طوكيو بتوقيت القاهرة.. أهالي نجوم "البارلمبياد" يعايشون لحظات الفرح والحزن
كتبت-إشراق أحمد:
على مدار الأيام الماضية، يقف اللاعبون المصريون لرفع الأثقال المشاركون في بارلمبياد طوكيو 2020، يحملون الآمال مع الأوزان، يعانون التوتر جراء الأوقات الفاصلة في المنافسات لأجل ميدالية أو تمثيل مشرف. يغيب الجمهور في اليابان ومصر، إلا صف أول دائم الحضور ولو من وراء الشاشات. يتابع الأهالي والأقارب اللاعبين. تنبض قلوبهم معهم حتى يكاد سمعها يصل إليهم في اللحظات الأخيرة من المباراة.
في 24 أغسطس الجاري، بدأت منافسات الألعاب البارلمبية –لذوي الإعاقة- طوكيو 2020، تشارك مصر ببعثة تضم 49 لاعبًا يتنافسون في 8 ألعاب، من بينهم 7 لاعبين و8 لاعبات في رفع الأثقال، وحصد اللاعبون المصريون 6 ميداليات حتى الآن.
بالكاد تمكن عبد الله جلال من النوم ليلة مباراة الرباعة البارلمبية فاطمة عمر. استيقظ لنحو 6 مرات خوفًا أن يفوته ميعاد بدء المنافسات في التاسعة والنصف صباح 22 أغسطس الجاري. يتملك لاعب منتخب مصر لرفع الأثقال القلق والتوتر أكثر مما يحدث معه في مباريات يخوضها. "عارف قد إيه تعبت ومرت بظروف صعبة فكان نفسي ترجع بميدالية زي ما متعودين منها".
أوشكت الرباعة صاحبة الثامنة والأربعين ربيعًا ألا تشارك في البارلمبياد هذه المرة. كانت مهددة بالوقف بعد إصابتها الشديدة وتناولها الكورتيزون لكن عادت الأمور بتأكيد المشاركة قبل يوم من المغادرة لطوكيو وهي ظروف كفيلة بإربكاك أي لاعب كما يقول جلال.
جلس جلال يتابع الرباعة المصرية الحاصلة على 5 ميداليات أولمبية قبل مباراتها الأخيرة، في نفس الشاب شعورين "كابتن فاطمة الشخص الملهم اللي بتعلم منه وكمان بمثابة أمي". قبل عام أعلن لاعب رفع الأثقال خطبته على ابنه اللاعبة البارلمبية فاطمة عمر.
لم يتخيل جلال يومًا أن يعايش مع "أسطورة رفع الأثقال" كما يصفها تفاصيل مشاركتها في البارلمبياد. حتى 2018، كان يحلم أن يلتقي بها "من وأنا صغير والدي مدرب رفع الأثقال كان يتفرج على الدورة البارلمبية مخصوص عشان كابتن فاطمة. عرفتها من 2012 كنت بتفرج معاه". القدر وحده جمعه بها أمام مصعد في المركز الأوليمبي بمنطقة المعادي، حينها اكتفي الشاب بالابتسام معربًا عن سعادته قبل أن تبادره اللاعبة القديرة بحديث لم ينقطع.
توطدت العلاقات، صار جلال فردًا من العائلة. زاد انبهاره أكثر بكابتن فاطمة "من الناس اللي معندهاش حاجة اسمها يأس ووصلت للناس فكرة أن إحنا نقدر". يبتسم بينما يفكر كيف يصيبه الإحباط حينما يتعرض لإصابة وهو مازال في العشرين من العمر، فيما تواصل لاعبة رفع الأثقال البارلمبية في حصد الميداليات على مدار 21 عامًا رغم ما تلاقيه.
ليلة السفر إلى طوكيو لازم جلال بطلة العالم، التقط آخر صورة معها في القرية الأولمبية قبل الذهاب للمطار مشيرًا بيده لرقم 6، أخبرها أنها ستعود بالميدالية السادسة في مشوارها مع الأولمبياد كما ينتظر الكثير منها، لكن لحظة الجلوس أمام الشاشة لمشاهدة المباراة كانت غير.
لم تنقطع الاتصالات بين عبد الله وخطيبته شهد وأسرة كابتن فاطمة، مع المحاولة الثالثة لرفع الثقل غمرت الفرحة القلوب رغم الإخفاق بها؛ حصدت بطلة العالم في رفع الأثقال الميدالية الفضية والسادسة في تاريخها الأوليمبي –بينها 4 ذهبيات.
سعد جلال كما لم يفعل لحظة حصوله على الميدالية البرونزية في أولمبياد الأرجنتين للشباب عام 2018 حسب قوله "قلت الله أكبر وقعدت اتنطط"، يبتسم الشاب بينما يحكي عن اتصاله بالرباعة المصرية بعد التتويج.
كان الحصول على المركز الثاني بالنسبة لكابتن فاطمة اعتياديًا، طمحت في العودة لمصر بالميدالية الذهبية، لكن جلال وأسرتها أكدوا لها فرحتهم بما صنعت ونقلوا ردود الفعل على فوزها "مكنتش مصدقة أن الناس متابعة في مصر اللي حصل والموضوع أخد صدى".
شاركت مصر في 11 دورة بارلمبية سابقة منذ عام 1972، وحازت على 177 ميدالية، بواقع 46 ميدالية ذهبية و64 ميدالية فضية و67 برونزية.
تلك المرة الرابعة لراندا تاج الدين للمشاركة في البارلمبياد منذ بدأت مشوارها مع رفع الأثقال عام 2006. قبل نحو ساعة من المباراة أمس، تواصل عصام مع شقيقته، شد من أزرها بإخبارها أن تفعل ما بوسعها، فيما لم ينقطع الاتصال بين منزل الأسرة في الإسماعيلية وشقيقتها المتزوجة بالقاهرة قبل وأثناء ظهور راندا على الشاشة.
بدأ المشهد مُفرحًا بنجاح راندا في محاولتين لرفع الثقل، لكن فجأة ارتبكت الأجواء بين أسرة الرباعة المصرية ذات الثلاثة والثلاثين عامًا "الأوزان اندمجت مع بعض ومبقاش كل اللي بيلعبوا في نفس الوزن". لم يعلم الأخ الأصغر لراندا ما نتيجة ذلك إلا بعد إخفاق اللاعبة في المرة الثالثة.
عم الحزن على أسرة راندا في الإسماعيلة "كانت عايزة تفرح مصر وتجيب الدهب". ود عصام لو تواجد في هذه اللحظة ليربط على قلب وكتف شقيقته، لم يتنتظر، سرعان ما اتصل بها محاولاً التخفيف من انهيارها جراء ما حدث.
هذه المشاركة الأولى لراندا دون حصد ميداليات بعدما حصدت الذهبية في بارلمبياد ريودي جانيرو 2016، لكن عصام يعلم أن التواجد في المركز الخامس في ظروف عصيبة كالتي مرت بها شقيقته قبل طوكيو تمثيلاً مشرفًا لمن يعرف.
ثلاثة أشهر، تكالبت الأزمات على راندا، لنحو 20 يومًا أصابها فيروس كورونا بأعراض ليست خفيفة، وما إن عادت فاجأها خبر وفاة عمها، كبير العائلة، وحينما بدأت في استعادة مستواها، سقطت بإصابة في الكتف، ورغم ذلك لم تتوقف اللاعبة البارلمبية عن السعي رغم الضغوط للعودة إلى الساحة مرة أخرى، شاركت في بطولة فزاع الدولية التي أقيمت في دبي قبل شهر من السفر والتي أهلتها للسفر إلى طوكيو.
يعلم عصام أن التوفيق لم يُكتب لشقيقته في طوكيو، تمنى لو كان متواجدًا "مفيش مرة حضرت لها ماتش إلا وفرحتني فيه"، يحزن لبعض التعليقات المحبطة لمجهود راندا "الناس طول الوقت عايزة اللاعيبة ترجع بميدالية دهب"، فيما يرى أن الرباعة المصرية الشابة بذلت أقصى ما يمكن أن تفعل.
يعقد شقيق راندا التواجد في المطار، غدًا لاستقبالها بين العائدين، متناسيًا ما كان وعازمًا أن يدفع الرباعة المصرية لذلك "من اللحظة دي مش هنفكر غير في باريس 2022 إن شاء الله"، كذلك يتهيأ جلال للتنسيق مع أسرة كابتن فاطمة لاستقبالها في أول بطولة يتواجد بينهم كأحد أفراد العائلة، وقد أضاف شيئًا جديدًا لما تعلمه من فاطمة عمر، صاحبة الإنجاز التاريخي في البارلمبياد " اتعلمت منها المرة دي الثبات. مهما حصل تفضل ثابت على موقفك".
فيديو قد يعجبك: