في اليوم العالمي للسكان.. برامج تنظيم الأسرة في مصر لم تحقق أهدافها بعد
تقرير - مها صلاح الدين وأحمد شعبان:
بدأت قصة مصر مع "تنظيم الأسرة" عام 1965، عندما أنشأ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر المجلس الأعلى لتنظيم الأسرة، ليكون تحت رئاسة رئيس الوزراء وقتذاك، وفي عام 1972 عدل الرئيس الراحل محمد أنور السادات القرار ليكون المجلس تحت رئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء.
وفي منتصف الثمانينيات، أنشأ الرئيس السابق محمد حسني مبارك المجلس القومي للسكان، برئاسته شخصيًا، وفي عام 1996، تعدل القرار ليجعل المجلس برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وفي عام 2002 تعدل القرار مرة أخرى ليصبح المجلس تحت رئاسة وزير الصحة والسكان، وعاد مرة أخرى في عام 2007، لرئاسة رئيس مجلس الوزراء، ومجلس إدارة مكون من 5 وزراء.
وفي عام 2009، أصبح المجلس القومي للسكان برئاسة وزير الدولة لشؤون الأسرة والسكان، وصولًا إلى عام 2011، حيث أصدر المجلس الأعلى للقوات المسلحة قرارًا بأن المجلس القومي للسكان يتبع وزير الصحة والسكان.
منذ عام 1980 وحتى الآن، أنفقت برامج تنظيم الأسرة قرابة الثلاثة مليار جنيه، في أكثر من 6000 وحدة تنظيم للأسرة في محافظات مصر.. لكن النتيجة جاءت عكسية، 104 ملايين نسمة في تعداد 2017.
في الثمانينيات، بدأت النساء تستخدمن وسائل منع الحمل، أولها اللولب، ومن بعده بدأت أقراص منع الحمل في الانتشار، وبالفعل بدأت معدلات الخصوبة لدى النساء في مصر تنخفض في الفترة بين عام 1980 وحتى عام 1995، ودشنت حملات إعلامية ضخمة، تحت رعاية قرينة رئيس الجمهورية الأسبق سوزان مبارك، للترويج لبرامج تنظيم الأسرة، فكانت النساء تستمددن معلوماتهن عن تنظيم الأسرة بنسبة 40% من التلفزيون، وبنسبة 27% من الأطباء، وفقًا لبحث بعنوان "الصحة في مصر" نشر عام 2002 على هامش منتدى العالم الثالث، للدكتور سمير فياض.
لكن معدل الإنجاب الكلي شهد انتكاسة بداية من عام 2008، وحتى الآن، علل المركز القومي للسكان ذلك في تقاريره السنوية بتراجع استخدام وسائل تنظيم الأسرة طويلة المفعول، ونقص عدد مقدمي الخدمة خاصة من النساء، وصعوبة الوصول للأماكن النائية، وانتشار المعتقدات المغلوطة المرتبطة بوسائل منع الحمل، مثل أنها تسبب العقم والمضاعفات وتؤثر على العلاقة الجنسية.
وأشار المركز القومي للسكان في تقاريره، إلى تأثير التيارات الدينية على المجتمع وارتكازها على أحاديث ضعيفة تحض على كثرة الإنجاب، وأخيرًا ظاهرة الزواج المبكر وانتشارها في الريف ومحافظات الصعيد.
في يوليو 2017، أطلقت وزارة الصحة والسكان حملة بعنوان "طوق النجاة" لخفض معدل المواليد بنسبة 2.4% ما قد يوفر 200 بليون جنيه للحكومة حتى عام 2030، وقالت وزارة الصحة والسكان في بيان لها أن الحملة تستهدف المناطق الريفية، خاصة العائلات الكبيرة ذات النفوذ فيها، والتي تقاوم الحد من النسل لاعتقادات دينية واقتصادية، عبر 12 ألف رائدة ريفية في 18 محافظة.
وفي مايو من العام الجاري، أطلقت وزارة الصحة والسكان حملة بعنوان "يوم الثلاثاء"، تقدم خلالها الوحدات والمراكز الطبية خدمات مميزة للنساء، وتنطلق خلالها الزيارات الإشرافية بغرض تحسين مؤشرات برنامج تنظيم الأسرة، لمواجهة التحديات خاصة انخفاض معدل استخدام وسائل تنظيم الأسرة الى 58.5%، وزيادة معدل الانقطاع (30%) و نسبة الحمل غير المرغوب فيه إلى (16%).
كما وافق البرلمان المصري في بداية يوليو الجاري على تلقي منحة من الولايات المتحدة الأمريكية بقيمة 29 مليون دولار، لدعم برامج تنظيم الأسرة.
لكن أرض والواقع دائمًا ما تحمل مفاجآت، فبرغم كل ما سبق فشلت تجارب تنظيم الأسرة في القرى الأكثر إنجابًا في مصر، لأسباب مختلفة، لمعرفتها، يمكنكم الاطلاع على ملف (أفواه وأرانب) عبر Cross media من هنا.
لكن الدكتورة مايسة شوقي، نائب وزير الصحة والسكان السابقة، ترى أن الوزارة حققت نتائج جيدة وملموسة فيما يتعلق بتنظيم الأسرة، وقالت: خلال الأعوام من 2012 إلى 2017 شهدنا انخفاضًا في عدد الوفيات وانخفاضاً معدل الزيادة الطبيعية للسكان، ما يعني أن هناك انخفاضاً كبيراً لمعدل المواليد، قائلة "ده معناه إن برامج تنظيم الأسرة شغالة كويس، وفيه إقبال على وسائل منع الحمل".
أشارت "شوقي" إلى أن وزارة الصحة والسكان، تستهدف 60% من السيدات، لكنها تصل إلى 60% من المستهدف فقط، أيضاً هناك 40 % من السيدات يلجأن إلى القطاع الخاص لتلقي خدمات تنظيم الاسرة، وتابعت "نحتاج إلى مضاعفة الجهود لتحقيق النتائج المرجوة، كما أننا نحتاج دراسة لمعرفة الخدمة التي يقدمها القطاع الخاص وأسعارها وهل تتوفر وسائل تنظيم الأسرة أم لا".
أضافت شوقي أن وزارة الصحة تحتاج أيضاً إلى إعداد برامج توعوية عن تنظيم الأسرة والصحة الإنجابية للرجال، وذكرت أنه ينبغي العمل على التوسع في التوعية ببرامج تنظيم الأسرة، لرفع الطلب عليها، ويجب أن تكون الخدمة المقدّمة مستدامة وذات جودة عالية، حتى تحقق النتائج.
فيديو قد يعجبك: