المصريون في الكويت.. "قلق كورونا" لا يفرق بين مواطن ووافد
كتب – أحمد جمعة:
15 عامًا قضاها إبراهيم دعبس في الكويت، لم يشاهد قبلًا مثل هذا القلق في الوجوه من تفشي فيروس كورونا المستجد داخل البلاد، لكنه على أي حال يرى أن الوضع "مطمئن حتى الآن"، في ظل تأكيد السلطات الصحية هناك بأن الحالات التي وصلت إلى 69 حتى اليوم الثلاثاء، أغلبها قادمة من إيران التي تشهد انتشارًا للفيروس.
يعيش في الكويت نحو أربعة ملايين نسمة منهم 2.8 مليون وافد أجنبي بينهم 643977 مصرياً، مقابل 1.2 مليون مواطن في 2018، أي أن الوافدين يمثلون نحو ثلثي عدد الكويتيين، بحسب الإدارة المركزية للإحصاء.
طوال الأيام الماضية اعتاد "دعبس" أن يُطمئن عائلته على حاله، خاصة بعد قرار الحكومة الكويتية مؤخرًا بوقف جميع رحلات الطيران القادمة والمغادرة من مصر لمدة أسبوع: "بنحاول نطمنهم دايمًا، ونقولهم إن مفيش إصابات في المنطقة التي نعيش فيها"، لكنه مع ذلك اتخذ إجراءات "استثنائية" داخل منزله عملًا بمقولة الوقاية خير من العلاج: "الواحد بيحافظ على نفسه، كنا الأول نخرج نتفسح، دلوقتي قللنا الخروج وأصبح مقتصرًا على طلبات البيت"، وإلى جانب ذلك اشترى بعض مواد التعقيم "دايما ننضف ونغسل إيدينا باستمرار"، ولعل ما استدعى مثل هذه الإجراءات المُستجدة أن رُزق بطفل صغير منذ 3 شهور "خايف عليه من الهواء".
"الكمامة" أيضًا أصبحت جزءًا من روتين الرجل اليومي، تلازمه في مشواره إلى مكان عمله في منطقة "الصليبخات"، رغم أنه يبعد مسافة صغيرة عن منزله: "أول ما بحس إن فيه زحمة بلبسها على طول"، فضلًا عن إجراءات أخرى مشددة على مستوى أماكن العمل بالدولة: "طلبوا في الشركات نلبس الكمامات مع وجود مواد تعقيم للعاملين، وهناك عاملين يقومون بمهام التنظيف والتعقيم باستمرار"، بخلاف بعض الأماكن التي جلبت بوابات قياس حراري لمتابعة العاملين بها والمترددين عليها: "كنت في زيارة لمشروع صديق ويعمله معه صينيين، ووضعوا بوابات حرارية لقياس درجة الحرارة للجميع قبل الدخول والخروج".
لا يلتفت "دعبس" إلى هجوم بعض نواب البرلمان الكويتي على مصر مؤخرًا، يراه "لا يؤثر على ما بين الشعبين"، فعلاقته مع زملائه وأصدقائه الكويتيين لم تتأثر في الماضي أو حالياً بمثل هذا الكلام: "شغال في منطقة كلها كويتيين، وبحكم شغلي طول النهار واقفين معاهم بيتكلموا معانا عادي وبيسلموا علينا ومش خايفين مننا"، معتبرًا هجوم البعض "عنده مرض إشغال رأي عام وحد عاوز يلمع نفسه ولا يؤثر علينا".
ليست في خطة "دعبس" العودة إلى مصر في القريب العاجل "أكل عيشي هنا، وأموري مترتبة"، كما هيّ ذات القناعة التي يتحدث بها محمد حسين الذي أكمل 5 أعوام في الكويت عاملًا في القسم القانوني لأحد البنوك.
ثمة شيئ من التغيير بسبب أزمة كورونا طال "حسين" خاصة في عمله بمنطقة السلمية: "التعليمات الجديدة لغوا نظام البصمة، علشان انتقال العدوى، وحطوا مطهرات في الأدوار لتنظيف الأيدي باستمرار"، بجانب ارتداء الكمامة في المواصلات العامة، وعدم التواجد كثيرًا في أماكن الزحام"، ومع ذلك يتحدث بلسان الجمع أن محيط عمله وأصدقائه غير قلقين كما ييتصور البعض "المخاوف الوحيدة لبعض الناس اللي جايين من إيران"، إذ لم يتم إعلان حالات إصابات مؤكدة بالفيروس من داخل البلاد أو بين الوافدين المقيمين حتى الآن.
أهل "حسين" أيضًا كانوا قلقين بشأن الأخبار المتواترة عن حالات الإصابة هناك: "أهلي في الأول كانوا قلقانين وبدأوا يتطمنوا لما عرفتهم إن الحالات جاية من إيران"، ليخبرهم أن الحكومة الكويتية تتخذ إجراءات احترازية كثيرة للحد من انتشار الفيروس ومنها إلغاء مهرجان "هلا فبراير"، وإرسال نصائح على الموبايل للمواطنين للتوعية ضد انتشار الفيروس، إلى جانب ملاحظته انخفاض عدد المتواجدين بالمطاعم والمحال العامة.
أحمد حازم (اسم مستعار) كان أيضًا ممن لمسوا تغييرًا في تعاملهم داخل الكويت جراء أزمة كورونا، إذ عاد إلى هناك من مصر قبل أيام قليلة من تفعيل قرارات الحكومة الكويتية بوقف الرحلات الجوية، ومع وصوله إلى هناك طُبقت عليه إجراءات الحجر الصحي بالمطار "قاسوا درجة الحرارة، وبعتونا المستشفى نتفحص، وهناك قالوا لو حسيتوا بأعراض تعالوا".
لأحمد 3 أطفال يعيشون معه في الكويت، تركهم هناك في عودته إلى القاهرة "كانت هتبقى أزمة كبيرة لو الطيران وقف وأنا في مصر"، بينما لم يذهب اثنين من ابناءه إلى مدرستهم الابتدائية منذ أواخر فبراير الماضي حينما قررت الحكومة الكويتية تعطيل الدراسة في جميع المدارس والجامعات لمدة أسبوعين للحد من انتشار الفيروس، فيما لا يزال مصيرهم معلقًا بشأن عودتهم مرة أخرى "مددوا العطلة أسبوعين تاني ومش عارفين هيرجعوا أمته"، لتلتزم والدتهم بمراجعة الدروس معهم لحين اتضاح الموقف.
لكن أحمد لم يفرض قيودًا على أسرته في التنزه كحال مصريين وكويتيين أخرين: "بخرج ومعايا أولادي والدنيا عادية، صحيح الكويتيين حريصين في الخروج شوية لكن مش شايف ما يستدعي ذلك"، لكنه رأى انتشارًا لارتداء الكمامات في محيط عمله وبالشوارع كذلك "ارتداء الكمامات زاد جدًا الأيام الأخيرة".
ومع ذلك، لا يشعر الشاب الثلاثيني محمد حسين في تعامل مع زملائه الكويتيين بأي تغيير منذ بدأت وسائل الإعلام تتحدث عن أزمة كورونا: "أغلب كلامهم بيكون على إيران، وهما مستغربين الزج باسم مصر في الموضوع"، مستشهدًا بمقولة أحد أصدقائه: "الكورونا جاية من إيران، وأهلنا جايين من إيران، والحظر المفروض على إيران، والناس بتتكلم عن مصر... إيه الحكاية؟".
فيديو قد يعجبك: