ابن النوبة.. رحلة "مصطفوني" من أسوان لأكبر مسابقة فنية بمصر (صور وفيديو)
كتب- محمد مهدي:
بينما يخطو الشاب النوبي "محمد جمعة" على مسرح برنامج "الدوم" أمام لجنة التحكيم الفنية، كان قلبه ينبض بقوة، يلتقط أنفاسه بهدوء قدر إمكانه قبل أن يشدو بأغنية "يا مراكبي" للعبقري الأسمر "أحمد منيب" ليتمكن خلال دقيقة واحدة من الحصول على إعجاب الجميع والتأهل إلى المرحلة الثانية من المسابقة الفنية الكبيرة.
يُصفق الحضور داخل الاستديو، تُشيد لجنة التحكيم بأدائه فيما يسرح بخياله إلى اللحظة الأولى التي دلف فيها إلى عالم الغناء داخل جزيرة سهيل النوبية، اكتشاف صوته العذب وهو ما يزال في سن العاشرة "من صغري وأنا بحب أغني، مع صحابي وأهلي ثم في المناسبات وبعدها مع ضيوفنا اللي بيجولنا من كل دول العالم" تربى محمد الشهير بـ "مصطفوني" على التراث النوبي العريق "بقيت أحفظ كل الأغاني النوبية والفنانين الكبار عندنا".
الحياة وسط الطبيعة الخلابة في جزيرة سهيل التي تشتهر بالمساحات الخضراء المنتشرة في الأنحاء والتفات النيل من حولها منح "مصطفوني" رهافة الاحساس والمشاعر المتدفقة التي يعبر بها من خلال صوته المميز "قعدتي المفضلة تحت شجرة قدام النيل، ممكن بالساعات أقعد أدندن مع نفسي"، يتذكر كلمات شاعر النوبة الكبير صديقي أحمد سليم أو ألحان أحمد منيب أو طريقة غناء أشهر الفنانين بالنوبة مثل "أبان إبراهيم وزيزو تاج" وللأخير قصة مميزة مع الفتى المبدع.
كان "مصطفوني" ينتقل خلف "زيزو تاج" في كل مكان بجزيرة سهيل وخارجها "فنان كبير عندنا في البلد، روحتله في مرة وقولتله عايز أتعلم العود" أراد الصغير التعرف على فنون العزف المختلفة على أوتار الآلة الموسيقية الخشبية ليجد ترحاب شديد وحماس من أجله تدريبه "علمني العود لحد ما بقيت بعزف كويس، وخلاني أتطور في الفن" حيث يملك خبرة كبيرة في المجال "سافر بلاد كتيرة غنى فيها نوبي زي أمريكا وفرنسا وغيرهم".
عندما اشتد عود "مصطفوني" واشتهرت موهبته داخل جزيرة سهيل ومنها إلى باقي مناطق النوبة بات يخرج رفقة آلته الموسيقية إلى المناسبات المختلفة للترفيه عن الجمهور ومنحهم ساعات من السعادة الكاملة عن طريق صوته واستعادتهم لأغاني النوبة القديمة على لسانه "فضلت بغني في النوبة لحد ما جاني تلفون غيرلي الدنيا" اتصال في ساعة متأخرة في الليل من أستاذه "زيزو تاج" يُبلغه بوجود اختبارات فنية للمطربين الشباب تُقام في محافظة الأقصر.
"قولتله هتحرك الصبح بدري على الأقصر وربنا معايا" استيقظ الشاب الأسمر مبكرا وانطلق إلى وجهته في شهر يناير الماضي، كانت اختبارات برنامج "الدوم" في قصر ثقافة الأقصر "لقيت زحمة وناس كتيرة خالص جاية تقدم" شعر بالتوتر قليلا لكنه أراد تقديم موهبته بالطريقة الأمثل وعند دخوله إلى غرفة التحكيم وجد أمامه "الأستاذ محمد أبوالخير والفنان بهاء سلطان" التقط أنفاسه وقام بالغناء "4 أغاني للنوبة ومنيب، منهم صدقني يا صحبي وربك هو العالم" ليتلقط له بهاء سلطان فيديو للذكرى من شدة إعجابه.
بعد أيام قليلة كان "مصطفوني" يعزف بالعود فوق مركب صغير يشق النيل بينما يتلقى البشارة "قالولي إنت بقيت معانا، من كتر فرحتي كنت عايز أنط في النيل" سريعا حمل الشاب النوبي أمتعته متجها إلى القاهرة "الناس في المسابقة استقبلوني في محطة رمسيس وبدأ مشوار البرنامج" وقبل التصوير بعدة أيام اختار أن يغني "ربك هو العالم" بعد استشارة المقربين "لأنها قريبة من قلبي، وأكتر حاجة كنت بفكر فيها إني أشرف أهلي (النوبة) في المسابقة".
مشاعرة مختلطة مر بها "مصطفوني" أمام الفنانين حميد الشاعري وعمرو مصطفى وأمير طعيمة، خاصة مع الإشادة بأهل النوبة وبمجيئه من الأرض الجميلة وفي الوقت نفسه "عنده قبول وطيبة" كما وصفته لجنة التحكيم "كنت سعيد من كلامهم والجمهور اللي كان بيصقف ويشجعني" وبعد عرض الحلقة مباشرة تلقى اتصالات عديدة من أسوان لدعمه ومساندته وإعطاءه الثقة ودفعة معنوية كبيرة قبل مراحل التصفيات القادمة ".
المرحلة القادمة ستكون أكثر إمتاعا، ومن المفترض أن يُتاح للمتسابقين مزيد من الوقت لإسعاد الجمهور بأصواتهم بعد التصفيات الأولية "هنتدرب على إيد متخصصين وهنعمل بروفات، كمان هيكون معانا مزيكا واحنا بنغني عكس المرة الأولى" يذكرها لمصراوي بحماس مؤكدا على أن لديه الرغبة الكاملة في تحقيق حلمه "أكون فنان كبير، وأغني للناس أكتر من تراثنا لأن النوبة بتجري في عروقي" يُنهي حديثه لاستكمال التحضيرات الخاصة بالجولة الجديدة في "الدوم" بينما تعلو وجهه الابتسامة.
فيديو قد يعجبك: