كيف تأثرت العمالة والتجارة والمصاهرة بعد زيادة الرسوم على المصريين في ليبيا؟
كتبت - نانيس البيلي:
صدمة كبيرة شعر بها الشاب "عمر المصري"، بعد علمه بقرار رفع رسوم دخول وخروج المصريين من ليبيا، فالشاب المصري - الذي يعمل كهربائي منازل بمدينة زلة الليبية - سيعيد حساباته من جديد، فبعدما كان يتبقى أمامه 3 أشهر ويعود إلى أهله وزوجته في محافظة المنيا، الآن سيضطر إلى البقاء فترة أطول قد تصل إلى عامين، وبدلاً من اصطحاب الهدايا لهم "هوفر ثمنهم أحسن عشان أدفعهم في الجمرك الليبي".
في 2 يوليو الجاري، أعلنت الحكومة الليبية المؤقتة، رفع رسوم الدخول والخروج للمصريين ومركباتهم إلى الأراضي الليبية. وذكرت وسائل إعلام ليبية أن هذا القرار طبقًا لـ"مبدأ المعاملة بالمثل مع مصر"، وقررت كذلك رفع رسوم الدخول والخروج للأشخاص والمركبات من الجانب المصري إلى أراضيها وكذلك مغادرتهم الأراضي الليبية.
لم يختلف الأمر كثيراً بالنسبة إلى "هيثم جمال"، فبعدما سافر ابن محافظة المنيا قبل عامين للعمل في بيع الفراخ والخضراوات بالمدينة الليبية ذاتها، اتخذ قراره بمحاولة التحمل والبقاء في بلاد الغربة أطول فترة ممكنة "عشان صعوبة الحياة في مصر وغلاء الأسعار وقلة فرص العمل"، بينما أصبح ابن الـ23 ربيعًا مجبراً ولا يملك بديلاً آخر سوى إرجاء إجازته "هقعد سنتين تاني، إحنا متأثرين جداً بالقرار وربنا يستر من الأيام اللي جاية".
كانت ليبيا هي أول رحلة خارجية يقوم بها عمر (24 عامًا) بعد زواجه قبل عامين، فمنذ 6 أشهر ودعَ زوجته وطفلته "رَهف" على أمل تحسن الأحوال "وكنت ناوي آخد لهم ملابس وهدايا وألعاب وفلوس وحاجات كتير"، أما هيثم فكان يضع الزواج والاستقرار هدفًا نصب عينيه، كلما هبطت عزيمته تذكر حلمه البسيط
"عاوز أكمل نص ديني وأبني شقة"
يطالب الشابان المصريان بإلغاء القرار "لأنه بيضر بمصالح المواطن المصري وبيغرمه أكثر"، حيث يدفع الفرد الواحد 1000 دينار ليبي قيمة الرسوم أي بما يعادل 6000 جنيه مصري "فرق كبير بين العملة والمبلغ الليبي والمصري".
"إعادة إعمار ليبيا ستكون من خلال العمالة المصرية الماهرة وستفتح ليبيا قريبا أبوابها ومصانعها وشركاتها أمام العمالة المصرية" جاء ذلك على لسان وزير العمل والتأهيل الليبي المهدي الأمين، في حوار مع إحدى الصحف المصرية أواخر إبريل الماضي.
أشار الوزير الليبي إلى أنه ناقش مع نظيره المصري محمد سعفان سُبل تذليل كل الطرق لعودة العمالة المصرية إلى ليبيا في أقرب وقت ممكن، وأن العمالة المصرية لها الأولوية في إقامة المشروعات وبناء المصانع والمدن التي دمرتها الحروب والصراعات اللبيبة على مدار السنوات الـ8 الماضية.
بعد الإطاحة بنظام القذافي بدأت أعداد العمالة المصرية في ليبيا تنخفض تدريجياً، وفقاً لوزارتي القوى العاملة والخارجية المصرية. ويقدر عدد المصريين في ليبيا – بحسب الأرقام الرسمية – نحو مليون و200 ألف مصري.
ودائما ما تحذر وزارة الخارجية المصرية، المواطنين المصريين من السفر إلى ليبيا نظرًا لتردي الأوضاع الأمنية هناك، بالإضافة إلى حوادث خطف وقتل المصريين أشهرهم ذبح 21 مصريا على يد داعش في فبراير 2015.
شاحنات البضائع
سائقو النقل سيكونون الأكثر تأثراً بالقرار، حيث سيضطرون إلى دفع 400 دينار ليبي (2400 جنيه مصري) قيمة رسوم دخول السيارة أو الشاحنة للأراضي الليبية بجانب ألف دينار ليبي (6 آلاف جنيه مصري) رسوم دخول الفرد، بحسب عدد من سائقي النقل الثقيل منهم "محمد حسين"، الذي يقول إن هذه الزيادة ستنعكس على قلة حجم الاستيراد من مصر خلال الفترة القادمة "لأن المستورد الليبي هيضطر يدفع ألف دينار ليبي فوق ثمن البضاعة".
يتوقع السائق الخمسيني أن يظهر تأثير القرار الذي وصفه بـ"السلبي" على حجم التبادل بين مصر وليبيا خلال 6 أشهر، وأضاف أن ليبيا ربما تعدل عن الاستيراد من مصر وتلجأ إلى دول أوروبا مثل إيطاليا وفرنسا "لأنها لما تجيب بضاعة من أي دولة تانية هيبقى أرخص وأوفر لها".
المصاهرة وأزمة الزيارات
مشكلة من نوع آخر أصبح يواجهها الحاج مالك محمد المقيم بمدينة السلوم الحدودية، وله ابنة متزوجة في ليبيا، فبعد القرار سيضطر الرجل الخمسيني إلى دفع ألف دينار ليبي للذهاب ومثلهم للعودة (16 ألف جنيه) في كل مرة يزور فيها ابنته المقيمة في مدينة طرابلس رفقة زوجها وأطفالها.
وهو المأزق ذاته الذي تواجهه عدد كبير من عائلات مرسى مطروح والسلوم وباقي المحافظات الحدودية الغربية، بحسب "مالك"، لأنها ترتبط بأنساب مع أبناء عمر المختار "يعني تقريبا نصها في مصر ونصها في ليبيا".
يفكر الرجل الخمسيني في ترشيد سفره إلى ابنته، بحيث تكون الفترة أطول من 3 أشهر كما اعتاد، بينما يتوقع أن تقوم العائلات المرتبطة بنسب في ليبيا بتقليل الزيارات لذويهم "ممكن يخلوها كل سنة أو سنتين".
فيديو قد يعجبك: