إعلان

هل تهدد ملابس "البالة" القادمة من أوروبا بنشر فيروس كورونا؟

03:56 م الثلاثاء 14 أبريل 2020

ملابس البالة - ارشيفية

كتب - محمود عبدالرحمن:

على طاولات خشبية وحوامل معدنية، أمام المحال وفوق أرصفة الشوارع بمحيط وكالة البلح ببولاق أبو العلا في وسط القاهرة، تعرض الملابس المستعملة المستوردة من أوروبا في كونتينرات عبر ميناء بورسعيد، ومنه تنقل وتوزع في الأسواق الشعبية بالقاهرة وغيرها من المحافظات وتباع بالكيلو أو القطعة التي يبدأ سعرها من 10 جنيهات.

وتستورد مصر ملابس "بالة" أو مستعملة تقدر سنويا بملايين الدولارات، فخلال الفترة بين شهري يناير وأغسطس من عام 2017، بلغت قيمتها 5 ملايين و996 ألف دولار، وفقا للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، وتأتي غالبية هذه الملابس من دول أوربية منذ أواخر القرن الماضي، بحسب بعض تجار وكالة البلح، وخلال العقود الثلاثة الأخيرة بدأت شركات مصرية تستوردها من دول أسيوية وخليجية.

ومع ظهور وباء كوفيد- 19 وتصنيف بعض الدول الأوربية كبؤر لتفشي الوباء الذي يعرف بفيروس كورونا المستجد، ظهرت تحذيرات على مواقع التواصل الاجتماعي من خطورة هذه الملابس، خاصة في ظل حالات الإصابة والوفيات التي تتزايد يوميا وتجاوزت الــ2 مليون حالة عالميا حتى الآن.

فما مدى خطورة شراء الملابس المستعملة وهل يمكن علميا أن تنقل هذه الملابس الإصابة بالفيروس؟ وماهي الإجراءات الوقائية التي يجب اتخاذها من قبل المشتري والتجار والمؤسسات الرقابية تجاه هذه النوعية من الملابس التي تتجاوز نسبها الـ10% من سوق الملابس الجاهزة في مصر، وفقا لغرفة تجارة الملابس بالاتحاد العام للغرف التجارية؟

الملابس المستعملة تأتي إلى مصر عبر طريقين؛ الأول الرسمي حيث يتم استيرادها من الخارج وفقا للقرار الوزاري رقم 770 صادر في عام 2005، الذي يعطي الحق لتجار المنطقة الحر ة ببورسعيد باستيراد الملابس المستعملة، والآخر هو طريق التهريب أو دخولها لأي استخدام آخر غير الآدمي.

في الطريق الرسمي، يتم التعامل مع هذه الملابس وفقا لعدة آليات لضمان خلوها من الميكروبات أو الأوبئة يمكن أن تتسب في أي أضرار، حيث يتم فحصها في الحجر الصحي بميناء بورسعيد وتطهيرها وتعقيمها من خلال تبخيرها بمواد مطهرة إذا تطلب الأمر على حساب المستورد، وفقا لأحد العاملين بميناء بورسعيد.

لكن الملابس المستعملة التي تأتي مهربة لا تمر بهذه الخطوة، إلا في حالة ضبطها، هذا إجراء طبيعي يحدث في الحجر الصحي بالميناء منذ عشرات السنين، وقبل ظهور فيروس كورونا، ويحصل المستورد بالطريق القانوني على شهادة بخلو الملابس من الميكروبات والأمراض المعدية.

"الملابس بتكون مضغوطة في البالة، وقبل عرضها في المحلات بتيجي لنا هنا علشان أغسلها، وبعدين أكويها بالبخار، لأن لو الزبون شافها بشكلها في البالة مش هيشتري، بتكون مكرمشة"، يقول أمير فضل، صاحب مغسلة بسوق وكالة البلح.

وأوضخ: ملابس البالة تمر بعدة مراحل منذ وصولها إلى مخازن التجار في الوكالة، تبدأ بعملية الفرز، حيث تقسم إلي مجموعات حسب النوع والخامة والمقاس، ثم تنقل إلى المغسلة، لكي يتم غسل القطعة التي تحتاج إلى الغسيل، بينما القطع النظيف يتم كويها بالبخار لتكون جاهزة للعرض. وأضاف: "بعض البالات تكون الملابس الموجود بها مغسولة وبها مادة لحفظ الأقمشة، لأنها بتقعد شهور علشان تتباع سواء في الميناء أو أثناء تخزينها في بورسعيد أو بعد نقلها إلى القاهرة ووضعها في المخازن لكي يتم فرزها".

يقول الدكتور أمجد الخولي، استشاري الوبائيات بمنظمة الصحة العالمية، إن احتمالات نقل كوفيد-19 ضعيفه في حالة تم نقل الملابس وشحنها من أماكن بعيدة نظراً لتعرضها لمختلف الظروف ودرجات الحرارة، كما أن مخاطر الإصابة بالفيروس عن طريق الملابس التي تنُقل وتشُحن وتتعرض لمختلف الظروف ودرجات الحرارة، هي مخاطر ضئيلة.

ينصح استشاري الوبائيات ، بتجنب ارتداء الملابس المستعملة بصفة عامة، لأنها قد تكون مصدراً للعدوى بأمراض عديدة كالأمراض الجلدية وغيرها.

الدكتور ابراهيم عبدالغفار خليفة، مدرس ميكروبيولوجيا بكلية الزراعة جامعة بنها: يقول ثبت علميا أن قدرة الفيروس على البقاء على الأسطح والقماش لا تتجاوز الثلاثة أيام، لذلك تحديد المدة التي تصل فيها هذه الملابس والإجراءات الوقائية في الجمارك هي التي تحدد مدي خطورة أو إمكانية نقل هذه الملابس لأي أوبئة، مع الأخذ في الاعتبار عدة أسئلة يجب أن تطرح، ما المدة التي استغرقتها الشحن؟ ومتى تم خروج الشحنة من بلد المنشأ؟ وهل كان قبل أم بعد ظهور الفيروس؟ وكذلك هل يتم تنظيف هذه الملابس قبل الاستخدام كالغلي في حرارة ٥٦ والتي ثبت فعاليتها في القضاء على هذا الفيروس؟

ويوضح عبدالله محمد، صاحب أحد محال بيع ملابس المستعملة، أن عملية استيراد الملابس المستعملة من الخارج يستغرق عدة شهور لحين وصولها مصر، وذلك لكثرة الإجراءات من حيث التعاقد عليها ثم شحنها ووصولها إلى ميناء بورسعيد "إحنا بنجيب شغل الصيف آخر الشتاء" موضحا أن العديد من التجار قاموا باستيراد البالات من شهر أكتوبر الماضي استعداد للموسم الصيفي، لنتفاجأ بانتشار فيروس كورونا ووقف الاستيراد حاليا تمام "الحال هيقف لما نخلص الكميات اللى استوردناها".

يتوقع عبد الله ارتفاع أسعار ملابس البالة الفترة المقبلة وذلك لوقف استيرادها من العديد من الدول بسبب فيروس كورونا "اللي معه شوية هدوم هيبعهم ومش هيعرف يشتري تاني".

احتمال نقل الملابس المستعملة لفيروس ينتهي بمجرد غسلها الماء والصابون، يقول الدكتور هاني الناظر استشاري الأمراض الجلدية، موضحا صعوبة نقل هذه الملابس للفيروس بسبب المدة التي تستغرقها لكي تصل إلى المحلات.

يضيف الناظر: هناك حالة وحيدة تكون سبب في نقل الفيروس عن طريق الملابس وهي أن يقوم شخص مصاب بالفيروس ولم تظهر أعراض الإصابة عليه بقياس قطعة ملابس بأحد المحلات دون شرائها، ويأتي بعده مباشرة أو في نفس اليوم أو اليوم الثاني شخص آخر يشتري أو يمسك نفس القطعة التي ارتداها الشخص المصاب، هذا ينطبق على جميع الملابس الجديدة والمستعملة "لازم صاحب المحل يعقم الملابس بعد كل شخص عشان لو في حاجة يتم قتلها". كذلك من يشتري ملابس هذه الأيام يحرص على غسلها أولا قبل ارتدائها .

يقول الدكتور عبد الهادي مصباح، إن فيروس كورونا يحتاج إلى خلايا حية لكي تتم عملية التكاثر مثل البلاغم أو العطس ويقول إن الملابس من الصعب أن تقوم بنقل الفيروس، موضحًا أن بقاء الفيروس على الاسطح يبدأ من ساعات إلى أيام.

استيراد الملابس المستعملة متوقف حاليا بسبب تفشي الوباء في أوروبا. وفي حالة العودة لاستيراد هذه الملابس مرة أخرى بعد انتهاء الوباء، سيتم وضع آلية تعامل مختلفة وقد يستمر هذه الوقف ومنع هذه الملابس إلى سنوات إذا كان هناك خطورة في دخولها إلى مصر، وفقا لمصدر مسؤول بجمرك بورسعيد.

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان