"شقة لكل مواطن".. حكايات الراغبين في الحصول على شقق محدودي الدخل على أبواب مكاتب البريد

كتب- محمود عبدالرحمن:

في الجهة المواجهة لمكتب البريد بمنطقة المهندسين بالجيزة، وقفت نوال عبدالرحيم برفقة جارتها، في انتظار نداء موظف البريد أسماءهما، لاستلام كراسة شروط حجز وحدات الإسكان الاجتماعي، التي بدأ السحب عليها أمس الاثنين لمحدودي ومتوسطي الدخل، أملا في الحصول على شقة تمليكًا مدعومةً من الدولة، والاستغناء عن الشقة التي تقيم فيها أسرتها بنظام الإيجار الشهري "بدفع 700 جنيه إيجارًا كل شهر غير المصاريف اليومية"، تقولها نوال التي تعتبر هذا المبلغ إرهاقًا ماديًا لميزانية أسرتها، المكونة من 4 أبناء تتولى الإنفاق عليهم، حيث لا يتجاوز دخلها الشهري 3 آلاف جنيه.

"أنا هنا من الساعة 8 الصبح عشان الزحمة"، تحكي ربة الأسرة الأربعينية، التي استقلت سيارة أجرة من محل إقامتها بمنطقة بولاق، للوصول إلى مكتب بريد المهندسين، "رحت مكتب بولاق الأول، قالوا لنا الكراسات هتكون في مكاتب البريد الكبيرة بس"، ودفعت 130 جنيهًا رسوم كراسة الشروط؛ ليطلب منها الموظف الانتظار لحين النداء عليها.

الوحدات السكنية لمحدودي ومتوسطي الدخل المعلن عنها (100 ألف وحدة إسكان اجتماعي – 25 ألف وحدة إسكان متوسط) والتي تتواجد في 14 مدينة جديدة، تأتي ضمن المرحلة الأولى للمبادرة الرئاسية "شقة لكل مواطن"، التي أعلنت عنها وزارة الإسكان منتصف أكتوبر الماضي، ويتم تسليمها خلال 36 شهرًا.

الحصول على شقة من الدولة ضمن مشروع الإسكان الاجتماعي، يعتبرها مصطفى عبدالتواب، فرصته الوحيدة للحصول على شقة الزوجية، يرجع ذلك إلى سببين: الأول انخفاض سعرها مقارنة بالشقق التي تباع من خلال الشركات العقارية والاستثمارية، والثاني عدم وجود أي مشكلات قانونية أو إدارية، كما حدث ويحدث في آلاف من الشقق بالمناطق الشعبية، والتي لا يوجد لها ترخيص أو بها مخالفات بناء، وفي هذه الحالة يكون مضطرًا للتصالح وفقا لقانون التصالح في مخالفات البناء، ما يعتبر أعباء إضافية عليه، والدخول في صراعات مع مالك العقار، وقد تمتد إلى مطاردة مع الحي وموظفي الأجهزة التنفيذية.

"سحبت كراسة الشروط وربنا يسهل في دفع الأقساط"، يقول "مصطفى" الذي يتمنى أن يحالفه الحظ في الحصول على شقة، يستطيع بعد الحصول عليها الزواج وتكوين أسرة "في أسر كتير مش بتوافق تجوز بنتها لشاب مش عنده شقة".

بدأ التقديم على الشقق لمنخفضي الدخل بمكاتب البريد يوم الاثنين "9 نوفمبر"، وشهدت الساعات الأولى من يوم أمس سحب 13 ألف كراسة وفقًا للمستشار الإعلامي لمجلس الوزراء هاني يونس، ويستمر التقديم حتى 7 ديسمبر المقبل، وخلال الساعات الأولى من اليوم "الثلاثاء" وأمس الاثنين تم بيع أكثر 80 ألف كراسة شروط للإسكان الاجتماعي، وفقًا لمصدر بالهيئة القومية للبريد، ويجري حاليًا طباعة مزيد من كراسات الشروط، بسبب الإقبال عليها، ويتم ضخها أولا بأول في مكاتب البريد؛ نظرًا لزيادة الإقبال.

"الدنيا زحمة ناس، كتير كانت مستنية التقديم"، يقول سعد أحمد الذي كان يتابع خلال الفترة الماضية الإعلان عن شقق الإسكان الاجتماعي الخاص بمحدودي الدخل، اللجوء إلى التقديم كان قراره النهائي بعد رحلة بحث شراء شقة "الشقة الـ100 متر بره وصلت لـ400 ألف جنيه ومش تقسيط"، يقولها الشاب الذي استلم كراسة الحجز، وسوف يبدأ في تجهيز الأوراق المطلوبة للتقديم "أمنيتي الوحيدة إني أخد شقة".

اصطف عشرات المواطنين أمام مكتب بريد المهندسين، في انتظار وصول كميات إضافية من كراسات الشروط التي نفدت، كان من بينهم كريم منصور، الذي ظل واقفًا بجوار اثنين من أصدقائه يتصفحون كراسة الشروط التي حصل عليها أحدهم قبل نفاد الكميات، "الموظف قال الكميات خلصت بس بعتنا نجيب تاني"، يقول كريم الذي يرى أن تملكه شقه يعتبر الخطوة الأولى؛ لتكوين أسرته وبداية حياته العملية بعيدًا عن بيت العائلة بمحافظة بنى سويف، بسبب طبيعة عمله التي تتطلب التواجد الدائم بالقاهرة.

المبادرة الرئاسية "شقة لكل مواطن" تعتبر امتدادًا للمشروع القومي للإسكان الاجتماعي الذي أعلن عنه أوائل عام 2014، ووفر على مدار السنوات الـ6 الماضية 320 ألف وحدة سكنية، استفاد منها 320 ألف أسرة، بمتوسط مليون و600 ألف مواطن، وفقًا لبيانات الصندوق التنفيذي للإسكان الاجتماعي والتمويل العقاري.

ويتمنى كريم وسعد ومصطفى ونوال الحصول على شقة من الـ100 ألف شقة التي تم الإعلان عنها لمحدودي الدخل، ويتفق الأربعة رغم اختلاف خلفياتهم الاجتماعية على حصولهم على شقة تمليكًا، تعتبر صمام أمان واستقرارًا لحياتهم الأسرية، حالهم كأغلب المصريين، حيث يمتلك ويقيم 62% من المصريين في مسكن تمليك، بحسب بحث الدخل والإنفاق عام 2018 الصادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء.