لماذا يُعاني تلاميذ الأقصر من ضعف النظر؟ مبادرة "نور حياة" تجيب
كتبت-رنا الجميعي:
عدم المعرفة والفقر والتكنولوجيا.. أسباب اكتشفها العاملون ضمن المبادرة الرئاسية "نور حياة"، كانت لها الدور الأكبر في مشاكل النظر الخاصة بتلاميذ المرحلة الابتدائية، على مدار شهر تستمر مبادرة "نور حياة"، لمكافحة مسببات ضعف وفقدان الإبصار، والتي انطلقت في فبراير الماضي.
تعمل "نور حياة" في خمس محافظات هم؛ الإسكندرية والشرقية والمنيا وقنا، بجانب الأقصر التي يتحدث منها لمصراوي مُنسق المبادرة، محمود عبد اللطيف، الذي أقام حفل تسليم 70 نظارة طبية لتلاميذ الابتدائية في إحدى مدارس الأقصر الأكثر احتياجًا، يقول عبد اللطيف "مكنتش عايز الولاد يخافوا، عايزهم يتبسطوا ويتسلموا النضارات كأنها مكافئة".
خلال شهر من العمل المبذول كان لدى عبد اللطيف عدة ملاحظات خاصة بالتلاميذ المصابين، أولها أن عدد من أولياء الأمور لم يعلموا بالأساس أن هناك مشاكل خاصة بأعين أطفالهم، هناك منهم من احتاج لإجراء عملية مياه بيضاء، وتستهدف المبادرة إجراء 200 ألف عملية مياه بيضاء.
أما المُلاحظة الثانية فهي خاصة بالفرق بين تلاميذ المدينة والقرى المُحيطة، يُوضح عبد اللطيف أن عدد الطلبة الذي يحتاج لنظارات طبية في العاصمة الأقصر عددهم أكثر من الريف "دا بسبب إن احتكاكهم بالتليفونات والتليفزيون وأجهزة النت أكبر من اللي عايشين في القرى".
انطلقت مبادرة "نور حياة" في الأقصر من مدرسة منشأة العماري الابتدائية، وقد صرّح المحافظ المستشار، مصطفى ألهم، بعدة وسائل إعلامية أن المبادرة استهدفت في أسبوعها الأول الكشف على 3000 تلميذ بخمس مدارس، وتستمر الحملة نحو 3 أشهر بها، وتستهدف إجراء المسح الطبي وعلاج الحالات المُكتشفة وتوفير النظارات الطبية والتدخلات الجراحية اللازمة.
مصطفى الناظر، واحد من المتطوعين بالمبادرة داخل الأقصر، رأى الشاب العديد من الحالات التي احتاجت لنظارة طبية، وكان أولياء الأمور على علم بإصابتهم، لكنهم غير قادرون على شراء النظارة، ومما انتبه إليه أيضًا تلميذ مصاب بمُتلازمة داون "الدكتور قعد يكشف عليه لنص ساعة، وفي العادي الكشف مبياخدش الوقت ده كله، لكن الدكاترة كانوا بيراعوا كل حالة على حدة".
يتم الكشف على التلاميذ عبر 3 أجهزة، دكتورة اسراء تنّقلت بين ثلاث مدارس في الأقصر ومركز منشأة العماري، تذكر أن المرحلة الأولى في عملية الكشف تبدأ بجهاز كومبيوتر يقيس النظر لكنه غير دقيق، ثُم إلى جهاز فحص "بيشوف إذا فيه مية بيضا أو سحابة على القرنية"، وفي حالة عدم وجود أية مشكلات يتم صرف التلميذ، ويذكر رفيق محمود، المدير العام للمبادرة، أن نسبة التدخل الجراحي أقل من 1%.
أما إذا وُجدت مشكلة يتجه الطفل إلى الجهاز الثالث الأكثر دقة لتنظيم النظر، قبل جلوسه إلى ذلك الجهاز يتم وضع قطرة توسيع داخل عين الطفل "القطرة دي بتخلينا نقدر نبقى أكثر دقة"، وتُضيف اسراء أن الكثير من التلاميذ مصابون بضعف النظر "وأكيد ده بيأثر على مستواهم التعليمي"، كما وجدث عدة حالات مُصابة بمياه بيضاء وآخرون بإلتهاب شبكي أو ما يعرف باسم "العشا الليلي"، وتُعلّق الطبيبة أن ذلك المرض من أهم أسباب العمى، ويكون نتيجة زواج الأقارب.
التعامل مع الأطفال يحتاج إلى الرفق كما تقول اسراء، تعوّدت على ذلك عبر تجارب عديدة من بينها قوافل مع الجمعيات الخيرية "الأطفال بيخافوا جدا عشان كدا لازم أطمنهم"، حيث يشعر التلاميذ "كأنهم داخلين امتحان"، تلفت اسراء النظر إلى الأجهزة الحديثة التي وفّرتها الدولة، يخاف الأطفال أيضًا عند استخدام قطرة التوسيع "لازم أنبّهم لأن القطرةأحيانًا بتجيب هلاوس، والطفل بيقعد فترة مش مركز بسببها، فلو فيه طفل بيسوق عجل بنبّه عليه ميسوقهاش وهو مروّح".
قام رفيق محمود، مدير مبادرة نور حياة، بعدة جولات داخل المُحافظات لتفقد سير العملية، يذكر أن المبادرة تعمل عبر طريقين؛ الأول مع تلاميذ المرحلة الابتدائية والثاني مع كبار السن في محافظتي الإسماعليلة والسويس، ويذكر بالنسبة للأطفال فهناك خصوصية للتعامل معهم "لازم يبقى في إطار مرح".
في بداية عمل المبادرة كان شعور الأطفال المُهيمن عليهم هو الخوف "خصوصًا إن فيه جزء من تربيتنا إن النضارة دي تريقة ويتقال على اللي بيلبسها يا أبو أربع عيون"، بدا تغيّر في سلوك التلاميذ مع الوقت "الولاد عجبهم إن النضارات ملونة، لدرجة إن فيه بنات معندهاش مشكلة في نظرها بتيجي عايزة تاخد نضارة".
فيديو قد يعجبك: