من أمريكا.. كيف أحيا مُلحن مصري النشيد الوطني بعد 95 عاما؟
ت-دعاء الفولي:
كان يوسف صادق في السابعة حين عزف نشيد "اسلمي يا مصر" بالمدرسة للمرة الأولى. وعلى مدار 27 عاما لم تبرح المقطوعة عقله، ظل يُجوّد في تلحينها بشتى الطرق، حتى وصل إلى الشكل الذي يرضيه منذ أسابيع قليلة، قبل أن يكافئه القدر بتسجيلها داخل أستديو warnar brothers بولاية لوس أنجلوس الأمريكية.
في يونيو الماضي أعلنت مؤسسة Hollywood Scoring Sessions عن مسابقة تُتيح للمُلحنين والعازفين التقدم بأعمالهم، كي يتم اختيار بعض المقطوعات، ومكافأة أصحابها بعزفها داخل أستديو warner brothers وهو من أعرق أماكن التسجيل الموجودة في الولايات المتحدة.
ما أن سمع العازف المصري بتلك الفرصة حتى بادر بالتقديم "محتاجتش أفكر كتير عشان يكون نشيد اسلمي يا مصر هو اختياري". لم تشترط الشركة الكثير على 28 شخص تقدموا لخوض التجربة؛ فقط نسخة مبدئية من المعزوفة "وبعدها اختاروني انا وأربعة تانيين عشان نسجل جوة الأستديو واكتشفت إني المصري الوحيد فيهم" يقول صادق لمصراوي.
20 دقيقة هي المُدة التي قبع فيها صادق مع الفرقة داخل الأستديو "هو دة الوقت المسموح بيه لكل عازف تم اختياره". سجّل الشاب ذو الـ34 عاما المقطوعة مرتين "عشان نختار النسخة الأفضل"، قاد ستين عازفا "مكنتش شفت حد فيهم قبل كدة.. إدتلهم النوتة وبدأنا العزف من غير بروفة". خرجت الألحان عذبة كالمقطوعة الأصلية التي تم إنتاجها عام 1922، من تلحين صفر علي وكلمات مصطفى صادق الرافعي، غير أن معزوفة صادق بدت أكثر هدوءً "كانت واخدة الطابع الدرامي مش العسكري"، ذلك لأن المُلحن المصري درس الموسيقى التصويرية في أمريكا؛ فتشبع بروحها.
يعيش صادق في الولايات المتحدة منذ أربع سنوات، ذهب لها للتبحر في الموسيقى "درست مزيكا في جامعة بيركلي بكاليفورنيا"، ورغم حصوله على بكالوريوس الاقتصاد والعلوم السياسية من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، غير أن الشغف باللحن والنغمة صاحبه طوال حياته، كما أن استقراره في الغُربة انضوى على مخاطرة "لكن انا قررت أعمل دة عشان الموسيقى.. لأنها أكتر حاجة بتبسطني في الحياة".
لا يُخفي الُملحن المصري التعب الذي انتابه خلال العمل على "اسلمي يا مصر"، الذي أصبح النشيد الوطني منذ إنتاجه وحتى عام 1953. كان يعلم الآلات التي ستعزف معه داخل الأستديو "وعشان أوصّل الإحساس صح كنت لازم أتخيل كل عازف هيعمل إيه وإمتى وإزاي"، لا سيما وأن عزف المقطوعة لم يسبقه تدريبات.
حين انتهت التجربة، حصل صادق على مقطع مُصور بشكل احترافي للعزف، رفعه على صفحته بموقع فيسبوك، لكنه لم يتخيل طوفان التعليقات التي ستصحبه "لقيته واصل لـ400 ألف مشاهدة.. غير الشكر اللي الناس بتقوله".
أعاد النشيد الوطني الذكريات لأذهان المتابعين على موقع فيسبوك، استرجعوا غنائهم إياه داخل المدرسة، كيف ألهبت كلماته حماسهم صغارا وفتيانا، فيض من المشاعر الجيدة اجتاحت صفحة المُلحن المصري، إلا أن أجمل ما لاقاه كان إعجاب أحفاد الكاتب مصطفى صادق الرافعي بالمقطوعة "بعتولي رسالة جميلة.. وكمان أحفاد المُلحن صفر علي بعتولي وكانوا سعداء جدا بالنتيجة".
منذ بدأ صادق مشواره الموسيقي ألف حوالي 12 مقطوعة. يعمل حاليا في شركة لموسيقى التترات وألعاب الفيديو. مازال يحلم بالكثير، بين خلق معزوفات جديدة، وإعادة توزيع القديم بطريقته "زي أغنية أدي الربيع عاد من تاني أو أغنية رهيب لعبد المجيد عبد الله"، متمنيا أن تُتاح له فرص أكثر للاستمرار في المهنة التي يُحب.
فيديو قد يعجبك: