إعلان

"ماما ماجي": مشهد في حي بسيط غيّر حياتي وأهدي التكريم الأخير لبلدي مصر (حوار)

06:52 م الأحد 27 ديسمبر 2020

السيدة ماجي جبران الملقبة بماما ماجي

حوار- محمد مهدي:

لا تفارق الابتسامة وجه السيدة "ماجي جبران" المُلقبة بـ "ماما ماجي" عند استقبالها لعشرات الأطفال البسطاء ممن يتلقون تعليمهم في مدارس ومراكز تابعة للجمعية التي أسستها خلال فترة الثمانينيات باسم "ستيفنز تشيلدرين" لرعاية الصغار في المناطق الفقيرة، تجلس بينهم بردائها الأبيض تتحدث إليهم بوداعة عن القيم والمباديء وكيف يُصبح الإنسان شخصا ناجحا رغم الظروف الصعبة.

تقضي "ماما ماجي" التي اختيرت منذ أيام في قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة ملهمة ومؤثرة في العالم لعام 2020، ساعات طويلة مع الأطفال للاطمئنان على أحوالهم والتعرف على احتياجاتهم وغسيل أقدامهم وهي عادة تحرص عليها منذ 25 عاما.

وتتابع الأستاذة الجامعية التي تركت العمل الأكاديمي للتفرغ إلى مشروعها الخيري، المساعدات المُقدمة من فروع الجمعية الـ 92 لنحو 30 ألف أسرة داخل القاهرة ومختلف المحافظات، فيما تغيب من حين لآخر عن الزحام في "خلوة" من أجل التأمل.

ونظرًا لجهودها في مجال رعاية الأطفال من الأسر المهمشة، ترشحت "ماما ماجي" للحصول على جائزة "نوبل" للسلام لعام 2020 من قِبل جهات دولية عديدة مثل البرلمان الكندي، كما حصلت على عدد من الجوائز من أبرزها جائزة صناع الأمل في الوطن العربي من حاكم دبي عام 2017، وتكريمها في احتفالية المرأة المصرية عام 2018، وجائزة "سيدات الشجاعة" الدولية من قرينة الرئيس الأمريكي عام 2019.

في حوارها مع "مصراوي" تتحدث "ماما ماجي" عن مسيرتها المجيدة، كيف بدأت الرحلة، دور أسرتها في محبتها للعمل الخيري، والطريقة الأمثل لمساعدة الأطفاء البسطاء من وجه نظرها، وكيف حافظت على مشروعها الخدمي ونجحت في تطويره وانتشاره من العاصمة إلى شتى أنحاء مصر.

كما تروي "ماما ماجي" لمصراوي أبرز المواقف المؤثرة في حياتها، وسر اختيارها الرداء الأبيض كزي موحد لا ترتدي غيره، ما هو اللقب المفضل بالنسبة لها، وما هو الكتاب الأقرب لقلبها، ولمن تهدي التكريمات والجوائز التي حصلت عليها، فضلًا عن رأيها في الشهرة وأمنياتها بشأن المستقبل.

- في منتصف الثمانينيات تغير كل شيء في حياتك.. ما الذي دفعك حينها للانتقال من العمل الأكاديمي إلى رعاية الأطفال البسطاء؟

عند ذهابي للمرة الأولى إلى مناطق بسيطة الحال، شاهدت مواقف لا يمكن نسيانها، ظلت ترافقني بعد مغادرتي المكان "أثرت فيا جدًا، شعرت إني ممكن أكون مكان الناس دي، مليش فضل في كوني بعيش حياة أحسن" شعرت أنها إشارة من الله "بيقولي إن دا دورك، ولازم أقدم حاجة ليهم" من هنا بدأت الخطوة.

- هل هناك موقف بعينه تأثرت به خلال جولاتك في أحد الأحياء البسيطة بالمقطم؟

التقيت بسيدة أرملة قريبة من عمري، كانت تبيع ذرة على الرصيف، بينما أتحدث معها وصلت ابنتها الصغيرة من المدرسة "عشان تقعد بدال والدتها، والأم ترجع لباقي أخواتها اللي عايشين معاهم في أوضة".

لفت انتباهي ارتداء الفتاة لحذاء مهتريء "خدتها محل نجيب واحد جديد، لكن هي طلب مقاس كبير" تعجبت من الأمر "قالتلي عشان ماما معندهاش ومحتجاه أكتر" مسني هذا القول "إزاي بنت وهي صغيرة تفكر لما يجلها فرصة حلوة تديها لحد غيرها، مع إنها بتروح المدرسة كل يوم ومحتاجه الحذاء".

1

- كيف جرت خطواتك الأولى لدعم الأطفال المحتاجين بعد تأسيس مشروعك الخيري؟

في عام 1985 كانت البداية بزيارات متقطعة إلى الأسر البسيطة للتعرف على احتياجاتهم، كان لدينا قرار بعدم منح مساعدات مادية إليهم "عشان منحولهمش لناس منتظرة معونة من غير جهد" شعرنا أن الأمل يكمن في الأطفال "هما الأجيال الجديدة لو رعيناهم وركزنا عليهم هيبقوا شيء جميل".

نشكر الله على نعمته "لما ابتدينا قولت لو طفل واحد أقدر أساعد دا يكيفني" الآن الأعداد تضاعفت في كل منطقة "سواء في القاهرة أو القرى" نحاول رعاية كل طفل بحسب متطلباته الضرورية "الإنسان لما بتتعامل معاه على إنه قيمة إنسانية عظيمة، لازم هتطلع أحلى ما فيه".

- ما هي أبرز الخدمات التي تقدمها الجمعية من أجل رعاية الاطفال؟

فكرنا في تلبية متطلباتهم "الواحد يشوف الاحتياج ويحاول يسده هنا بتبقى حاجة واقعية ومُشبعة للكل" إذا كان الاحتياج إلى الطعام وفرنا وجبات لهم، ومن أجل صحة أجسادهم اصطحبنا معنا الأطباء لإجراء فحوصات طبية، ومنحناهم فرصة التعليم لتنمية العقول أما عن الروح "بنديهم فرصة إنهم يتعلموا أخلاقيات ومبادئ حلوة عشان يكون لهم علاقة جيدة مع الخالق".

2

- في رأيك.. ما هي اللحظات التي لا تُنسى خلال مسيرتك في العمل الاجتماعي؟

أشياء بسيطة لكنها تحمل معاني كبيرة "لما ندي أكل لطفل معانا في الجمعية ويشيله عشان اخواته الصغيرين" أفعال تمس قلوبنا جميعا "طول الوقت بنقابل مواقف زي كدا وبعتبر إن دي مكافأة كبيرة لينا".

- متى تشعرين بنجاح التجربة وتحقيق الأهداف التي بدأتم من أجلها مشروعكم الخدمي؟

عندما ألتقي بأحد أولادنا بالصدفة "بلاقي ناس تقولي أنا في يوم من الأيام كنت ابنك في الجمعية، وكانت حياتي مفيهاش أمل ولما طلعت معاكم واتعلمت حاجات حلوة بقى عندي عمل بتاعي وبقيت ناجح" تغمرني كلماتهم بالسعادة.

- كيف ساهم أفراد عائلتك في اهتمامك بالعمل الاجتماعي ونجاح مشروعاتك الخيرية؟

في طفولتي كنت أعيش داخل بيت يجمع أفراد الأسرة، وتابعت اهتمام عمتي بالبسطاء "كنت أدخل البيت ألاقي ناس كتير قاعدين بيأكلوا وفرحانين" كانت تحنو على "الناس الغلابة" باهتمام بالغ، تعلمت منها الكثير وعند رحيلها أدركت أن عليّ استكمال مسيرتها في العناية بهم.

وبعد إنشاء الجمعية أغلب المحيطين بنا "بيتعاونوا معانا كل واحد في مجاله" الطبيب مع زملائه في إجراء الفحوصات الطبية على الأطفال "المهندس بيساعد في تصليح مراكز كتيرة لينا" من يعمل في الماليات "بيساعدنا بنصايح مظبوطة" ومن يرغب في التطوع والمساعدة بمجهوده "بينزلوا معانا ويحققوا حاجات كويسة".

- منذ سنوات لم تتخلِ عن الظهور بالرداء الأبيض.. ما سبب ذلك؟

لاحظت ذات مرة تغيب طفلة عن مشاركة اللعب مع الآخريين، علمت بأنها بعيدة عنهم "عشان معندهاش هدوم زيهم ولابسة نفس التي شيرت" قولت لها "ممكن نبقى صحاب، ومش هغير طول الأسبوع ملابسي".

بالطبع قمنا بشراء ملابس للطفلة لكنني بقيت هكذا خلال 7 أيام وبعد نهاية التجربة قررت الالتزام بزي موحد "الحمد لله الواحد بيتستر وخلاص، والإنسان قيمته من جواه مش بنوع وماركة اللبس اللي بيلبسه".

صورة 3

- اعتادتِ على غسل أقدام الأطفال.. ما سر حرصك على هذا التصرف الرقيق؟

هم بالنسبة لي أبنائي "لو أقدر أعمل كدا معاهم كلهم هأعمل" من المهم أن يتعرفوا على قيمة أنفسهم "وإن أكبر واحد ممكن ينزل تحت رجليك عشان تبقى إنسان كويس وناجح ويكون ليك رسالة وقيمة".

- لماذا تفضلين الجلوس بمفردك في أوقات كثيرة.. وما هو كتابك المُفضل؟

أقضي اليوم في قراءة الكتب "خصوصا الكتاب المقدس" وأهم شيء "إني أقعد لوحدي، وأفكر عملت إيه في يومي كويس وإيه اللي ممكن أخليه احسن بكرة" العلماء يجلسون لساعات طويلة في المعامل للخروج بنتائج طيبة، ولابد لكل شخص أن يمضي وقت مع نفسه في المراجعة والتأمل.

- "ماما ماجي" و"الأم تريزا المصرية" و"أم القاهرة".. ما هو اللقب القريب من قلبك؟

لقب "ماما" أشعر أنه نيشان من الله سأحمله بفخر "طول حياتي" لأن أسمى شيء في الوجود هو الأمومة "بشكر ربنا إنه إداني بنات وولاد كتير حلوين (أبناء الجمعية) يقولولي الكلمة دي".

صورة 4

- ما تعليقك على اختيارك كواحدة من أكثر 100 سيدة مؤثرة في العالم خلال عام 2020؟

أهدي التكريم إلى بلدي مصر.

- بعد أعوام من النجاح والتحقق.. ما هي أحلام "ماما ماجي" للمستقبل؟

أتمنى رؤية جيل جديد "بيحلم وعايش نجاح من خطوة لخطوة لأن هما دول المستقبل" أشعر بالبهجة عند متابعة أولادنا في المدارس- أبناء الجمعية- وتفوقهم، أو أستمع إلى حلم حفيدتي التي تبلغ من العمر عامين "ونفسها تطلع طبيبة".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان