ماكسويل: طالب "الثانوية" الذى وحد بين "الكهرباء" و "المغناطيسية"
كتب- محمد منصور:
مشاهدة التلفاز، التحدث خلال الهواتف المحمولة، مراقبة الكون من خلال الأقمار الاصطناعية، دراسة حلقات كوكب زُحل، الاستماع إلى الراديو، كلها أمور اعتيادية في عالمنا المعاصر، غير إنها لم تكن لتوجد في حياة البشر لولا "ماكسويل"، فالرجل؛ الذى انتهت حياة قبل 135 عامًا عن عمر لم يتجاوز الثامنة والأربعون، هو صاحب حجر الأساس في معظم إنجازات اليوم.
"هو الأكثر نفعًا لعلم الفيزياء" يقول العالم الفذ ألبرت آينشتاين عن "جيمس كلارك ماكسويل" الذى وُلد في ادنبرة بإسكتلندا عام 1831، فـ"جيمس" هو أول من تمكن من صياغة المعادلات التي تحكم وتوحد علمي الكهرباء والمغناطيسية، ليدخل مصطلح "الكهرومغناطيسية" إلى العلوم من بوابة الشاب الصغير.
ظهرت ملامح نبوغ "ماكسويل" فيما كان صغيرًا، لاحظت والداته شغف صغيرها بالعلم التطبيقي، الأمر الذى شجعها على إرساله إلى أحد مدارس العلوم لتنمية مهارته، في عمر الخامسة عشر وفيما كان في مدرسته العليا، تمكن الشاب من طرح ورقة علمية عن علم التوازن، غير أن الجمعية الملكية البريطانية للعلوم رفضت أن يمثل أمامها "طفل صغير"، الأمر الذى دعا "الطفل" لإيفاد أستاذه لمناقشة البحث مع أعضاء الأكاديمية، صُعق العلماء "الكبار" أعضاء اللجنة بالحقائق الواردة في بحث الصغير، وأقروا بالقيمة العلمية للبحث، وهو ما ساعد "جيمس" على التقدم للدراسة في جامعة "كامبريدج" التي تخرج منها عام 1854.
بين عامي 1861 و1862 وضع "ماكسويل" مجموعة من المعادلات التي تصف حقائق العلاقات بين التيار الكهربي والمغناطيسية، ليصيغ؛ في أربع معادلات تفاضلية، نظرية تؤكد أن المجالات الكهربية تؤثر في تغير التدفق المغناطيسي خلال مرورها في الدوائر المُغلقة، الآن، وبعد مرور عشرات السنوات على صياغة "ماكسويل" لنظريته، لا يزال العلماء يستخدمون معادلاته في جميع التخصصات، بدءُا من صناعة الطائرات وانتهاءً بمد خطوط الكهرباء.
معادلات ماكسويل ليست القوانين الأساسية للكهرباء والمغناطيس فقط، ولكنها أيضاً القوانين الأساسية للبصريات، وفي الحقيقة فإن جميع قوانين البصريات يمكن استنتاجها أيضاً من معادلات ماكسويل فضلاً عن كثير من الحقائق والعلاقات التي لم تكتشف في السابق.
تعتمد شهرة "جيمس ماكسويل" على اكتشافاته التي غيرت تاريخ العلوم في مجال الكهرباء والمغناطيسية، إلا أن الرجل له العديد من الإسهامات في مجالات بعيدة كل البعد عن الفيزياء، فقد تمكن "ماكسويل" من إثبات كون حلقات كوكب زُحل مكونة من العديد من الأجسام الصغيرة، وليست حلقات متحدة الجوهر كما كان يُعتقد في السابق، كما استنتج أن الغازات لا تسير بنفس السرعات نتيجة اختلاف كثافتها، وصاغ نظرية "التوزيع" التي تحدد عدد كسور الجزيئات لأى غاز يتحرك بسرعة ما، وهو إسهام هائل فى علم الموائع، ولا تزال تلك الصيغ تستخدم على نطاق واسع في عدد كبير من تطبيقات ذلك العلم.
"آينشتاين، نيوتن وماكسويل" ثلاث علماء غيروا تاريخ الفيزياء الحديثة، حسب دائرة المعارف البريطانية التي تؤكد أن إسهامات "ماكسويل" في مجال العلوم التطبيقية "صعبة التكرار"، وفى مثل هذا اليوم، 5 نوفمبر، توفى "ماكسويل" جراء إصابته بسرطان الجهاز الهضمي، بعد أن سطر تاريخًا جديدًا وخلد أسمه فى الصفحات الناصعة لعلوم الفيزياء الحديثة.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك ...اضغط هنا
فيديو قد يعجبك: