بعد مرور 12 عاما.. حكايات من أول انتخابات رئاسية في مصر
كتبت- شروق غنيم:
بحلول السابع من سبتمبر لعام 2005 وبينما تُجرَى أول انتخابات رئاسية في تاريخ مصر، كان يستعد كريم أحمد لخوض تجربته الأولى مع التصويت، بعدما أصبح ملائمًا للشروط بتجاوزه الثمانية عشر عامًا. امتلأ الشاب بالحماس إذ أن رأس السلطة بات في موقع تنافسي بعدما شهده على مدار عشرين عامًا من حياته، بدون خِصم.
قبيل ذلك التاريخ، ومنذ عام 1981 ظل الشعب يخوض استفتاء على تجديد ولاية الرئيس محمد حسني مبارك وقتها، بدون انتخابات رئاسية تحمل مرشحين آخرين، وعلى مدار أربع مرات أُجري فيه هذا الاستفتاء، كانت النتيجة تأتي بـ"نعم" لمبارك، فيما تقفز نسبة الموافقة لـفوق الـ95%.
لكن في مايو 2005، تم دعوة الشعب للاستفتاء على تعديل المادة 76 من الدستور، التي أثّرت، بعدما وافق عليها 83%، بأن ـ"انتخاب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر من جميع أفراد الشعب الذين لهم حق الانتخاب"، وذلك بدلًا من اختيار رئيس الجمهورية بطريق الاستفتاء، بعد ترشيح مجلس الشعب لشخص واحد للرئاسة.
بدت تلك الخطوة بالنسبة للمهندس عمرو ممدوح "فانتازيا". لم يتوقع أن تُجرى انتخابات بالفعل "معقول في حد هيترشح قدام مبارك؟" لاسيما أنه قضى وقتها 24 عامًا في سدة الحكم، فيما بدا الأمر بالنسبة لدكتور جمال عبدالجواد، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، أنه رفع للطموحات السياسية للمواطنين بإمكانية الإصلاح والتغيير، الذي أفضى، بعد ست سنوات، إلى ثورة.
سيطر الجدل حول الانتخابات الرئاسية على نقاشات دائرة ممدوح من الأهل والأصدقاء، آثر عدم التصويت معتقدًا أن النتيجة محسومة، أيقن أن النظام السياسي لن يسمح إلا بفوز مبارك " وإن حركة التعديل الدستوري دي عشان يتقال في حرية في مصر".
تسلل هذا الشعور إلى نفس أحمد حينما ذهب إلى لجنته الانتخابية بإحدى مدارس منطقة المطرية، كانت هناك أمارات تشير تؤكد فوز مبارك. الحزب الوطني الحاكم ينقل مواطنين في عربات للإدلاء بأصواتهم، يساعد من سيصوّت لصالحهم بإعطائهم أرقامهم الانتخابية، بينما ظل هو يروح جيئة وذهابًا دون إرشاد من أحد على مدارس مختلفة لعدم وجود اسمه، فأدى إلى عدم إدلائه بصوته.
وسط العشرة مرشحين للرئاسة وقتها؛ انحاز الشاب العشريني إلى مرشح حزب الغد أيمن نور، لكنه لم يخبر أحدًا بذلك "عشان أحمي نفسي"، ورغم عدم تمكنه من التصويت "بس حسيت إن في أمل". كسرت النتيجة ذلك الحماس بعدما حصل مرشحه على 7.3%، بينما فاز مبارك بنسبة 88.6%، فيما فرح ممدوح بقرار عزوفه عن المشاركة "لو نزلت انتخبت كنت هتحسّر".
لكن عبدالجواد رأى أن ما حدث، حتى إن كانت نتيجته معروفة، فهو "تغيير ضخم للمفاهيم وعملية تحرير للآفاق السياسية للمصريين بأن شرعية الرئيس من الشعب نفسه وهناك منافسة على أعلى منصب للدولة"-بحسب قوله لمصراوي.
شارك أحمد 4 مرات أخرى في فلك الانتخابات بين برلمانية ورئاسية واستفتاء على الدستور، يمزح لأن النتيجة لم تأتِ لصالح رغبته مُطلقًا "أنا مش بتاع مكسب في انتخابات" فيما خاض ممدوح، الشاب الثلاثيني، تجربة التصويت لأول مرة في حياته بعد ثورة 25 يناير 2011 "حسينا وقتها إن في تغيير حقيقي فعلًا".
يعود أحمد بالذاكرة ـ12 عامًا إلى الوراء، يقول إنه إذا كان عَرِف متغيرات نفوس السياسيين فلم يكن سينحاز لنفس المرشح الرئاسي، بينما لا يُبدي أي ندم على حماسه تجاه المشاركة الانتخابية حتى وإن أتت عكس ما أراد، فيما يرى أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية أن انتخابات 2005 كانت نتيجتها الثورة التي حققت هدفها الخاص بإزاحة مُبارك من الحكم.
فيديو قد يعجبك: