في اليوم الانتخابي الثالث.. ماذا يتمنى بائعو وكالة البلح؟
كتبت-رنا الجميعي:
في ظل الانتخابات الرئاسية بمنطقة بولاق أبو العلا يعمل بائعي وكالة البلح ليل نهار، لا توجد إجازة تسمح لهم بفرصة الإدلاء بصوتهم، تستمر حركة البيع والشراء، دون حديث عن الانتخابات، تخال أنهم لا يهتمون بما يحدث خارج عملهم، لكن ما إن تنفتح السيرة تجد آراء تتباين باختلاف الأعمار.
"هننتخب عمنا السيسي" يقولها "محمد عبد الحافظ" صاحب إحدى المحال يتبادل القفشات مع محمود الذي يعمل لديه، رغم إشارة عبد الحافظ إلى أن وضعه الاقتصادي ساء كثيرًا خلال السنوات الماضية مع ارتفاع سعر الدولار "إحنا بنجيب اللبس بالدولار"، غير أنه يرى أن الوضع الأمني في تحسن.
الانتخابات الحالية ستكون المرة الثانية لعبد الحافظ للانتخاب، التي لا يرى فيها سوى السيسي، يقول ضاحكًا "دا حتى المرشح التاني عامل يافطة بيدعم فيها السيسي"، في إشارة إلى الصورة المفبركة التي انتشرت كتأييد لمرشح حزب الغد "موسى مصطفى موسى".
يتعجب علي محمود -اسم مستعار- من الحديث، يعمل محمود بالمحل الذي يملكه عبد الحافظ منذ سبعة سنين، لم يعنِ لمحمود الانتخابات الرئاسية الحالية "واحد ناجح ناجح بالقوة والتاني برافان" هكذا يصف الشاب الثلاثيني حال المنافسة على مقعد الرئيس.
ورغم أن محمود قد انتخب الرئيس عبد الفتاح السيسي في المرة الماضية عام 2014، لكنه لا يرى أي تحسن في أوضاع البلد خلال فترته الرئاسية. التشبيهات هي الطريقة التي يشرح بها الشاب وجهة نظره "كأننا عايشين في شقة تلات أوض وهو عايز يصلح التلات أوض في نفس الوقت ومش مهم إحنا نعيش في الشارع".
"هو بيقول بعمل للأجيال القادمة طب إحنا فين"، يستنكر الشاب بعض الأحاديث المترامية التي يسمعها بخصوص خطط الدولة للشباب "طب إحنا هنلاقي وقت منين، لما ابقى شغلي ليل نهار لو اتلفت بس مش هلاقي شغل".
رغم هدوء الحال داخل الوكالة، تسيطر الانتخابات على أحاديث العاملين، يسترجع عبد الحافظ ذكرياته مع انتخابات 2012، وأنه لم يُدلي بصوته حينها، لكنه يتذكر كيف امتلأ الجدار أمام محله ببوسترات المرشحين، الذين وصلوا حينها إلى 13، لم يرى عبد الحافظ وقتها أن هناك مرشح مناسب بينهم "مش مقتنع بحد فيهم، من غير ما أسمعهم شكلهم كدا لا يصلح".
منذ 20 سنة يعمل عبد الحافظ بوكالة البلح، عاش تلك الفترة بالمنطقة التي تسوء فيها الأسعار تدريجيًا "كل موسم يبقى خيره أقل من الموسم اللي قبله"، بالنهاية لا يهم عبد الحافظ سوى العيش بأمان، ونزول الأسعار التي ترتفع طيلة الوقت.
على بعد خطوات وقف إبراهيم مسعود –اسم مستعار- مُستندًا إلى صف الملابس، ينتظر أحدهم ليشتري، منذ أكثر من 6 سنوات يعمل الشاب بالوكالة. رغم دراسته بمجال التعدين إلا أنه لم يجد وظيفة مناسبة "حتى لو قدمت على شغل بيبقى معروف هي رايحة لمين"، بنفس المنطق لم يجهد الشاب نفسه في المشاركة بالانتخابات الرئاسية.
لا يرى مسعود داعي للمشاركة، يُشبه الانتخابات الحالية بـ"كأن الواحد بيذاكر وهو عارف النتيجة في الآخر، همتحن ليه بقى".
لم يُشارك الشاب سوى في انتخابات 2012، اختار حينها عمرو موسى، أمين عام جامعة الدول العربية السابق، "وندمت بعد كدا إني اخترته"، فلم يجد مواقفه السياسية كما توقع، نبرة إحباط كانت بادية في كلمات مسعود، لكنه على الأقل يُحاول تحسين مستقبله "بحضر ماجيستير جايز ألاقي وظيفة كويسة".
منذ الثمانينيات يعمل سيد علي بوكالة البلح، يقبض باليومية، كان يكفيه أجره ويعيش به هانئ البال "كنت بحوش منه كمان"، لكن الوضع تغيّر للأسوأ "دلوقت مبقتش عارف أعيش"، وذلك مع ارتفاع موجة الأسعار، يُعدد المشكلات التي يقع فيها "من أول المواصلات وسندوتش الفول اللي بجيبه للفطار، نص اليومية بيروح أعمل ايه بقى مع الإيجار والكهربا والمية".
الأسعار التي حرقت بنارها علي، لا يجد منها مفر أن تكون على لسانه أمام الزبائن "أنا بطرح السعر للزبون وأنا غير راضي"، لا يختلف الرجل الستيني كثيرًا عن تمنيات سابقيه "طب ياريت أرجع بيوميتي القديمة بس الأسعار تقل".
في مطلع عام 80 كان "سيد" شاهدًا على تغيرات عدة بالمنطقة "دي كانت من أحسن المناطق"، يُشير بيديه إلى الحديد الأصفر الذي أغلق جزء من الطريق تمهيدًا للخط الثالث للمترو، قبل أن يقول بحسرة: "نص بولاق راحت خلاص"، لا ينتهي من حصر التغيرات، على يمينه تم إخلاء محال لبناء مول تجاري، يتذكر كذلك المساكن العديدة التي تم هدمها فغيّرت من جغرافية المكان "بس الحكومة عندها حق المباني دي قديمة".
يقف "سيد" مُتحدثًا مع زملائه البائعين مُعلقًا على الانتخابات "دي أحسن انتخابات شفتها"، رغم أنه لم يذهب بعد للانتخاب لكنه يرى ذلك "في وشوش الناس"، يلمح الناخبين بين كبار سن أصروا على النزول وآخرين شباب "كمان الحكومة مسهلة كل حاجة بأمانة"، ينوي علي الانتخاب نهاية اليوم بعد الفراغ من عمله كون لجنته بالمعصرة.
فيديو قد يعجبك: