إعلان

مجلة بعمر وطن.. حين كان للتجديد عنوان اسمه "الكواكب"

05:15 م الأربعاء 01 يونيو 2022

رئيسية أحد أعداد مجلة الكواكب

تطبيق مصراوي

لرؤيــــه أصدق للأحــــداث

كتبت-إشراق أحمد:

الأيام تسير بوتيرتها، في زمن لا شريك فيه للصحف في نقل الأخبار ورؤية العالم بين السطور، المسرح قبلة الثقافة والترفيه، والسينما لم تعد صامتة، فإذا بإصدار يخرج بين يدي موزعي الجرائد في الثامن والعشرين من مارس عام 1932، يتوجه للقارئ بكلمات تخبره عن سبب تواجدها "غايتنا أن نؤدي خدمة للفن ورجاله وأنصاره. فقد أصبح للفنون عمومًا ولاسيما التمثيل المسرحي والسينمائي شأن كبير في مجتمعنا الحالي من تقدم مطرد وتطور في مناحيه المختلفة. لذا فقد رأينا أن تُخصص لهذا الفن مجلة الكواكب".

خرجت الكواكب لتجديد الصحافة، وفعلت. على مدار أعوام طوال تربعت المجلة المصورة على عرش الصحافة الفنية، لكن لكل شيء أذان بالرحيل؛ الخميس الماضي أصدرت الهيئة الوطنية للإعلام قرار دمج الكواكب مع مجلة حواء، وتخصيص موقعًا إلكترونيًا لكل منهما، لتترك المجلة صاحبة الـ90 عامًا ميراث لا يعوض من التأريخ لفترات ذهبية، كان فيها الفنان والفنانة في المسرح والسينما كوكبًا يتنظر رؤياه عموم القراء ليس في مصر فقط بل أرجاء الوطن العربي.

‎ ما يُكتب اليوم في كتب تحمل سيرة ذاتية عن أشخاص عرفوا فنانًا أو فنانة، وتحكي عن تفاصيله الطريفة أو المأساوية، كان ذلك يومًا تتناوله الكواكب بسلاسة على صفحاتها التي بلغت ذات يوم 100 صفحة، تقرأ عن مذكرات عبد الحليم حافظ في حياته، وتتحدث فاتن حمامة وسميرة أحمد في مختلف مراحلهم العمرية، ويحكي يوسف وهبي عما إذا اتعبته الشهرة، فتسمع صوته من وراء الكلمات يقول "يُتعبني أني مرغم على أن أكون ممثلاً في الشارع والمجتمعات كما أمثل على المسرح، مما يُضايقني أني لا أستطيع أن أسير في الطريق أو "اتسكع" أمام فترينات المحال التجارية أو أجلس في أحد المقاهي فإني إن فعلت أرأي حولي زحامًا من كل جانب".

في زمن تجاوز نصف القرن، لم يكن مدهشًا أن يُرى اسم عباس محمود العقاد في الكواكب متحدثًا عن "فيلم رأيته وأعجبني". يكتب الأدي والمفكر الكبير عن فيلم التاجر هورن الذي عُرض في قاعات السينما بالقاهرة، ويتبادل مع القاريء ما أعجبه في الفيلم الذي ظل بذاكرته منذ رآه قبل 15 عامًا، كما ظل زكي طليمات يطل بحكايات كثيرة عبر الكواكب.

لأعوام، اصطحبت المجلة القاريء إلى المسارح واستوديوهات التصوير، تُرى المقاعد والمتفرجين، ضحكم وبكائهم. جلسات الممثلين، جدهم ومرحهم، وكان من الطبيعي أن يطل النجوم ليس في مقعد الحوار، ولكن ككتاب، فيدون محمد فوزي في مقال يحمل اسمه، عن خناقة لا ينساها في حياته وقت أن بدأ الغناء في قرية قرية من شبين الكوم.

خرجت الكواكب بالفنان من شاشات السينما ومن بعد لقاءات الإذاعة إلى الجمهور، الأخبار بلسان النجم وصورة حدثية وليس داخل استوديو، في الخمسينيات تعود ماجدة من ألمانيا بعد عرض فيلم "أين عمري" في مهرجان ألمانيا، وتُفتفح معها صفحات المجلة لتحكي عما حدث وما رأته في رحلتها.

كان الفنانون يخوضون مع صحفي الكواكب تجاربهم وأفكارهم، فتخرج قصص مصورة بمعناها الحالي، يكتب الصحفي السيناريو، ويمثل أحد النجوم مشاهد قصيرة، فيعرض شكوكو حكاية "يا خرابي" عن فتاة اعترضها يومًا شاب في الشارع، ويمثل محمد فوزي وفاتن حمامة قصة "فالنتينو" مَن أحب فتاتين في وقت واحد.

برامج الترفيه التي يُستضاف فيها الفنانون اليوم، كانت للكواكب السبق في طرح مثل هذه الأفكار، فحملت صفحاتها بالصور والكتابة فنانين يلعبون معًا ألعاب للتسلية من اقتراح المجلة، مثلما فعلا ثريا حلمي وسمير عزت.

كذلك لم تعرف الكواكب حدود؛ أقبلت على القراء بأساليب تفاعلية، فأقامت المسابقات، وتلقى مقر المجلة في شارع المبتديان بحي المنيرة، في أحد الأعوام 5472 ردًا معظمها من مصر والسودان والعراق، وكانت الجائزة الأولى بقيمة 10 جنيهات وصلت لمنزل الأنسة عايدة يوسف بشارع الملكة نازلي بالقاهرة، والجائزة الثانية، وصلت بتلغراف إلى صالح افندي حسن بوادي حلفا بالسودان، وأما الثالثة فجنيهان انتظرها انطوان افندي باللاذقية في سوريا.

وفي وقت كانت تصل الرسائل من كل مكان بالتلغراف، ويجد أحدهم أنها المجلة الفنية الأولى في مصر، وأن الفرق الوحيد بينها وبين أكبر مجلات هوليوود هو ثمنها البسيط. خصصت الكواكب بابًا للرد على القراء، كأنما محادثة إلكترونية تُجرى اليوم، تُرسل الرسالة قصيرة ويُرد عليها بتلقائية ومهنية، فعند سؤال أحدهم عن الحياة الشخصية لفنان أو فنانة، يكون الرد "مالناش دعوة بمثل هذه الشؤون التي لا تعني أحدًا، إن حياة الفنان الخاصة ملكه وحده ومن الفضول أن نتناول بالحق أو الباطل تمام ولا مش تمام؟".

لم تكن الكواكب مجرد مجلة، بل أوراق تنبض بالحياة، ما اقتصرت على نشر أخبار نجوم السينما ثم التليفزيون، إنما أيضًا خصصت مساحة للكتابة عن الأزياء والعناية الصحة الجسدية والنفسية للسيدات، فتقدم النجمات ملابس يمكن أن تعرضها "الفتارين"، ولا عجب أن تشارك مديحة يسري "روتينها" اليومي وأسلوب عنياتها بجمالها.

في الكواكب، عرف القراء المصريون لأول مرة كيف تحضر لهم هوليوود وهم بأماكنهم، ليس فقط بنقل الأخبار لكن بترجمة مقالات يكتبها نجوم ونجمات السينما في العالم، وقبل تهافت قنوات التليفزيون على تغطية حفل الأوسكار، كان للمجلة المصرية مراسل خاص يطرح الأسئل على المرشحين عام 1949 ليقرأ القاريء إجابة المثلة الأمريكية ايرين دن المرشحة عن فيلم "أذكر أمي" عن سؤال إذا ما كان الفوز بالأوسكار يعني حقًا أن الممثل هو أفضل الفنانين وفيلمه أفضل ما شهدت السينما في العام.

90 عامًا حملت الكثير من الكواكب ولها، يحتفظ مصريون إلى اليوم بأعداد من المجلة منذ كان سعرها ملاليم وبعد أن تجاوز خمسة جنيهات، فيما مازال يتساءل قراء من خارج مصر على صفحة المجلة على فيسبوك عن سبب غياب أعدادها في بلادهم خلاف ما كان يحدث في زمن مضى.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان