سودانية صنعت مشوارًا جديدًا بسبب مبادرة لوزارة الشباب والرياضة
كتبت-إشراق أحمد:
قبل عامين، قدمت زينب محي الدين إلى مصر. دارت حياتها حول الحصول على الشهادة الجامعية والعودة لأسرتها وهي تحمل لقب طبيبة، لكن في أغسطس 2021 تجدد مسارها؛ انضمت الشابة السودانية إلى برنامج "مشواري" التدريبي الذي تتبناه وزارة الشباب والرياضة لتنمية مهارات الطلاب والخريجين. اليوم أصبحت زينب مدربة للأطفال وصاحبة لقب "سفيرة" عن محافظة القاهرة.
من بين عشرات الشباب المشاركين، تم اختيار زينب للحديث عن تجربتها، الأحد الماضي، في احتفالية أقامتها إحدى شركات التأمين المصري الكبري لتجديد برتوكول تعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة "يونسيف" المشارك الرئيس في برنامج مشواري الذي تقوم عليه وزارة الشباب والرياضة منذ عام 2008 بهدف تمكين النشء والشباب من سن 10-24 وتنمية مهاراتهم عبر برامج تنمية مهارات التفكير الابتكاري واتخاذ القرار وريادة الأعمال، وتم تنفيذ البرنامج في 15 محافظة.
كانت زينب تقاوم لأجل حلمها، تتكالب عليها الغربة بمشاكلها ومشاعر الفقد لأسرتها "حرفيًا بقالي 4 سنوات ماشوفت أمي لأنها عايشة في السعودية وأنا رجعت السودان للدراسة ونزلت على مصر بعد الثانوي". ضاقت الدنيا على الشابة بينما تقضي إجازة نصف العام لفصلها الدراسي الأول بكلية الطب. عانت من الفراغ "كان فاضل شهرين وتبدأ الدراسة وما قدرت أسافر. كنت متضايقة جدًا". رغبت زينب لو انشغلت بما يهون عليها الأيام، لذا على الفور استجابت للإعلان عن البرنامج التدريبي "مشواري" الذي وضعته زميلة لها على مجموعة الطلاب.
انجذبت زينب لاختلاف التدريب عن روتين حياتها التي اختارتها "توجهي كله علمي في حين البرنامج كان بيتكلم عن مهارات حياتية". لم تتوقع الشابة أن يحدث معها أي تغيير، فقط أرادت استغلال وقتها ومحاولة كسر دائرة الملل المحبوسة داخلها.
5 أيام في مركز شباب البساتين أحدثت فارقًا في مسار ابنة السودان "ماكنتش محاضرات نظرية وخلاص. أي حاجة ناخدها عليها نشاط والموضوع ده حبيته جدًا". استعادت زينب نشاطها، استردت ثقتها في نفسها ونظرتها للأمور، حصلت على المفتاح لمحاولة حل المشاكل التي تواجهها، لكن الحال لم يتوقف عند ذلك.
ما لبثت أن عادت زينب إلى روتين حياتها حتى تفاجأت "اترشحت ضمن مجموعة اختارها المشروع وأخدونا على تدريب تاني عشان نكون سفراء لمشواري". تطور البرنامج من تعلم مهارات ذاتية إلى تحمل مسؤولية نقل ما عرفوه إلى أطفال ما بين 10 و14 عامًا. شعرت صاحبة الواحد والعشرين ربيعًا أنها وجدت طريقًا محببًا، أجادت في التدريب الجديد حتى تم اختيارها من بين 50 شخصًا لتعليم الصغار في مراكز الشباب.
لنحو أربعة أشهر، منذ نوفمبر2021، وتوازن زينب بين دراستها في جامعة حلوان ولقاء الأطفال من أبناء الوافدين واللاجئين. أخيرًا حصلت ابنة السودان على الونس المفقود منذ قدمت مصر. كانت الشابة تعلم ما يشعر به الصغار من غربة فتمنحهم إياه، يرافقها ردود فعلهم في أيام التدريب"كلهم بيصيرا أصحاب ولا أحد بيحس أنه من بلد مختلف.. في أطفال بيقولوا أنا اتعرفت على أصحاب جداد"، تترك فرحة الصغار في قلب زينب أثرًا لا يزول.
تُدرب زينب الأطفال على التفكير الإيجابي والتقبل والتواصل وغيرها من المهارات الشخصية، تلعب معهم في الأنشطة، تتابع تغيرهم على مدار أيام التدريب، تسأل في اليوم الأول عن حلمهم في المستقبل، تسمع تكرار الإجابات "عايز أطلع دكتور"، وفي اليوم الأخير تعيد السؤال وتتلقى الجواب بسعادة خاصة "كل طفل بيكون متفرد وعايز يكون حاجة حاببها". ظنت الشابة أنها وحدها من تلمس الأثر حتى تعرضت لموقف زادها إمتنانًا.
ذات يوم بينما تسير بمنطقة سكنها في حلوان، أوقفها صغير تلقى التدريب معها "كانت أمه مع قالها الميس يا ماما"، على بساطة الموقف لكن زينب شعرت حينها بالفخر "لو إنسان واحد طلع بفايدة فأنا غرست حاجة في إنسان وكنت جزء بسيط من حاجة فرحته". أدركت ابنة السودان أن ما تفعله ولو كان صغيرًا فإنه يتجاوز حدود المكان الذي تلتقي فيه الأطفال.
في شهور عدة تغيرت حياة زينب "كان طموحي ونظرتي محدودة شايفة المستحيل مستحيل"، طالما رأت أن تتنازل عن كل شيء لدراسة وممارسة الطب، فيما أصبحت الآن تواصل تدريب الصغار، وتشارك في فاعليات خاصة ببرنامج مشواري، تتحدث عن تجربتها، وتسعد برسائل والدتها التي ما إن تجد مقالات عن تعليم وتدريب الأطفال حتى ترسلها لها وتشجعها. صارت زينب على يقين أن أبواب كثيرة في انتظارها، وأن غربتها ليست بالسوء الذي ظنت.
فيديو قد يعجبك: