إعلان

صلاة خلف الأبواب الموصدة.. أئمة وعُمال في حضرة المسجد رغم الإغلاق

04:03 م الثلاثاء 23 يونيو 2020

أرشيفية- صلاة التراويح في مسجد الأزهر بإجراءات احت

كتبت- هبة خميس وشروق غنيم:

صورة رئيسة- محمود بكار:

صورة المسجد النبوي- أحمد الفلاحي:

ما إن يطأ أحمد الفلاحي أرض المسجد النبوي حتى يهرول عليه الأطفال، اعتاد الشاب على هذا الوضع طيلة سبع سنوات حين بدأ العمل في إدارة حلقات القرآن في المكان المُقدّس "يكفيني شرف العمل في مسجد الرسول"، في الصباح يكون المكان خاليًا من الزوار والمعتمرين، تصبح فرصة للشاب التأمل في المكان وتعليم الأطفال دون زِحام، انقطع ذلك المشهد طيلة ثلاثة شهور مضوا حينما أُغلق المسجد النبوي قبل أن يُعاد افتتاحه قبل أسبوع "كان قلبي ينبض بالفرحة، رغم أنني كنت من المحظوظين بالتواجد في المكان رغم الإغلاق" .

1

قبل ثلاثة أشهر؛ كان الفراغ مستوحشًا حينما تدور أعين الشاب في المكان يبكي خلائه "ما كنت أتوقع بيوم من الأيام أنني سأشتاق للحرم النبوي رغم أنه قريب من بيتي"، لكن بعد أسبوع من القرار جاءته البشارة "تم اختياري ضمن نسبة العمالة 40% التي تستطيع دخول المسجد"، كانت فرصة ذهبية بالنسبة للفلاحي ولم يفلتها "نعمة لا تُقدر إلا لمن فقدها، داومت على الذهاب إلى هناك يوميًا".

لم يفوّت صلاة في ثاني أقدس المواقع الدينية الإسلامية، يتذكر أن إمامه الأول النبي محمد فيعاود شكر الله على أنه لم يُحرم من التواجد في المكان حتى لو تغير الوضع بداخله بسبب الجائحة "يعتبر بالنسبة لي أيضًا مكان لالتقاء الأحبّة، كنت كثيرًا ما أقف للتحدث مع أصدقائي هناك، لكن فجأة صار الكل يبعد عن الثاني وخايف".

2مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية، كان يُصلي قرابة 40 شخصًا في الحصوة، وهو مكان بالحرم النبوي خلف الروضة الشريفة "أغلبنا من العمال، وكان المنظر مهيب، كأننا في قصر خالي إلا منا"، لكن في نهاية مايو الماضي أعيد افتتاح المسجد الذي شُيّد عام 632 ميلادية "شعوري لا يوصف، فرحت كثيرًا لأن الناس جاءت إلى الحرم مجددًا لتزيل وحشته ويحل الأُنس مرة أخرى"، رغم ذلك إلا أنه ممنوع حتى الآن دخول الروضة الشريفة وزيارة قبر النبي محمد عليه الصلاة والسلام بسبب الإجراءات الاحترازية "الآئمة والمؤذنين فقط مسموح لهم بذلك، وبعض العمال الذين يعطرون المكان ويعتنون به.. نعتبرهم من المحظوظين لأنهم يزورون يوميًا قطعة من الجنة"، إذ روي عن أبي هريرة قوله إن النبي محمد قال "ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"، لكن امتّن الفلاحي لتلك الفرصة خلال 90 يومًا "اطمئن قلبي رغم الأزمة الفتّاكة لأنني كنت في مسجد النبي، ربنا يكتبها لكل مشتاق".

3

على بُعد قرابة ألف وخمسمائة كم من المدينة المنورة، كان يجلس الشيخ عباس صالح، إمام وخطيب مسجد النور بالعباسية بالقاهرة، بالمكان وحيدًا، مشاعر متضاربة مرّ بها، ما بين أنه لم ينقطع عن الصلاة بداخل الجامع لكن لازمته غُصة بينما يصلي وحيدًا "حسيت بغربة ويُتم، شعرت أن جدران المسجد حزينة وتفتقد للمصلين".

في التاسع عشر من مارس الماضي، اتخذت الحكومة المصرية قرارًا بإغلاق المساجد ضمن سلسلة من الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس كورونا، وتم تغيير الأذان ليتضمن "ألا صلوا في بيوتكم.. ألا صلوا في رحالكم"، اهتّزت مشاعر الشيخ عباس في أول مرة نطق بها لكن أكثر ما كان يبدد حُزنه "وجود مخرج لنا في السنة النبوية مناسبة لكل الأوقات وللظروف الصعبة التي نعيشها، الدنيا كلها تهون قصاد نعمة القرب والراحة في حضرة الله"

كان ذلك شعور الشيخ نور محمود، حينما أغلقت المساجد أمام المصلين إلا هو بحُكم عمله "كان استقرار نفسي كبير بداخلي لأنني لم أُمنع من الصلاة هنا، لكن بعد فترة شعرت بالعجز"، كلما دخل إمام المسجد المكان ينتابه الضيق"والدتي كانت تُخبرني دائمًا، الجنة من غير ناس ما تنداس. تذكرتها في هذه اللحظة". حاول طرد مشاعر الحُزن عن نفسه "خاصة من حولي كانوا يغبطونني لأنني أتمكن من الصلاة في الجامع".

داوم إمام المسجد على عدة طقوس لتؤنس وحدته مثل الاستماع باستمرار لإذاعة القرآن الكريم في المكان "كما أن ربنا حباني بصوت جيد فكنت استمتع بالإنشاد ومدح النبي عليه الصلاة والسلام فيتردد صدى صوتي في المكان الفارغ"، فيما لم ينقطع عن وضع "بخور ومواد مُعطرة كأنما الناس حاضرة"

رغم الهدوء التام الذي نعم به إمام المسجد، الذي يُطل على مكان رئيسي، إلا أنه ضجر ذلك السكون سريعًا "خاصة أن يحضرنا "كوكتيل" مختلف من البشر، عُمال من المطاعم وصنايعية من أعمال مختلفة، كان هذا يمدنا بتنوع جميل خاصة في صلاة الفجر"، ثلاثة صفوف تستقر وراء الإمام "كان يستهل العُمال يومهم بالصلاة معي في المسجد"، لذا على مدار الفترة الماضية كان يُمني الشيخ نور نفسه بالعودة سريعًا لاستقبال الناس، يُحصي الأيام ويتمنى زوال الغُمة لتدب الحياة كما اعتادها بالجامع.

خلال 90 يومًا مضوا كان الشيخ عباس صالح، إمام وخطيب مسجد النور بالعباسية بالقاهرة، يتدبر أيضًا لقاء المصلين مجددًا، يتابع أخبار افتتاح بعض المساجد في العالم "الدين جاء ليجمع البشر، من أول ما يولد الإنسان وحتى وفاته، دائمًا هناك ولائم للفرح والحزن"، حتى أقرت الحكومة المصرية، اليوم الثلاثاء، افتتاح المساجد بداية من السبت المُقبل مرة أخرى بعد الإغلاق، يتأمل الإمام المشهد مع اتخاذ كل الإجراءات الوقائية للمحافظة على أرواح الناس "لأنه يجب علينا الأخذ بالأسباب وعدم إلقاء نفسنا في التهلكة".

تابع موضوعات الملف:

العالم يقيم الصلاة.. حكايات عودة المساجد في زمن "كورونا" (ملف خاص)

صدى لم ينقطع.. صلوات العمال ونس المسجد الحرام في الإغلاق

ليلة عيد للمصلين.. كواليس فتح المسجد النبوي بعد إغلاقه بسبب "كورونا"

الفتح المُصغّر.. أهل القدس يلتقون "الأقصى" بعد 69 يومًا من الغلق

عبر الإذاعة المصرية.. كيف نَقل"مدني" أجواء أول صلاة جمعة منذ إغلاق المساجد؟

أحلام المصريين بعودة الصلاة في الحرم.. التعلق بأستار الكعبة عبر التليفزيون (تقرير)

عودة مُفعمة بالألم.. حكاية فتح أول مسجد بألمانيا بعد 60 يومًا من إغلاقه

إعادة فتح مساجد إيطاليا.. إمام "ميلانو" من المنبر إلى دفن موتى "كورونا"

"ونس في بلاد الغربة".. حكايات العرب مع فتح المساجد في أمريكا

المسجد "بيت" وصُحبة.. عودة أكبر مركز إسلامي في "فينيكس" الأمريكية

"غدًا يلتقي الأحبة".. مصريون يتلهفون للعودة إلى المساجد في زمن الكورونا

بقرارات صارمة.. أول العائدين إلى صلاة الجماعة في العالم رغم "كورونا" (تقرير)

"كالخروج من السجن".. حال عودة المساجد الأردنية خلال أزمة "كورونا"

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان