إعلان

تحقيق كليوباترا.. صُنِعَتْ خارج مصر (الحلقة الثالثة)

11:58 ص الأربعاء 26 ديسمبر 2018

تحقيق كليوباترا.. صُنِعَتْ خارج مصر

الأردن .. الهروب

في يوليو عام 2010، احتفلت قيادات شركة الشرقية "إيسترن كومباني" بافتتاح مصنع جديد لإنتاج التبغ وسجائر الكليوباترا في منطقة الزرقاء بالأردن، كاستثمار مشترك مع شركة "التاج لصناعة التبغ والسجائر والمعسل"، بقيمة 14 مليون دولار.

Eastern Tag

قالت الشركة -في تصريحات صحفية- إن ذلك بغرض التوسع وزيادة حجم صادرات سجائر كليوباترا. وطبقًا لوثيقة التسجيل على موقع دائرة مراقبة الشركات الأردنية، فإن صاحب الملكية الأكبر لشركة "التاج" هو رجل الأعمال الأردني "عيسى يوسف مطيع عيسى"، وقد تأسّست في فبراير 2007 لكن طبقًا لمستندات اتفاقية التصنيع الخارجي التي وقّعت بين الشركة الشرقية "إيسترن كومباني" وشركة "التاج" في أكتوبر 2009، كان ممثلّ الأخيرة رجلُ الأعمال الأردني "عوني يوسف مطيع عيسى" بصفته رئيس مجلس الإدارة، بموجب توكيل من أخيه "عيسى" مالك الشركة، كما مُنحت لشركته رخصةٌ حصرية لتصنيع بعض علامات كليوباترا والمنتجات الأخرى، بالإضافة للتوزيع في بعض الدول التي تحددت أسماؤها في ملحق إضافي لاتفاقية الترخيص.

company

لكن الشراكة بين الشركتين لم تدم طويلا، ففي منتصف عام 2011، أخطرت الشركة الشرقية شركة "التاج" قانونيًا بانتهاء العمل بأحكام الاتفاقية، موضّحة أن الأخيرة أخلَّت بالتزاماتها في شروط التعاقد.

لكن الشركة وضَّحت أسبابًا أخرى في خطاب صادر للجمارك المصرية، ذكرت فيه أن شركة "التاج" أنتجت كميات من سجائر كليوباترا دون إخطارها، كما هرَّبت كميات أخرى إلى السوق المصري، فرفعت الشركة الشرقية دعوى قضائية أمام المحاكم الأردنية ضد شركة التاج برقم 29292/2012، لا تزال متداولة أمام القضاء الأردني.

لكنّ قرار إنهاء الشراكة لم يُوقف استمرار "شركة التاج" عن إنتاج السجائر، لتنشر الشركة الشرقية للدخان في أغسطس 2012 تحذيرًا باللغة الإنجليزية عبر مجلة "توباكو إنترناشيونال" من التعامل مع شركة "التاج" يوضّح إنهاء الترخيص والشراكة بين الشركتين، رغم استمرار شركة التاج في التعامل ببعض العلامات التجارية المملوكة للشركة الشرقية دون ترخيص.

Cancel 2

العديد من الوثائق الصادرة عن الشركة الشرقية للدخان "إيسترن كومباني" -التي حصلنا على نسخ منها- تشير إلى اتهام رجل الأعمال "عوني مطيع" بأنه وراء عمليات إنتاج سجائر كليوباترا وتهريبها في عدد من الدول الأجنبية، خاصة فيتنام، مستخدمًا الترخيص الملغي الذي منحته إياه، بعد توقيع اتفاقية بين شركة "التاج" والشركة الشرقية إيسترن كومباني، لتصنيع منتجاتها في الأردن وتصديرها إلى دول أخرى، لكننا لم نستطع التأكد من هذه الاتهامات.

Awni

لكن في يوليو عام 2018 عندما شكَّلت حكومة أردنية جديدة بقيادة الدكتور عمر الرزاز، وإثر شكوى تقدَّم بها النائب مصلح الطراونة، في أثناء جلسة منح الثقة للحكومة الجديدة، أصدرت السلطات الأردنية قائمة تحوي 30 اسمًا للقبض عليهم ومنعهم من السفر، على رأسهم "عوني مطيع" وأبناؤه "بشار ويوسف" وأخوه "عيسى" مالك شركة التاج التي وقَّعت الاتفاقية مع الشركة الشرقية إيسترن كومباني، بتهمة تصنيع السجائر وتهريبها بطرق غير شرعية، بعد مداهمة 4 مواقع إنتاج يمتلكها "عوني مطيع"، إلا أن رجل الأعمال الأردني تمكن من الهرب إلى لبنان، قبل يوم واحد فقط من إصدار أمر القبض عليه.

Jordan names list

ومع بداية أغسطس 2018، أصدرت السلطات الأردنية مذكرة بحث عن "عوني مطيع" أوردت فيها أنه متهم بارتكاب جرائم اقتصادية وممارسة نشاط غير مشروع داخل الأراضي الأردنية، تمثلت في تصنيع كميات كبيرة من السجائر المغشوشة وتهريبها بطرق غير مشروعة، وترتّب على المتهم دفع رسوم وغرامات جمركية لصالح خزينة الدولة تقدر بنحو 177 مليون دينار أردني (ما يقارب 250 مليون دولار أمريكي) في الفترة من 2004 إلى 2014.

كما أصدر الإنتربول الدولي نشرة دولية حمراء للبحث عن عوني مطيع، ذكرت احتمالية وجوده في لبنان أو تركيا.

Notice

يمتلك "مطيع" العديد من الشركات في الدول الأوروبية المتخصصة في مجال تجارة التبغ وتصنيعه، ففي رومانيا لديه شركة تحت اسم "باشروم 2000"، توضّح أوراق تسجيلها أنها بدأت نشاطها عام 2001، في مجال المعجنات والحلويات والبن والمشروبات، وأضاف لها بعد ذلك في عام 2002 تجارة التبغ وتصنيعه، كما يمتلك أيضًا شركة أخرى تحت اسم "التاج الذهبي للاستثمار" في جورجيا، تأسست عام 2017، ومجال عملها الأساسي تجارة أوراق نبات التبغ وتصديرها.

Awni comp

في تواصلنا مع وصفي أبو رمان، محامي رجل الأعمال عوني مطيع، قال إنه ليس وكيلًا عامًا لرجل الأعمال، وإنما يدافع عنه في قضية جديدة متعلقة بارتكاب جرائم اقتصادية وممارسة نشاط غير مشروع داخل الأراضي الأردنية، وليس لديه علم بخصوص أي نزاع قضائي مع شركة الشرقية للدخان، مشيرًا إلى صعوبة التواصل مع موكله -عوني- للرد على مُعدّ التحقيق في الوقت الحالي، لكن في منتصف ديسمبر قُبض على "عوني" في تركيا بمساعدة الإنتربول الدولي.

لكن في إحدى الوثائق المرسلة من الشركة الشرقية إلى مصلحة الجمارك المصرية في 2015، ذُكر أن "عوني مطيع" مستمر في تقليد سجائر كليوباترا عبر شريك ليبي له في منطقة امساعد بليبيا.

ليبيا .. نقطة تجميع

لم يكن اختيار القائمين على عمليات الإنتاج والتهريب دولة ليبيا عشوائيًا، فهي المكان المثالي حيث تنعدم السيطرة الأمنية منذ عام 2011، وتتقاسم الجماعات المسلحة المتصارعة السيطرة على أجزاء متفرقة من الدولة، مما يسهِّل دخول سفن شحنات السجائر المهربة وخروجها، كما يسهّل عمليات توصيل السجائر للمهربين لينطلقوا بها عبر الدروب الصحراوية لتصل إلى مصر التي تتشارك معها الحدود البرية.

a

في إحدى الوثائق التي قدّمتها الشركة الشرقية للدخان إلى مصلحة الجمارك المصرية في أبريل 2015، لطلب المساعدة على وقف عمليات التصنيع، ذكرت أن وراء عمليات التصنيع والتهريب في ليبيا شخص يدعى "حاتم فرج ارحومة" يمتلك موقعًا إنتاجيًا بمنطقة امساعد الحدودية الليبية، يستغله في تصنيع سجائر كليوباترا وإعدادها للتهريب، بمشاركة رجل الأعمال الأردني عوني يوسف مطيع عيسى.

Awni Hatem

وبالبحث عن رجل الأعمال الليبي اكتشفنا أن "ارحومة" يتمتع بنفوذ كبير في ليبيا، خاصة في الموانى والمنافذ البرية، وله عدة ألقاب، وسبق أن التقى المشير خليفة حفتر، قائد الجيش الوطني الليبي، واختير عضوًا في اللجنة التأسيسية للمنطقة الحرة الليبية بامساعد، في أبريل 2016.

Hatem Libya

"رجل أعمال ليبي، يضمن عمليات إنزال البضاعة عبر البحر إلى الأراضي الليبية وتخزينها ثم تهريبها إلى مصر عبر الصحراء الغربية". كانت هذه بعض كلمات اللواء أحمد عمر، مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات وقتها، في مداخلة هاتفية مع الإعلامي عمرو أديب في فبراير 2017، يتحدث فيها عن رجل أعمال ليبي دون تسميته بعد ضبط شحنة مخدرات كبيرة حمولتها 75 مليون قرص مخدر، كانت على متن حاويات متجهة إلى ميناء بورسعيد ومنه إلى ليبيا.

لكن محكمة جنايات بورسعيد ذكرت في ديسمبر 2017 أن اسمه "حاتم فرج ارحومة" وحكمت عليه غيابيًا بالسجن المؤبد، وتغريمه 500 ألف جنيه، وأن يؤدّي تعويضًا جمركيًا قدره 80 مليون جنيه، حاولنا التواصل مع "حاتم" للحصول على تفسير لما لدينا من معلومات، لكن لم نستطع الوصول إليه.

في أكتوبر 2015 أرسلت الجمارك المصرية بريدًا إلكترونيًا إلى مسؤولي الجمارك الليبية، لإبلاغهم بوجود شحنات سجائر كليوباترا مقلَّدة على متن سفينة أبحرت من ميناء "بار" بجمهورية الجبل الأسود، في طريقها إلى ميناء طبرق بليبيا، ومطالبتهم بالتحفظ على هذه الشحنات واتخاذ الإجراءات القانونية.

جاء رد مسؤولي الجمارك الليبية بعد ذلك بضرورة اتخاذ الشركة الشرقية إجراءاتٍ قانونية من خلال وكيل لها في ليبيا.

لكن في أغسطس 2016، جاء رد الشركة الشرقية للدخان على استفسار الجمارك المصرية بخصوص الإجراءات التي اتّخذتها الشركة لوقف عمليات التصنيع والتهريب لسجائر كليوباترا في ليبيا، كالتالي:

"نظرًا لظروف الحرب في ليبيا، لم تتمكّن الشركة من تعيين وكيل لها لاتخاذ الإجراءات القانونية ضد الشحنات المقلدة التي تدخل ليبيا"

Eastern

لكن سلسلة إنتاج سجائر كليوباترا وتهريبها لم تنته بوصول الشحنات إلى ليبيا ومنها إلى السوق المصري، إذ إن عدم وجود ملاحقات قانونية من طرف الشركة الشرقية إيسترن كومباني ضد القائمين على عمليات التصنيع والتهريب، شجّع تلك الشركات على التوسع في أماكن الإنتاج، ليبدأ فصل جديد من الصراع بينها.

انتظروا الحلقة الأخيرة الأسبوع القادم

لمتابعة الحلقة الأولى:

مصراوي يكشف في تحقيق استقصائي: "كليوباترا.. صُنِعَتْ خارج مصر"

لمتابعة الحلقة الثانية:

كليوباترا.. صُنِعَتْ خارج مصر (الحلقة الثانية)

لمتابعة الحلقة الرابعة : اضغط هنا

*هذا التحقيق تم إنتاجه بدعم وإشراف من شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية "أريج"

بالتعاون مع شبكة البلقان للتحقيقات الاستقصائية

فيديو قد يعجبك:

إعلان

إعلان