إعلان

محاسب صباحًا و"دليفري بالعجلة" مساءً.. خليل يلجأ لدراجته لزيادة دخله: "التوصيلة بـ10 جنيه"

08:25 م الخميس 01 أغسطس 2019

خليل إبراهيم

كتب - عبدالله عويس:

دراجة هوائية يتحرك بها بخفة وسرعة بالغين، وحقيبة بها زجاجات عطور، عليه أن ينقلها من مربع سكني بمدينة الإسماعيلية إلى مربع آخر، نظير 10 جنيهات، في أول تجربة للعمل الإضافي الذي قرر خليل إبراهيم البدء فيه، جنبًا إلى جنب مع عمله كمحاسب بشركة كبرى، لسد احتياجات أسرته المكونة من زوجة وطفل.

كان أحد أحلام طفولة خليل اقتناء دراجة، تأخر تحقيق هذا الحلم حتى صار شابًا، وحين اشترى واحدة سرقت منه، لتختفي الرغبة بعد ذلك مع رغبات شخصية أخرى عقب زواجه وإنجاب زوجته طفل أتم العامين، ما يعني زيادة مسؤولياته، فاضطر مؤخرًا لشراء دراجة، لا لتحقيق حلم الطفولة، إنما للعمل عليها في توصيل الطلبات.

1

أنهى الشاب دراسة التجارة في جامعة السويس عام 2013، وكان محظوظاً للعمل بمؤهله الدراسي في أكثر من مكان، كانت بدايتها العمل كمحاسب في أحد محلات الدهانات الكبيرة، ثم محاسبًا بصيدلية، ومنذ 4 سنوات وهو يعمل محاسبًا بشركة كبرى بالإسماعيلية، واستطاع خلال الفترة التي أعقبت تخرجه تكوين نفسه للزواج، بالاعتماد على نفسه وبمساعدة الأهل، وكان مرتبه الذي يتقاضاه من الشركة مقبولاً، قبل أن يتحرر سعر صرف الجنيه أمام العملات الأجنبية، في نوفمبر 2016، نفس الشهر الذي تزوج فيه: "وربنا رزقني بولد، سميته مازن عنده دلوقتي سنتين".

2

يحصل خليل على 3500 جنيه مقابل عمله، ويقضي أغلب يومه في العمل حتى الساعة الـ4 والنصف من كل يوم عدا الجمعة، ولم يعد مرتبه يكفي احتياجات منزله عقب ارتفاع أسعار كثير من السلع الأساسية مؤخرا، فقررت زوجته مهجة علي، خريجة كلية التجارة، مساعدته بأن تعمل في بيع الملابس عبر الإنترنت، لكن ذلك العمل لم يفلح بعد تجربة استمرت 6 أشهر، اشترى خلالها خليل الدراجة ليساعد زوجته في توصيل الطلبات بها: "قبلها كنت اشتريت عجلة واتسرقت، ولما اشتريت دي كان بهدف تسهيل بيع زوجتي للشغل، بس الدنيا ممشيتش فيه".

منذ شهرين توقفت مهجة عن بيع الملابس عبر الإنترنت، بعد تعرضها لخسارة نتيحة إخلال الزبائن بالاتفاقات سواء الخاصة بالسعر أو موعد المقابلة والبيع، وظلت الدراجة حبيسة المنزل، لا تُستخدم إلا نادرًا، بينما يدفع خليل أقساطها، التي دفع منها 3 شهور فحسب، قيمة كل واحد 275 جنيها، حتى يتم دفع ثمنها البالغ 3 آلاف جنيه، ومع زيادة احتياجات المنزل، فكر خليل في استخدام دراجته عقب عمله في توصيل الطلبات بها، واستغلال الفترة التي تعقب العمل في ذلك، ورغم معارضته لتلك الفكرة، إلا أنه لم يجد بديلا عنها، ففي طفولته كان لا يقضي وقتاً طويلاً مع والده الذي كان مضطرًا للعمل في وظيفة حكومية وأخرى خاصة لضمان حياة كريمة لأسرته: "كتبت على صفحتي إن اللي محتاج ينقل حاجة جوه مدينة الإسماعيلية، هعمله ده بمقابل 10 جنيه بس، واتفاجئت بعد كده من تفاعل الناس مع اللي كتبته".

3

يسكن الشاب بحي السلام في الإسماعيلية، ويدفع إيجارًا قيمته 850 جنيها، ومواصلات عمله ارتفعت مؤخرًا لتصل إلى 20 جنيه يومياً، ما يعني 520 جنيها بشكل شهري، و100 جنيه مقابل الكهرباء في المتوسط، وحوالي 140 جنيه قيمة الحفاضات، التي يشتريها لمازن، طفله الصغير، ويعتمد على نوع رخيص الثمن نسبياً مقارنة مع أنواع أخرى شهيرة في السوق، وحوالي 80 جنيه مقابل أسطوانة غاز واحدة في الشهر، ويدفع اشتراكًا شهرياً للإنترنت بـ170 جنيها، فيتبقى له من الـ3500 جنيه حوالي 1640 جنيه، من المفترض أن يكون مأكل ومشرب وملبس وأدوية الأسرة منها، وهو ما يراه الشاب أمرًا مستحيلاً.

4

من خلال منشور على صفحته عبر فيس بوك، صار خليل يشرح مزايا نقل الطلبات بالدراجة، فهي رخيصة الثمن، وسريعة في حال الزحام المروري، ولا يتطلب الأمر سوى معرفة الشاب بما يقوم بنقله، لأمانه الشخصي فحسب، ولأن مدينة الإسماعيلية صغيرة المساحة نسبياً، حيث تبلغ 1323.5 كم مربع بحسب موقع محافظة الإسماعيلية، فإن الشاب ذو الـ27 عاما لا يرى مشكلة في التحرك بالدراجة داخل المدينة في أي توقيت من بعد الـ6 مساء، شريطة أن يكون النقل داخل المدينة فحسب: "وفي ناس بتاخد على نقل الطلبات 15 مثلا لكن أنا قلت 10 كويس، وكان أول تجربة ليا في يوم 30 يوليو2019، وعملت 6 أوردرات في اليوم ده، أول واحد كان لله فمخدتش فلوس والباقيين خدت 50 جنيه". التصميم الذي نشره الشاب مرفقًا به رقم هاتفه من تصميم زوجته، التي تعلمت كيف تقوم بتصميم بسيط من خلال الإنترنت.

عدة اتصالات تصل إلى الشاب تطلب نقل عدة أشياء، تتنوع ما بين عطور وملابس وحقائب وهدايا صغيرة الحجم، وأكثر زبائنه من البائعين عبر الإنترنت، ويتمنى خلال الفترة المقبلة، أن يزيد الطلب عليه، ليتمكن من كسب أكبر قدر من الجنيهات اللازمة لأسرته: "دلوقتي مازن فترة ويدخل حضانة ودي تكاليف زيادة، ولحد دلوقتي مكتفي بمازن عشان المصاريف لحد ما الدنيا تختلف شوية".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان