئيس الحكومة الحبيب الصيد، آنذاك في كلمة ألقاها عقب انتهاء عملية تحرير الرهائن، أن خمسة مسلحين نفذوا الهجوم، ثلاثة منهم اقتحموا المتحف وشرعوا بإطلاق النار على أكثر من 100 سائح كانوا موجودين في المبنى.
هجوم سوسة الدموي
في يونيو الفائت دخل أحد الأشخاص فندقا بمنتجع سوسة الشهير عن طريق الشاطئ في زي مصطاف قادم للسباحة، وكان يحمل مظلة وسطها سلاح، وعندما وصل إلى الشاطئ استعمل السلاح وأطلق النار في الشاطئ والمسبح والنزل قتل 39 سائحاً من بينهم 30 بريطانياً.
وصف الاعتداء على منتجع سوسة بأنه الأكثر دموية في التاريخ الحديث للبلاد، وقال الرئيس التونسي الباجي قاد السبسي إنه "ضربة موجعة"، في حين اعتبرته وزيرة السياحة سلمى الرقيق "كارثة وضربة كبيرة للاقتصاد والسياحة".
وتبنى تنظيم داعش الهجوم وقال في بيان نشر على موقع تويتر، إن منفذ الهجوم يدعى أبي يحيى القيرواني، وذكر أنه اخترق الإجراءات المشددة التي طوقت المنطقة المستهدفة.
طوارئ
أعلنت الحكومة التونسية عقب الهجمات الإرهابية مجموعة من الإجراءات من بينها إغلاق 80 مسجداً خارجة عن سيطرة وزارة الشؤون الدينية، وإعفاء عشرات الأئمة التي قالت عنهم إنهم "يتبنّون فكراً تكفيرياً".
كما أعلنت رئاسة الجمهورية حالة الطوارئ في مختلف جهات تونس، في الرابع من يوليو الماضي، وقام وحدات من الجيش والأمن بالقبض على عدد كبير من الإرهابيين.
قطع رأس
قطعت جماعة موالية لتنظيم داعش المتشدد، رأس فتى تونسي يدعى مبروك السلطاني في جبل المغيلة بولاية سيدي بوزيد وسط تونس في 13 نوفمبر الفائت، وأرسلت الرأس مع ابن عمه الذي كان يرعى الاغنام أيضا، إلى عائلة الضحية، في جريمة أثارت صدمة واسعة في الشارع التونسي.
ونشرت المجموعة المتشددة شريط فيديو، يظهر عملية ذبح الفتى الذي كان يبلغ من العمر 16 عاما. وزعمت الجماعة في الشريط إنها أقدمت على ذبح الفتى، الذي كان يرعى الأغنام، لأنه "كان يزود الجيش التونسي.. في المنطقة بمعلومات عن أماكن تمركز جنود" داعش.
حافلة الأمن الرئاسي
عاد الإرهاب ليضرب من جديد في قلب العاصمة تونس، وتحديدا عندما تمن انتحاري من من الانغماس في حافلة تقل بعض عناصر الأمن الرئاسي في شارع محمد الخامس وسط العاصمة التونسية، وعند وصوله إلى هدفه فجر حزامه الناسف ليقتل نحو 20 من عناصر الأمن.
وكانت الحافلة الصغيرة ساعة انفجارها متوقفة بنقطة تجميع أعوان الأمن الرئاسي، وهي نقطة معروفة بوسط العاصمة، وبالتحديد أمام المقر السابق لحزب التجمع الدستوري الديمقراطي. ووقع الانفجار على بعد أمتار من وزارتي السياحة والداخلية.
طوارئ من جديد
وأعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي فرض حالة الطوارئ لمدة شهر واحد في البلاد، وحظر التجوال الليلي في العاصمة تونس لأجل غير مسمى، بعد حادث تفجير حافلة الامن الرئاسي.
كما أعلن ولأول مرة إغلاق الحدود البرية مع ليبيا لمدة 15 يوماً.
نوبل للسلام
رفض التونسيون أن يختموا عام 2015، دون ان يكون لهم خبرًا سعيدًا وسط الدماء والإرهاب والطوارئ، فجاء إعلان فوز الرباعي الراعي للحوار الوطني التونسي، والذي يتكون من الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، بجائزة نوبل للسلام، في التاسع من أكتوبر الماضي، وتسلمها الرباعي في حفل أقيم في العاصمة النرويجية أوسلو، في العاشر من ديسمبر الجاري.
حصاد أمني
أعلنت الداخلية التونسية إنها قامت بتفكيك 1000 خلية إرهابية خلال السنة الحالية. وكشف المكلف بالإعلام في وزارة الداخلية أن أكثر من 500 عنصر من المقاتلين التونسيين عادوا من بؤر التوتر، حيث خضع 94 منهم للإقامة الجبرية بسبب خطورتهم على الأمن العام، بينما أحيل عدد آخر إلى القضاء، ووضع آخرون تحت المراقبة.
من جهة أخرى، قال رئيس الحكومة، الحبيب الصيد، إن القضاء أصدر 28 حكماً ضد عناصر إرهابية، من بينهم حكم بالإعدام.
كما أكد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية، وليد الوقيني، إغلاق 130 صفحة تتعلق بالإرهاب على شبكات التواصل الاجتماعي هذا العام، وفقا لما ذكرته الإذاعة التونسية الوطنية.
من جهة أخرى، ذكر المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن الحركات الاحتجاجية الفردية والجماعية في تونس خلال شهر نوفمبر بلغت 390 تحركا مقابل 910 خلال شهر أكتوبر نظرا لعدة عوامل من أهمها إعلان حالة الطوارئ بعد العملية الإرهابية التي طالت حافلة للأمن الرئاسي في 24 نوفمبر وأسفرت عن استشهاد 12 أمنيا وإصابة 20.
فيديو قد يعجبك: