إعلان

غدا ... العالم يحيي اليوم الدولي للتنوع البيولوجي

08:43 ص الإثنين 21 مايو 2018

التنوع البيولوجي

القاهرة - ( أ ش أ )

يحيي العالم غدا اليوم الدولي للتنوع البيولوجي 2018 تحت شعار " الاحتفال بـ 25 عاما من الجهود في حماية التنوع البيولوجي" ، وقد اختير هذا الموضوع بمناسبة مرور 25 عاماً على دخول اتفاقية التنوع البيولوجي حيز التنفيذ، وتسليط الضوء على الإنجازات التي تم إحرازها في تحقيق الأهداف على المستويين الوطني والعالمي.

وقد تحققت في السنوات الماضية نتائج مبهرة، مثل تطوير إرشادات توجيهية علمية للحفاظ على التنوع البيولوجي في كل أرجاء العالم واستخدامه استخداما مستداما، فضلا عن دخول بروتوكول قرطاجنة وبروتوكول ناجويا حيز النفاذ بعد اعتماد الخطة الإستراتيجية للتنوع البيولوجي 2011- 2020 ، وأهداف أيتشي للتنوع البيولوجي. ويعنى الهدف 15 من أهداف التنمية المستدامة بحماية النظم الإيكولوجية البرية وترميمها وتعزيز استخدامها على نحو مستدام، وإدارة الغابات على نحو مستدام، ومكافحة التصحر، ووقف تدهور الأراضي وعكس مساره، ووقف فقدان التنوع البيولوجي.

وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة قد أعلنت - بموجب قرارها 201/55 في ديسمبر 2000 - يوم 22 مايو من كل عام يوماً دولياً للتنوع البيولوجي لزيادة الفهم والوعي بقضايا التنوع البيولوجي. وخصص هذا التاريخ تحديدا لإحياء ذكرى اعتماد نص اتفاقية التنوع البيولوجي في 22 مايو 1992 بحسب الوثيقة الختامية لمؤتمر نيروبي لإقرار النص المتفق عليه لاتفاقية التنوع البيولوجي.

والتنوع الأحيائي أو التنوع البيولوجي (biodiversity) هو المصطلح الذي يطلق على تنوع الحياة على الأرض والأنماط الطبيعية التي تشكلها. إن التنوع البيولوجي الذي نراه في يومنا هذا ما هو إلا ثمرة مليارات السنين من التطور، والذي تشكل نتيجة للعمليات الطبيعية، والتأثير الحادث بفعل البشر. إنه يشكل شبكة من الحياة التي نشكل نحن جزءاً لا يتجزأ منها و نعتمد عليها بصورة كاملة .كما أن مصطلح التنوع غالباً ما يفهم من منطلق التنوع العريض للنباتات، والحيوانات والكائنات الدقيقة (المكروبات). وحتى وقتنا هذا، تم التعرف على حوالي 1,75 مليون نوع، أغلبهم من المخلوقات صغيرة الحجم مثل الحشرات.

ويقدر العلماء أن هناك حالياً ما يقرب من 13 مليون نوع ، وذلك على الرغم من أن التقديرات تتراوح من 3 إلى 100 مليون. كما يتضمن التنوع البيولوجي أيضاً الاختلافات الجينية داخل كل نوع - على سبيل المثال، بين مجموعات متنوعة من المحاصيل وسلالات الماشية. الكروموسومات، والجينات، والحمض النووي منزوع الأوكسجين (د.ن.أ) - اللبنات الأساسية للحياة- تحدد تفرد كل شخص وكل نوع.

ويبقى مظهر آخر من مظاهر التنوع البيولوجي ألا وهو تنوع الأنظمة الإيكولوجية مثل تلك الأنظمة الموجودة في الصحارى والغابات والأراضي الرطبة والجبال والبحيرات والأنهار و المسطحات الزراعية. وفي كل نظام إيكولوجي، تكون المخلوقات الحية، بما فيها البشر، مجتمعاً يخصها، حيث يتفاعلون فيما بينهم كما يتفاعلون مع ما يحيط بهم من الهواء والماء والتربة. إنها مجموعة من صور الحياة وتفاعلاتها فيما بينها ومع البيئة التي جعلت من الأرض مكان صالح لسكنى البشر على نحو منقطع النظير. حيث يوفر التنوع البيولوجي عدداً كبيراً من السلع والخدمات التي تمدنا بأسباب المعيشة في حياتنا.

و تعتمد السلع والخدمات الأساسية التي ينعم بها كوكبنا على تنوع وتباين الجينات والأنواع والتجمعات الحية والنظم الايكولوجية. فالموارد البيولوجية هي التي تمدنا بالمأكل والملبس، وبالمسكن والدواء والغذاء الروحي. ومعظم التنوع البيولوجي في كوكب الأرض موجود في النظم الايكولوجية الطبيعية للأحراج ومناطق السفانا والمراعي بأنواعها والصحارى ومناطق التندرا والأنهار والبحيرات والبحار. كما أن حقوق الزارعة وحدائقها لها أهمية كبيرة بوصفها مستودعات، في حين أن مصارف الجينات وحدائق النباتات وحدائق الحيوان وغيرها من مستودعات الجبلات الوراثية تسهم في ذلك مساهمة قليلة ولكنها هامة. والتناقص الحالي في التنوع البيولوجي ناجم في معظمه عن النشاط الإنساني ويمثل تهديدا خطيرا للتنمية البشرية.

ويشير تقرير مرحلي عن التنوع الحيوي لتقييم التقدم المحرز منذ مؤتمر ناغويا (اليابان) في العام 2010 الذي تم خلاله تحديد حوالى 20 هدفا رئيسيا للعام 2020، وتبدو هذه الأهداف المنشودة من قبيل تحسين إدارة مخزونات السمك وتوسيع نطاق المحميات وتأهيل النظم البيئية المتدهورة، بعيدة المنال اليوم. حيث أكد تقرير نشره الصندوق العالمي للطبيعة بين أن أعداد الحيوانات البرية والمائية على الكوكب الأرض تراجعت إلى النصف بين العامين 1970 و2010.

وقد أشار " أشيم ستاينر" مدير برنامج الأمم المتحدة للبيئة ، إلي أنه يحدث هزة في أنحاء العالم أجمع ... فالمسألة مرتبطة بالحياة برمتها على الأرض. وينبغي بذل مزيد من الجهود بسرعة أكبر. وأضاف ستاينر ، أن الذي جاء في التقرير أنه من الواضح أن (التدابير المتخذة) لن تكون كافية لتحقيق غالبية الأهداف المحددة.

وأظهر تقرير للأمم المتحدة تقاعس الحكومات عن تنفيذ الأهداف التي وردت في خطة للتنوع البيولوجي لعام 2020 لحماية الحيوانات والنباتات والتي تهدف أيضا إلى زيادة الإمدادات الغذائية وإبطاء التغير المناخي. ومازالت أنواع نادرة كثيرة تواجه خطر الانقراض بشكل متزايد ويقوم مزارعون بازالة الغابات بمعدل ينذر بالخطر كما استمر التلوث والإفراط في صيد الأسماك على الرغم من حملة الأمم المتحدة التي تم الاتفاق عليها في 2010 لوقف الاتجاهات الضارة بالطبيعة.

وقال " بروليو دو سوزا دياس" الأمين التنفيذي لاتفاقية التنوع البيولوجي ، أن هناك زيادة في جهود (الحكومات)، ولكن هذا لن يكون كافيا للوصول إلى الأهداف.

وبشكل عام أظهرت التوقعات العالمية للتنوع البيولوجي لعام 2017 ، أن 5 أهداف فقط من بين 53 هدفا تم تحديدها للحفاظ على الطبيعة تم تحقيقها أو تم تحقيقها قبل موعدها. أما باقي الأهداف فلم يتم تحقيقها. فعلى سبيل المثال فان الحكومات في طريقها نحو تحقيق هدف تخصيص 17 % من مناطق العالم البرية بحلول 2020 كمناطق محمية للحياة البرية مثل المتنزهات أو المحميات. ولكنها تلكأت في تحقيق أهداف مثل تخفيض معدل فقد المواطن الطبيعية إلى النصف أو منع انقراض الانواع المعروف أنها مهددة.

وأوضح التقرير إلي أنه يتم تدمير ثلث المناطق المحمية في العالم من قبل البشر، في حين يتم تعيين إنشاء المزيد من المناطق المحمية أكثر من أي وقت مضى ، ولكن يبدو أنه في كثير من الحالات يكون الاسم فقط. وقد توصلت دراسة جديدة إلى أن ثلث المناطق المحمية في العالم تتعرض في الواقع للتدهور بسبب الأنشطة البشرية. وهذه هي النتيجة المحزنة من بحث أخير في العلوم ، والذي نظر في مدى "حماية" هذه المناطق. ووجد التقييم أنه في حين أن العديد من البلدان سريعة لإنشاء مناطق محمية ، إلا أن قلة منها تتبع ذلك ، وهذا يعني أن الكثير منها لا يصلح للغرض.

وقد أشار " كيندال جونز" الذي قاد البحث، إلي أن شبكة المناطق المحمية جيدة الإدارة تعد ضرورية لإنقاذ الأنواع. إذا سمحنا بتدهور شبكة المناطق المحمية لدينا ، فليس هناك شك في أن خسائر التنوع البيولوجي ستتفاقم. وأضاف جونز ، أنه يظهر العمل أن 6 ملايين كيلومتر مربع محزن (2.3 مليون ميل مربع) أي أكثر من ضعف حجم الأرجنتين ، تخضع الآن "لضغوط بشرية شديدة" من أنشطة مثل إزالة الغابات ، وبناء الطرق ، والزراعة ، والتعدين ، وحتى البناء من المدن الجديدة. ولم تقتصر هذه المشاريع على جزء واحد من العالم ، بل تم رصدها في المنتزهات في كل قارة ، حيث تم تقييم 10% فقط من المناطق الخالية من أي تأثير بشري. وقد يكون من السهل أخذ هذا كدليل على أن المناطق المحمية لا تعمل ، ولكن هذا ليس صحيحاً في الأساس.

وبشكل عام ، كانت مناطق الحفظ أو المحميات قصة نجاح كبيرة. وقد أظهرت ورقة ظهرت قبل بضع سنوات بشكل لا لبس فيه أن التنوع البيولوجي داخل المناطق المحمية كان أعلى بكثير مما كان عليه خارج هذه المناطق. ووجد الباحثون أن عدد النباتات والحيوانات الفردية كان أعلى بنحو 15 %، في حين كان عدد الأنواع أعلى بنسبة 11 % في 1939 منطقة محمية حول العالم.

ومن المثير للاهتمام ، أن الدراسة وجدت أنه ليس بالضرورة وجود حديقة أدت إلى زيادة التنوع البيولوجي ، ولكن كيف تم إدارة هذه المناطق. وهذا يشكك في فاعلية الأهداف لزيادة المساحة الكلية للأراضي المحمية إلى 17% بحلول عام 2020 إذا كانت المنطقة "محمية" فقط على الورق ، ولم تدعمها الإدارة والحماية المناسبة.

وقال البروفيسور "جيمس واتسون" المؤلف البارز للدراسة ،" إننا نعلم أن المناطق المحمية تعمل - عندما يتم تمويلها جيداً ، وتتم إدارتها بشكل جيد ، وأن تكون فعالة للغاية في وقف التهديدات التي تسبب ضياع التنوع البيولوجي وضمان عودة الأنواع من حافة الانقراض". وأضاف واتسون ، أن هناك أيضا العديد من المناطق المحمية التي لا تزال في حالة جيدة وتحمي آخر معاقل الأنواع المهددة بالانقراض في جميع أنحاء العالم ، وتابع قائلا " يتمثل هذا التحدي في تحسين إدارة تلك المناطق المحمية الأكثر قيمة لحفظ الطبيعة لضمان حمايتها بدلاً من مجرد زيادة كمية الأراضي المحمية ، حيث نحتاج أولاً وقبل كل شيء إلى التأكد من إدارة المناطق التي تخضع حالياً للحماية بشكل فعال".

وذكر التقرير إن التنوع البيولوجي عالمياً يواجه عديدا من الضغوط منها النمو السكاني والزحف العمراني والتلوث البيئي وتغير المناخ، بالإضافة إلى الأنواع الغازية. وبالرغم من أن غزو الأنواع الغريبة لا يعد العامل الأهم في تدهور حالة التنوع البيولوجي مقارنة بتغير المناخ وتغير استخدامات الأراضي، إلا أنه دون شك أحد العوامل الرئيسة التي لا يمكن تجاهلها خاصة في ظل التوسع المستمر في التجارة الدولية وفي حركة النقل البري والبحري.

ويشير تقرير توقعات البيئة العالمية الخامس" وفقا لبيانات أوروبية إلى زيادة عدد الأنواع الدخيلة الغازية بنسبة 76% منذ عام 1970، وأنها كانت عاملا في انقراض أكثر من نصف الأنواع الفقارية والعامل الرئيسي في انقراض 20 % من الأنواع. ويعتمد توافر الغذاء والماء والطاقة وهي اللبنات الأساسية التي يقوم عليها أمن أي بلد في العالم، على صحة الأنظمة الإيكولوجية البيئية وقوتها وتنوعها، وعلى الحياة التي تسكنها. ولكن، نتيجة لأنشطة بشرية أصبح التنوع البيولوجي الكوكبي الآن في انحدار أسرع من أي لحظة أخرى في التاريخ. ورغم ذلك لم يدرك العديد من صناع السياسات حتى الآن أن خسارة التنوع الأحيائي تشكل تهديدا لا يقل جسامة عن ارتفاع مستويات سطح البحر وأحداث الطقس القاسية المتزايدة.

ويأتي هذا الافتقار إلى القدر الكافي من الاهتمام رغم التعهدات الدولية بحماية التنوع البيولوجي؛ ففي أكتوبر 2010، التقى زعماء العالم في إيتشي في اليابان ووضعوا الخطة الإستراتيجية للتنوع البيولوجي 2011-2020 التي تضمنت 20 هدفا طموحا، مثل خفض خسارة الموائل الطبيعية العالمية إلى النصف، وإنهاء الصيد الجائر، واتفق الموقعون على تلبيتها بحلول عام 2020.

كما تأتي حماية التنوع البيولوجي على وجه التحديد ضمن أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة . ومن المرجح رغم ذلك أن يكون التقدم نحو تحقيق أهداف التنوع البيولوجي العالمي قاصرا بدرجة خطيرة عن المطلوب لضمان مستقبل مقبول للجميع.

ويتفق صناع السياسات إلى حد كبير على أهمية منع ارتفاع درجة الحرارة العالمية عن تجاوز درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الصناعة، وهو هدف اتفاق باريس للمناخ، غير أن قلة من زعماء العالَم لم يشعروا بإلحاح الحاجة إلى وقف خسارة التنوع البيولوجي. ويعتمد المستقبل المستدام الذي تريده دول العالم على إنهاء هذه الحالة من عدم الاكتراث.

هذا المحتوى من

Asha

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان