13 عامًا من الحُب.. حكاية لقاء أسبوعي لـ"دينا" مع حيوانات "الجنينة"
كتب- محمد مهدي:
تعيس مَن يحب دون لقاء، مَن يملكه الحنين فيعجز عن رؤية أحبائه، الاقتراب منهم، سماع صوتهم، ضحكتهم، عناق الأيادي، لذا تتمسك "دينا ذوالفقار" بموعدها الأسبوعي مع حيوانات حديقة الحيوان، بأشواق "كُل الأحبة" تذهب إلى القردة والجِمال منذ 2005، تنطلق إليهم كُل أحد في الثانية عشرة ظهرا ومعها طعام أعدته خصيصًا لهم وعدد من كراسات الرسم، تقضي معهم ساعتين من السعادة الخالصة "أول ما بدخل الجنينة، في ثانية كلهم يقولوا لبعض وصويت وتنطيط، هما قلبهم بيدق فرحا، وأنا قلبي بيدق قدهم مليون مرة ".
في مساء السبت، تنهمك السيدة الخمسينية في إعداد الطعام "بيض وخضار تحت إشراف الحديقة لأنه مينفعش نديهم أي حاجة" تقوم بإعداد مثلجات لهم في فصل الصيف "بعملهم الفاكهة عصير وبحطها في مكعبات تلج، أول ما يأكلوها تبقى أحسن من الآيس كريم ليهم في الجو دا" ثم تحملها في صناديق صغيرة وتنطلق في صباح اليوم التالي إلى حديقة الحيوان التي تبعد عنها نحو نصف ساعة.
الحيوانات في الأسر، داخل حدائق الحيوان، يفتقدون طريقة حياتهم الطبيعية "عشان كدا فكرت أعملهم برنامج إثراء معيشي وتحفيزي" تضع ذوالفقار الأكل والمثلجات داخل علب "أو أي حاجة عشان الحيوان يدور عليها ويستمتع بالتجربة، ومفيش حاجة بقدمها متقشرة لازم يعملوا الحاجة بنفسهم".
على أبواب الحديقة يعرفها الجميع، تُلقي السلام على الجميع، تسأل عن أحوال الحيوانات، تداعب الكلافين -العاملين المسؤولين عن رعاية الحيوانات- وحين تقترب من أقفاص القَردة تعلو أصواتهم فتهرول ناحيتهم "حبايبي، وحشتوني" تلمس وجوههم وأياديهم، تناديهم بأسمائهم بحميمية "عاملة إيه يا لوزة، وأنت يا كوكو هترسم النهاردة حلو ولا لا؟" تُخرج الأطعمة سريعًا بمساعدة الكلافين، تمر على جميع القَردة تمنحهم الأكل والمثلجات، يلتهمونهما سريعًا وهم يتحركون بسعادة داخل الأقفاص.
تتركهم لدقائق إلى الجهة المقابلة منهم، تدخل جبلاية القرود، تقف بجانب عدد من الكلافين والمتطوعين بجوار بعضهم، توزع عليهم عددا من البيض المسلوق، تنبه عليهم "احدفوا لكل واحد من القرود، حرام لو حد ملحقش يأكل" ثم يلقون جميعًا الأكل في الوقت نفسه، تقفز القردة ناحية البيض، بينما تُشير لهم "كلوا براحة، الأكل كتير" ثم تحاول التقاط صور لهم وعلى ملامحها ابتسامة رائقة.
تعود إلى القردة داخل الأقفاص، تمنحهم كراسات رسم "بجبلهم كراسات وألوان بس شمع مش خشب عشان محدش منهم يتعور" تُحفزهم على أداء أفضل ما عندهم، تقترب من أحدهم "كوكو دا فنان عالمي" تتحدث إلى زوار الحديقة "الشمبانزي 88 % حمض نووي زي البني آدمين، أذكياء جدًا وعندهم قدرة خيالية" يُمسك كلا منهم الألوان والأوراق ثم يبتعد في أحد أركان الأقفاص، يرسمون بخجل وبعيدًا عن الأعين.
دقائق وعاد إليها القرد "كوكو" بورقة قام بتلوينها بصورة عشوائية، تنظر لها باندهاش شديد ثم ترفع الورقة أمام زوار الحديقة بحماس بالغ "بيكاسو يا جماعة، بيكاسووو، شوفوا الجمال" تحتضن يده كأنها تُشجعه "المرة الجاية هاجيبلك ألوان أكتر" ثم تخطو نحو "لوزة" تقول "أغلبهم هنا أعرفهم من وهما لسه صغيرين، اتربوا على إيدي".
مشدوهة إلى "لوزة" تنظر لها بحنو، تتذكر أن لها مئات المواقف مع الحيوانات "أكتر واحد أثر فيا كان مع لوزة" ذات يوم كانت تقف بجوارها "والزوار بيحدفولها بونبوني، لقتها حاطة البونبوناية في إيديا وقفلت عليها، ادتهالي هدية" تدمع عيناها بينما تروي ما جرى، ثم تتجه إلى "ياسر وسلطان" هما الجمال الموجودين بالقُرب من أقفاص القردة.
بلُطف ومودة تُطعم ذو الفقار الجمال، قِطع من الخيار، تبتسم لهم بطفولية "كنت بروح للقرود بس، قولت إزاي أعدي عليهم من غير ما أأكلهم" حين يسألها أحد المارة من المكان "مش البني آدمين أولى؟" ترد بهدوء "الرحمة والاحساس دا لكل كائن حي" تؤكد أنها "ممكن أخلف معادي مع أي إنسان، لكن هما لا، ودا بيبني ثقة وعلاقة كبيرة بينا".
لا تزال دينا مستمسكة بالعلاقة بينها وبين الحيوانات لا تنفك؛ تعتبر أن لقاءها الأسبوعي هو الموعد المقدس، يومها يتبدل بمقابلة الحيوانات خلف الأأسوار، ولذا تكمل مسيرتها بسعادة بالغة.
فيديو قد يعجبك: