مصراوي يحاور رائد الفضاء "نيسبولي" عن الثقب الأسود والسفر عبر الزمن (حوار)
كتب – محمد عطايا:
تصوير - محمود بكار:
"إذا نظرت من نافذة محطة الفضاء الدولية ليلًا، ستجد دلتا مصر مضيئة كزهرة لوتس رائعة"، هكذا وصف رائد الفضاء الإيطالي، باولو نيسبولي، المشهد من مستوى أفقي على الكرة الأرضية.
المهندس نيسيبولي، عمل لدى وكالة الفضاء الأوروبية، وخاض ثلاث رحلات خارج الكرة الأرضية، بدأت في العام 2007، وانتهت في يوليو العام 2017.
التقى مصراوي برائد الفضاء الإيطالي الذي يزور مصر في هذه الأيام، للمشاركة في ندوات علمية، وبالصدفة جاء الحديث عن الثقب الأسود قبل ساعات من التقاط العلماء لأول صورة له بالفضاء.
كما تحدث أيضًا عن نظرية النسبية للعالم الألماني، ألبرت أينشتاين، وأشار إلى أن عمر الإنسان أقل مما ينبغي أن يكون عليه، لو قضى عام كامل في الفضاء الخارجي.
بداية يقول العلماء إنهم سيلتقطون صورًا للثقب الأسود، هل هذا ممكنًا؟
لست متخصصًا في ذلك المجال حقيقة، ولكن ما أفهمه أن الثقب الأسود يمتص كل شيء، لأنه قوي للغاية، حتى أنه يمتص الضوء.
وترى النظريات أن الولوج عبر الثقب الأسود سيمكن الناس من السفر عبر الزمن. ولكن مرة أخرى كل شيء ممكن وجائز، ومن المحتمل رؤية صورًا للثقب الأسود.
كيف رأيت مصر من الفضاء؟
رؤية الأرض من الفضاء مذهلة، لأنك تتطلع عليها من زوايا مختلفة، وهي مشاهد أفقية رائعة. هناك أماكن من الفضاء تبدو استثنائية، ومصر إحدى تلك المناطق، لأن سمائها صافية للغاية، في الصباح والمساء.
وتستطيع من الفضاء رؤية أجزاء محددة من مصر، مثل البحر الأحمر، والنيل، وشبه جزيرة سيناء. وفي المساء اتمتع بمشاهدة دلتا النيل التي تكون مضاءة ليلًا، وتبدو كزهرة لوتس رائعة.
هل تلك هي المرة الأولى التي تزور فيها مصر؟
لأ، زرت مصر مرتين، ولكن كانت وجهتي البحر الأحمر فقط، للاستمتاع بأوقات الإجازة. وتلك هي المرة الأولى التي ازور فيها القاهرة، فلم أرها من قبل في الواقع، وهي أرض جميلة.
وماذا أعجبك في مصر؟
حقيقة، الأهرامات كانت تأسرني خلال رؤيتي لها من الفضاء، ومشاهدتها رائعة للغاية، لذلك شعرت بالحماس لزيارتها على أرض الواقع في القاهرة.
لم أصدق أنني في النهاية زرت الأهرامات الثلاثة، فهي أفضل بكثير مما اعتقدت، وكانت مذهلة وعظيمة حقًا.
اندهشت بشدة عند النظر إلى الأهرامات التي يبلغ عمرها 5 آلاف عام، بسبب المستوى المعمار الهندسي الرائع الذي حظي به الفراعنة حينها.
ما شعور الوجود في التحرك في الفضاء؟
إنه أمر استثنائي، ولا يقبل فيه بالأخطاء. واتخذت سنوات طوال حتى تمكنت من السفر إلى الفضاء الخارجي. وكان الأمر مزيجًا بين تحقيق حلمك، وشعور جديد تلمسه لأول مرة يجعلك تشعر بأنك أدمي.
وبرغم أنني لم أهبط على القمر أو المريخ وكان عملي في محطة الفضاء الدولية، حيث نقوم بالعديد من التجارب، لمدة تقارب العام الكامل، إلا أن السفر خارج مجال الكرة الأرضية شعور مختلف.
بعد التقدم التكنولوجي الهائل، هل لا تزال الرحلات للفضاء خطرًا؟
الفضاء خطر للغاية، ويمكن أن يتسبب في موتك في ثوانٍ معدودة، ولذلك، حتى تبقى آمنًا، لا بد أن تعمتمد على الآلات التي تضمن سلامتك.
ولاحظ أيضًا، أن تلك الآلات لا بد أن تعمل بشكل جيد، وأن يتم التحكم بها، فأنت من تحرك الدفة وتتولى المسؤولية في كل شيء خلال رحلتك، وبالتالي لا بد أن تكون حذرًا للغاية فيما تفعله.
وأكرر أن الصعود إلى الفضاء أمر معقد للغاية، ولكن مع المزيد من التدرب والتعلم يصبح كل شيء ممكنًا.
تحدث بعض العلماء في ناسا عن احتمالية وجود حياة على الكواكب، ما تعليقك؟
لم نكتشف أي شكل من أشكال الحياة خارج كوكب الكرة الأرضية حتى الآن، ولكن في محطة الفضاء الدولية نعمل كثيرًا على التجارب والاختبارات التي تساعدنا في البحث العلمي.
ودعني أخبرك أن الاكتشافات العملية التي وجدناها خلال تجاربنا في الفضاء مثيرة وهامة للغاية، وعلمتنا كثيرًا عن أنفسنا وصفاتنا البيولوجية، على سبيل المثال، داخل محطة الفضاء، تجد نفسك فجأة فاقدًا للجاذبية، حتى تشعر أن هيكلك العظمي يتفكك، وهي عملية معقدة سببها الأول فقدان الجاذبية، وبالتالي اكتسبنا معلومات جديدة.
ما الذي تحتاجه مصر لبناء محطة فضاء؟
بناء محطة فضاء أمر معقد للغاية، فحاليًا توجد محطة دولية واحدة وتشترك بها الدول التي تقوم برحلات خارج الكرة الأرضية، مثل روسيا واليابان وكندا و10 دول في أوروبا.
وأعتقد أنه في المستقبل، يمكن تحقيق رحلات مصرية للفضاء، ولكن تحتاج مصر إلى العديد من العمل الجاد، والإمكانيات، وأن تحدد هدفها جيدًا قبل أن تتخذ أي خطوة، لأن كل خطوة تعد تحدي.
وإذا أردت التوجه إلى المريخ على سبيل المثال، على مصر العمل بقوة، واستشارة العديد من الدول ذات الخبرة العالية في ذلك المجال. وبلا أدنى شك القاهرة لديها العديد من الإمكانيات البشرية التي رأيتها في دول عدة، فلديكم تاريخ عظيم، ومهندسين كبار.
من المعقد بناء محطة فضائية مصرية، ولكن يمكن أن تدخل كشريكة في المحطة الدولية، وأعلم أن القاهرة تعد مركزًا لوكالة الفضاء الإفريقية، التي ستبنى في المستقبل.
هل تتذكر رحلتك للفضاء في عمر الستين؟
سافرت إلى الفضاء مرة واحدة عندما كنت في الستين. وللعلم أن العمر لا يهم كثيرًا عند اختيار رواد الفضاء للسفر إلى خارج الكرة الأرضية، ولكن التدريب والإمكانيات هي ما تصنع الفارق. فكلما كنت جاهزًا ومتأهبًا تتمكن من فعل ما يستيطع الشباب فعلًا.
يقولون أن الهبوط على كواكب أخرى يمكن أن يجعل الوقت يسير إما أسرع أو أبطأ من الأرض، هل اختبرت ذلك؟
نظريًا هذا صحيح، لأن العالم الألماني ألبرت اينشتاين كشف العلاقة بين الوقت وسرعة الضوء، وهو أمر معقد للغاية، وصعب تحقيقه عمليًا بسبب سرعة الضوء التي من الشاق أن يبلغها الانسان.
فكلما أصبحت قريبًا من سرعة الضوء، كلما سار الزمن بشكل أبطأ، وذلك تحديدًا ما يحدث في الفضاء.
سرعتنا في الفضاء تصل إلى حوالي 8000 كلم/س وهي سرعة ضخمة للغاية، ولكن تبقى غير كافية أو قريبة حتى لتقترب من سرعة الصوء.
وبحسب نظرية اينشتاين، فإن عمري حاليًا أصغر سنًا بجزء من الثانية مما ينبغي أن أكون عليه، وذلك بعدما قضيت عام كامل في الفضاء.
وهل السفر عبر الزمن ممكنًا؟
أنا مؤمن أنه بمرور الوقت، سنجد طريقة للسفر عبر الزمن، فالعالم يرى كل يوم تطورًا لم نعتقد أن تحقيقه سيصبح حقيقة نؤمن بوجودها جميعًا.
فيديو قد يعجبك: