إعلان

من أرض مهملة لـ "فن وبهجة".. قصة أول مركز ثقافي مستقل بأسوان (صور)

10:55 ص السبت 04 مايو 2019

آيات

كتب- محمد مهدي:

تصوير: جلال المسري

ذات يوم سمع أهالي قرية غرب سهيل النوبية، موسيقى قادمة من قطعة أرض تَطل على النيل، حين اقترب أحدهم من المكان، اكتشف تحول المنطقة التي عانت لسنوات من الإهمال وتكدس القمامة لساحة ممتلئة بالناس يتمايلون طربًا على أنغام فرقة موسيقية تعزف ألحانًا نوبية وأفريقية، فيما تقف فتاة عشرينية تتابع كافة التفاصيل وقلبها يخفق من القلق والسعادة في الوقت نفسه "كان تحدي كبير إني أحول المكان لأول كيان ثقافي مستقل في أسوان، يبقى مساحة للفنانين سواء غنا أو أي مجال فني" تقولها آيات محمد، صاحبة المشروع.

صورة 1

منذ عامين، كانت آيات المُحبة للموسيقى والفنون المختلفة تبحث دون فائدة عن أماكن تُقدم حفلات موسيقى أو ورش فنية بصورة دائمة "دي مشكلة بتواجهنا في أسوان، وحتى لو الواحد عايز يلعب مزيكا مش هيلاقي قصاده غير اختيارات محدودة" تقتصر جميعها على كيانات حكومية من بينها قصر الثقافة "لكن طبعًا بيكون فيه إجراءات روتينة كتيرة ومعقدة، وده محبط للفنانين" لذا فكرت في خوض تجربة قد تُصبح حلًا لتلك الأزمة "إني أعمل مساحة عمل مشتركة للفنانين والموسيقيين الموجودين في أسوان".

رفقة أصدقائها ظلت "آيات" لأشهر في عملية بحث متواصل عن مكان مُناسب لبدء التجربة "لقيت أرض في غرب سهيل، كانت جنينة بنلعب فيها وإحنا أطفال، بس أهملوها وبقى يترمي فيها الزبالة" علمت أن تلك القطعة تابعة لوزارة الشباب والرياضة "اتكلمت مع المسؤولين، وشرحتلهم فكرتي" تحمسوا إليها، ومنحوها حقَ تعمير الأرض وتنفيذ فكرتها لنحو عامين "اشتغلت على طول، أصحابي كانوا بيدعموني، اللي ينضف، واللي يرسم على الحيطان، عملنا كل حاجة بإيدينا" في أيام بات للمكان شأن آخر "وسيمته (أندي تي-Andyté) ".

صورة 2

في دوائر الفنانين بأسوان أعلنت آيات عن مشروعها الجديد "إننا هنقدم فيه كل أنواع الفنون وهنركز أكتر على الفن النوبي والإفريقي" مع تسهيل كافة الإجراءات والحفاظ على نظام يحترم الفنانين والجمهور ويتيح لهم الفُرصة في الاستمتاع بحفلاتهم أو ورشهم الفنية "وفعلًا بدأت استقبل فنانين كتير، والمكان بقى طول الوقت بيحتضن فاعليات" زاد الإقبال مع "أندي تي" مع مرور الوقت وصار قِبلة لعشاق الفن "الناس بتيجي من النوبة وأسوان يتبسطوا بموسيقى أو لوح أو شُغل يدوي، كان صعب يلاقوا ده قبل كده".

صورة 3

لم تَنفصل الفتاة العشرينية بمشروعها عن أهالي غرب سهيل، يساعدها الجميع "ميزة البلد هنا إنها بترحب بأي حاجة فيها ثقافة جديدة" سعداء بدورها في تحويل الأرض المُهملة إلى مساحة للإبداع والبهجة، فيما تحرص آيات على عادات القرية، في الظروف الصعبة مثل وقوع حالة وفاة "بقفل وقتها وبحترم الظرف لأن دول عيلتي وأهلي".

اشتهر "أندي تي" في أسوان وخارجها "بقيت بستقبل فيه سياح لما بيجوا غرب سهيل لازم يحضروا حفلاتنا" خاصة تنوع الأعمال الفنية التي يوفرها المكان "تواصلنا مع فرق من دول أفريقية مختلفة، استقبلنا فرقة من إثيوبيا كانت حفلة مختلفة"، كما تواصلت مع فريق من كينيا سيحضر إلى أسوان خلال الأشهر القادمة "وعايزة المكان دايمًا يبقى فاتح أبوابه لكل الفنانين الأفارقة" تجد أن تلك الخطوة لها دور كبير في إثراء الفن وتلاقي الثقافات.

صورة 4صورة 4

منذ أشهر كان القَدر يحمل لآيات مفاجأة سعيدة، وصلت بمشروعها للقائمة القصيرة في مسابقة لمؤسسة"أم حبيبة" التي تدعم ماديًا التجارب الفنية المستقلة، حضرت لجنة التحكيم إلى غرب سهيل لرؤية المشروع على أرض الواقع "شافوا اللي بنقدمه من خدمات ثقافية والحفلات والورش اللي بنظمها، كانوا مبسوطين بالخطوات اللي عملناها" وبعد فترة وجيزة استقبلت خبر فوزها بالمسابقة "وتم اختيار (أندي تي) من أفضل الأفكار في أسوان" تذكرها آيات بفخر.

لم تنعم آيات كثيرًا بالفرحة، كان عليها خوض تجربة صعبة "عقدي مع وزارة الشباب والرياضة انتهى لأن السنتين عدوا" كان عليها التقدم بطلب لاستمرار احتفاظها بالمكان لسنوات آخرى "وقت صعب لما حسيت إن علاقتي بالمكان ممكن تتنتهي، خاصة إن ناس تانية قدموا عشان يبقى ملك ليهم" فترة عصيبة مرت بها، لكن انتهت على خير حينما حصلت على عقد جديد لاستكمال حلمها في نَشر الفنون المختلفة بالنوبة وأسوان.

صورة 5

منذ أيام وقفت آيات خلال حفلة بالمكان، تنظر تلك المرة بثقة وسعادة "الحلم بدأ يكبر، بقى عندي مكان تاني في غرب سهيل" تتقدم لمزيد من النجاح بخطوات ثابتة لا تهتز، تنشغل بما هو قادم، بكيفية تطوير الفكرة والاستمرار في أحلامها "بتمنى أعمل أماكن كتيرة دورها نشر الثقافة والفن، واستقبل ناس من جميع دول العالم عشان أدخل ثقافات جديدة البلد".

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان